أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

من سراب بدأت القائمة المشتركة وإلى سراب ستعود

طه محمد اغبارية
إن أي مراقب لخطاب ومواقف القائمة المشتركة من السهل عليه أن يدرك أنها قامت بناء على ظن القائمة المشتركة أنها ستنجح بفرض نفسها كجزء من حكومة الجنرال غانتس ، وبذلك ستنجح بفرض شروطها ومطالبها على حكومة الجنرال غانتس، وهكذا سيكون لها دور مؤثر في الكنيست وستخرج من دائرة الكنيست الصفرية إلى الكنيست ذات الإنجازات، هكذا ظنت القائمة المشتركة، وكي تمهد الطريق لتحقيق هذا الظن أوصت بالجنرال غانتس رئيسا للحكومة الإسرائيلية، وتجرأت وفكَّت الارتباط بينها وبين قضايا شعبنا الفلسطيني يوم أن قدَّمت القضايا المطلبية على القضايا الوطنية، وكأن جماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني هي شعب آخر يختلف عن الشعب الفلسطيني في القدس المباركة وغزة العزة والضفة الغربية والشتات، ثم تجرأت أكثر وبدأت تحرص على عقد مقابلات في مختلف وسائل الأعلام العبرية بغية أن تقدم نفسها للمجتمع الإسرائيلي على أنها معسكر الاعتدال في مسيرة مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وقد صبّت –تحديدا- تصريحات كل من أيمن عودة ومنصور عباس ووليد طه واحمد الطيبي في هذا الإتجاه، فهم الذين أكدوا أكثر من مرة أن قواعد اللعبة في الكنيست لن تظل كما كانت في الماضي ولن يتبنوا مبدأ (بطيخ يطبش بعضه) من الصراع القائم بين معسكر نتنياهو ومعسكر غانتس، بل سيدعمون معسكر غانتس، ولن يرضوا لأنفسهم أن يكون وجودهم في الكنيست مجرد تمثيل شكلي، ولذلك لا حرج لديهم أن يلجوا في لعبة الصراع الكنيستي الدائر بين معسكر نتنياهو ومعسكرغانتس لصالح معسكر غاتس، كل ذلك حتى يقولوا فيما بعد: ها نحن حققنا إنجازات في لعبة الكنيست، ولم نكن مجرد وجود عددي فيها، وأثبتنا أن لنا الصوت المؤثر في لعبة الكنيست ولم نكن مجرد ظاهرة صوتية شكلية فيها. وكي تنجح القائمة المشتركة بالترويج لهذا الظن القائم على الوهم، فقد بدأت تستغل أوجاع جماهيرنا الكادحة وراحت تعد أنها ستقضي على ظاهرة العنف في مسيرة مجتمعنا وستمنع هدم البيوت وستعالج أزمة البطالة وستدفع مسيره التعليم نحو الأمام … إلخ ، وهي ذات الوعود التي كان قد وعد بها أول عضو كنيست عربي قبل أكثر من سبعين عاما، ثم لم يتحقق منها أي شيء يُذكر، وكي تستثير القائمة المشتركة حميّة جماهيرنا الكادحة راحت تدَعي أنها ستقف سداً في وجه نتنياهو واليمين الإسرائيلي، وسكتت عن سبق إصرار عن غانتس وحزبه (كاحول-لافان)، وكأن غانتس ليس هو ونتنياهو وجهين لعملة واحدة، وكأن حزبه (كاحول-لافان) ليس يمينا إسرائيليا، ولكن وكما يقول مثلنا الشعبي ( لم تأت العتمة على قدر يد الحرامي ) ها هو غانتس وحزبه (كاحول-لافان) لا يفوتان فرصة إلا ويصرحان فيها أنهما لن يقبلا بالقائمة المشتركة شريكا في ائتلافهم الحكومي، سواء دعمت ائتلافهم وهي في داخله أو من خارجه. فها هو غانتس قد صرَّح قبل أسبوعين خلال افتتاح مقر انتخابي لحزبه قي قرية البعنة قائلا: (بيني وبين القائمة المشتركة يوجد الكثير من الخلافات العميقة بكل ما يتعلق بالسياسية القومية والأمنية لدولة إسرائيل..)!! وأضاف: (.. وأنا أعيد وأكرر، لا أخاف أن أتحدث مع أي مصدر سياسي مهم، لكن القائمة المشتركة لا تستطيع أن تكون جزءاً من حكومة سأقيمها)!! وإلى جانب ذلك فقد قال أعضاء من حزبه (كاحول- لافان): (لن نحتاج دعم القائمة المشتركة من الخارج ولن نطلب ذلك)!! وكان غانتس قد صرَّح أكثر من مرة أنه سيلتزم بصفقة القرن وسيعمل على تنفيذها إن هو تولى منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية إلا من بعض بنودها الفرعية، وهذا يعني أنه سيعمل على تهويد القدس وفرض سيادة الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى، وعلى ضم غور الأردن والمستوطنات الاحتلالية الإسرائيلية الى السيادة الإسرائيلية، وعلى ضم مناطق (بي وسي) من حدود نفوذ السلطة الفلسطينية إلى السيادة الإسرائيلية، وعلى إلغاء حق العودة!! ومما زاد وضوح يمينية وجه (كاحول –لافون) حزب غاتس، ها هو عضو الكنيست يوعاز هنديل عن حزب (كاحول-لافون) صرّح إلى صحيفة هآرتس العبرية قائلا: (… أنا أعتقد أن الثقافة العربية من حولنا هي غابة)!! وكان قد قال في تصريح سابق له: (… ثقافتي أفضل من ثقافة العرب، وأنا لا أريد أن أشبه بالعرب)!! وفي الوقت الذي نؤكد فيها أنه لا يُشرّفنا ثقافة هذا المدعو هنديل، ولا يشرّفنا أن يُشَبَّه بنا أو نُشَبَّه به إلا ان فحيح عنصريته ويمينيته يسري في كل حرف من تصريحاته!! ثم بعد كل ذلك أما تزال القائمة المشتركة تواصل الادّعاء أنها ستدعم حكومة غانتس وحزبه (كاحول –لافان) وستكون جزءاً منها وستشد بها أزرها كي تحقق كل المطالب الحارقة لجماهيرنا الكادحة، وكي تتصدى لنتنياهو واليمين الإسرائيلي، وكي تسقط صفقة القرن، وكي تدعم القضية الفلسطينية!! إن مثل هذه الاقوال المتناقضة لو رددتها القائمة المشتركة كل يوم مئات المرات ما عادت لتنطلي على أحد، وبات من الواضح أن القائمة المشتركة لو حصلت على أربعة عشر مقعدا أو أكثر أو أقل فكأنها لم تحصل على شيء، وستبقى تحاول الادّعاء –وهما وعبثا – أنها ستصنع المعجزات يوم أن تنضم الى حكومة برئاسة غانتس وحزبه (كاحول-لافان) وهو ما يرفضه سلفا بالفم الملآن غانتس وحزبه، وحتى لو فكرت القائمة المشتركة بخطوة انتحارية وهي الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو وحزبه الليكود فستجد الباب في وجهها موصدا بأحكام، وهكذا بين رفضها ونبذها وصدها من قبل غانتس وحزبه ومن قبل نتنياهو وحزبه ستبقى القائمة المشتركة تجري وراء سراب، وستبقى تعد جماهيرنا الكادحة بالسراب، وستبقى محصلة وجودها في لعبة الكنيست تساوي صفرا، كما كانت محصلة من سبقها من أعضاء كنيست عرب منذ أكثر من سبعين عاما!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى