أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

المسجد الأقصى بين إفساد الاحتلال وغفلة المتفرجين

د. أنس سليمان أحمد
الكل يشاهد بالبث المباشر كيف أصيب الاحتلال الإسرائيلي بأعلى موجة هستيريا وهو يتجرع حسراته كل يوم في المسجد الأقصى؟! فيا ويح هذا الاحتلال ما أغباه!! لقد ظن مغرورا أنه سيفرّغ المسجد الأقصى من الأهل الذين يشدّون الرحال إليه ويرابطون فيه كل يوم منذ صلاة الفجر حتى صلاة العشاء!! فتجرأ خطوة وجرّم الرباط في المسجد الأقصى بواسطة قضائه المسيس المنجر خلفه رغم أن القرآن الكريم والسنة النبوية يحثّان على الرباط بوضوح لا ريب فيه!! ثمّ تجرأ الاحتلال خطوة ثانية وراح يختلق التهم الوهمية مدعياً وجود تنظيم إسمه ” المرابطون والمرابطات” في المسجد الأقصى ثم راح ( بناء على إختلاق هذه التهم) يعتقل المئات من المرابطين والمرابطات ويبعد مئات آخرين منهم، ويقتحم على مئات آخرين منهم بيوتهم في ظلمات الليل مدعياً أن كل هؤلاء ينتمون إلى تنظيم المرابطين والمرابطات الوهمي الذي إختلقه هذا الاحتلال من نسيج خياله الحاقد المريض، ثم تجرّأ هذا الاحتلال المنفوخ خطوة ثالثة وراح يعتقل كل من يذكر مصطلح ” المرابطين والمرابطات” على لسانه، مدعياً بواسطة قضائه المسيس المجرور أن فلاناً عندما ذكر مصطلح ” المرابطين والمرابطات” فقد تماهى مع تنظيم محظور، ولأنه تماهى مع تنظيم محظور فقد ثبتت عليه تهمة الإرهاب بالدليل القطعي، وملف محاكمة الشيخ رائد صلاح وسجنه مثال على ذلك، ثم تجرأ هذا الاحتلال المتنفش خطوة رابعة وراح يجرّم كل من يصيح من الأهل مردداً ” بالروح بالدم نفديك يا أقصى” مدعياً هذا الاحتلال بكل وقاحة أن هذا الهتاف هو قنبلة موقوتة!! ويا لهذا الاحتلال ما أغباه!! ثم تجرأ هذا الاحتلال خطوة خامسة وراح يتصرف أشد من تصرف البلطجية والشبيحة الذين ابتلي بهم عالمنا العربي!! حيث راح يعتقل كل من يكبّر في المسجد الأقصى!! أو يوزّع القهوة والحلوى والكعك المقدسي على وفود صلاة الفجر في المسجد الأقصى!! بل راح يصادر بالونات الأطفال ويخطفها من أيدي الأطفال ويتلفها أمام أعينهم في المسجد الأقصى!! وظن هذا الاحتلال أنه بعد أن إرتكب كل هذه الحماقات الظالمة والتافهة فسينفرد بالمسجد الأقصى لوحده هو وسائر من يسير في ركبه الشرير من صعاليكه وصعلوكاته!! ولكن هيهات هيهات!! ها هم المقدسيون، وهام هم الأهل في الداخل الفلسطيني الممتد ما بين الساحل والنقب والمثلث والجليل، ها هم يتنافسون على كفالة الحافلات لتوفير النقل المجاني لكل مواقع الجغرافية الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى، بعد أن حظر الاحتلال الإسرائيلي مؤسسة البيارق التي كانت توفر عشرات الحافلات يومياً لنقل الأهل مجاناً من كافة مواقعهم في الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى. وها هي وفود المرابطين والمرابطات من بيوت القدس ومن بيوت الداخل الفلسطيني لا تزال تشد رحالها يوميا إلى المسجد الأقصى بالمئات والآلاف بل وعشرات الآلاف ومئات الآلاف في بعض الأيام والصلوات والمناسبات!! وها هي لا تزال ترابط في كل رحاب المسجد الأقصى: في مصلى الرحمة وفي المصلى المرواني وفي مصلى قبة الصخرة وفي مصلى الأقصى القديم وفي مصلى البراق وفي مصلى الجامع القبلي المسقوف وفي كل بقعة من ساحات المسجد الأقصى وتحت كل شجرة زيتون وصنوبر من أشجاره، صيفا وشتاء، وليلاً ونهارا، منذ الفجر الصادق حتى عتمة العشاء، ما بين قائم وقائمة فيه، وما بين راكع وراكعة فيه، وما بين ساجد وساجدة فيه، وما بين ذاكر وذاكرة فيه، وما بين داع وداعية فيه، وما بين باك وباكية فيه، وما بين مرتل ومرتلة فيه، وما بين صائم وصائمة فيه، وكلهم كانوا ولا يزالون يرددون: إنا المرابطون والمرابطات لله تعالى في المسجد الأقصى المبارك، وفي القدس المباركة، وفي كل شبر من أرضنا المباركة، وفي كل بيت وخيمة وخربوش من بيوتنا الصامدة وخيامنا الصابرة وخربوشاتنا الشامخة في وجه الظلم الإسرائيلي والقهر الإسرائيلي والإفساد الإسرائيلي!! وها هي حافلات كل صلاة فجر عظيم لا تزال تزحف بعد منتصف كل ليلة جمعة من الجليل والمثلث والنقب والساحل إلى المسجد الأقصى لا يضرها من خالفها أو خذلها حتى يأتي أمر الله تعالى، وها هم رجالها ونِعم الرجال، وها هنّ نساؤها ونِعم النساء، وها هم شبابها ونِعم الشباب، ها هم يصرون على الوضوء في بيوتهم والصلاة في المسجد الأقصى في كل صلاة فجر عظيم يطل على المسجد الأقصى مع بداية كل يوم الجمعة، ولا ينكسرون لحواجز الاحتلال الإسرائيلي، ولا لقيوده ولا لسياطه، بل يواصلون هذا الزحف العظيم للرباط العظيم في كل فجر عظيم مع بداية كل يوم جمعة عظيم في المسجد الأقصى العظيم، حتى وإن حال الاحتلال الإسرائيلي الأهوج بينهم وبين المسجد الأقصى ليوم أو لأسبوع أو لشهر أو لعام أو لأكثر إذ سرعان ما يعودون عودة شوق إلى المسجد الأقصى يرددون متندرين وناظرين إلى الاحتلال الإسرائيلي:
ما أطيب الأذى وما ألذ المعاناة وما أعذب اللأواء وما أزكى الشدة وما أثمن المحنة في طريق الوصول إلى المسجد الأقصى في كل يوم من حياتنا حتى نلقى الله تعالى!! لكل ذلك بات الاحتلال الإسرائيلي هزيلاً أمام شموخ طائفة المرابطين والمرابطات شيوخاً وعجائز ورجالا ونساء وشباباً وأطفالاً ،الظاهرة على الحق والمنصورة بإذن الله تعالى، وبات هذا الاحتلال الأجوف يتميز من الغيط كالذي يتخبطه الشيطان من المس كلما رأى من أهلنا رجلاً أو امرأة أو شاباً او طفلا في المسجد الأقصى، وبات ينقض بسياطه كل يوم على أعزل أو عزلاء لا لسبب إلا لأنه وجد أحدهم يصلي عند باب الرحمة أو يقيم حلقة علم أو ذكر فيه أو يقيم مائدة إفطار للصائمين والصائمات تطوعاً كل يومي إثنين وخميس في كل أسبوع!! وكم بات أهل الأرض يرون بالبث المباشر كل يوم كيف أن الاحتلال الإسرائيلي جرّ مرابطاً من ثيابه، أو جرّ مرابطة من ثيابها وهم ساجدون في المسجد الأقصى، وكيف أن هذا الاحتلال المشؤوم أسقط مرابطاً على الأرض وداس عليه، أو أسقط مرابطة على الأرض وداس عليها وهو في روضة إستغفار وتسبيح وتحميد وتكبير في المسجد الأقصى، وكيف أن هذا الاحتلال بات يعتدي على وقار شيبة آبائنا وأمهاتنا وهم يحيون المرابطين يحيون المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى ويقدمون لهم الشاي ومناقيش الزعتر والزيتون!! فيا بعض أهلنا وهم قلة، من فئة المتفرجين من بعيد على مشهد بطولة صبر ومصابرة ومرابطة المرابطين والمرابطات – شيوخاً وعجائز ورجالا ونساء وشبابا وأطفالا – في المسجد الأقصى!! يا أيها المتفرجون سامحكم الله تعالى أولاً!! ثم احذروا أن يخدعكم الاحتلال الإسرائيلي بإعلامه المضلل، ويوهمهم أن أجيال المرابطين والمرابطات سواء كانوا صغاراً أو كباراً هم من يفتعلون الشغب في المسجد الأقصى!! احذروا أن تقعوا في هذا الوهم المعيب، لأن هذا الوهم المعيب بدأ يدفع البعض منكم أن يسئ الظن في كبار وصغار المرابطين والمرابطات، وأن يسلقهم بلسانه مدعياً – ثرثرة-: أن فلانا أو فلانة من كبار وصغار المرابطين والمرابطات، هم من يفتعلون الاحتكاك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى، وهم من يجرّون على أنفسهم الضرب والسحل والاعتقال واقتحام بيوتهم!! لا وألف لا يا معشر المتفرجين من بعيد!! كم أحزن عليكم لأنكم وقعتم في حبائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي الدجال، ورحتم ترددون من بعيد ما يردد من حيث لا تقصدون، ولو سمح خاطركم وزحفتم مع الزاحفين إلى المسجد الأقصى ورابطتم فيه ولو لمرة واحدة، لمأ صدوركم وصدوركن حسرة الندم على ما قلتم يوماً، جهلاً منكم ومنكن وليس عن سبق إصرار، في حق المرابطين والمرابطات الذين هم في نهاية الأمر هم لنا ولكم ولكنّ الآباء والامهات والأخوة والأخوات والأبناء والبنات، فيا ليتكم تتركون سوء ظنكم وثرثرتكم، ويا ليتكم تزحفون مع أهلنا في المسجد الأقصى مرددين: بالروح بالدم نفديك يا أقصى، معبرين بهذا الهتاف أن المسجد الأقصى أغلى عليكم من أرواحكم ودمائكم، وليس كما شوّه معناه القاضي بنجو عن سبق إصرار حتى يتسنى له سجن الشيخ رائد صلاح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى