أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

بعض الجمعيات النسوية وحصان طروادة

بعض الجمعيات النسوية وحصان طروادة
أمية سليمان جبارين (أم البراء)
في عام ١٩٨٩ خاضت الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا انتخابات بلدية أم- الفحم رئاسة وعضوية، وقد تضمنت قائمة مرشحيها للعضوية في ذاك العام بعض النساء الناشطات محليا في أم-الفحم، وحتى ذاك العام كانت بعض الجمعيات النسوية لا تزال في بدايات تكوينها وفي بدايات بحثها عن صناديق داعمة سواء كانت أوروبية أو أمريكية أو صهيونية، والمثير في الأمر أن تلك الجمعيات النسوية يومها لم تبارك خطوة تلك الحركة في ترشيح تلك النساء الناشطات على اعتبار أنها خطوة متقدمة في ذاك العام تهدف إلى فتح المجال للمرأة إلى جانب الرجل للإسهام في الحراك السياسي، سيما وأنه حتى ذاك العام لم تقم الأحزاب التي تغنت بحقوق المرأة بخطوة ترشيح نساء من طرفها، وليت تلك الجمعيات النسوية التزمت الصمت، لكان أفضل لها، بل راحت تدَّعي أن الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا يوم أن قامت بترشيح بعض النساء في قائمة مرشحيها للعضوية فقد استغلت المرأة كحصان طروادة بغية كسب الصوت النسائي في أم -الفحم لصالحها!!
ويبدو أن تلك الجمعيات النسوية قد جُنَّ جنونها من تلك الخطوة التي قامت بها تلك الحركة لأن تلك الجمعيات النسوية أرادت سلفا منذ تأسيسها أن تستفرد بقضية المرأة إلى حد الاستبداد، وألا ينازعها أحد على هذا الدور، ثم أن تستفرد هي بقضية المرأة كحصان طروادة للوصول إلى مآربها التي لم تكن قد كشفت عنها بالتفصيل في ذاك العام ١٩٨٩!!
وهذا ما يدعوني أقول إن تلك الجمعيات النسوية هي التي كانت ولا تزال تستغل هموم المرأة ومعاناتها وطموحاتها كحصان طروادة لتبرير وجودها كجمعيات نسوية قامت لنصرة المرأة، ولاصطناع قيمة لوجودها كي تحظى بالتقدير عند الصناديق الداعمة ثم تواصل هذه الصناديق دعمها بملايين الدولارات، ثم لتتسلل هذه الجمعيات النسوية إلى المجتمع النسائي بغية اختراقه وبث أفكارها الهدّامة فيه بقبَّعة نصرة المرأة، ثم لاستقطاب أكبر عدد من المجتمع النسائي وتجنيده لمناصرة هذه الجمعيات النسوية والانجرار وراءها ووراء أفكارها انجرار أعمى دافعه الثقة العمياء بهذه الجمعيات النسوية !!
ثم مضى عام ١٩٨٩، وتوالت الأعوام بعده وها نحن نعيش في مطلع ٢٠٢٠، ويبدو أن هذه الجمعيات النسوية قد ظنت أن ساحة المرأة قد خلت لها بلا منافس سيما بعد حظر الحركة الإسلامية إسرائيليا في أواخر عام ٢٠١٥، وسيما وقد كان من ضمن ذاك الحظر حظر جمعيات نسائية كثيرة كانت ناشطة في كل ميادين الحياة كجزء من تلك الحركة أو من حاضنتها الشعبية، ومن أراد الوقوف على تعريف هام عن كل هذه الجمعيات النسائية التي باتت محظورة إسرائيليا فأنصح، بقراءة كتاب (إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا) للشيخ رائد صلاح، ثم أعود وأقول يبدو أن تلك الجمعيات النسوية لما شعرت أن ساحة المرأة قد خلت لها راحت تجاهر بأفكارها، وراحت تصّرح بشعاراتها الملغومة كقولها ( المرأة تملك جسدها)، وكمواصلة إشاعتها وَهْم ( المجتمع الذكوري)، ثم مجاهرتها العلنية بإباحة الزنا والشذوذ الجنسي للمرأة من باب احترام حقوقها الشخصية، وقد تحدثت عن هذه الشعارات وكشفت عن مدى خطورتها وتفاهتها في مقالاتي السابقة في الأسابيع الماضية ثم أضيف ما يلي:
لأن تلك الجمعيات النسوية قد استغلت قضية المرأة كحصان طروادة فقد حاولت أن تتسلق على قضية ميراث المرأة في السنوات الماضية وحاولت أن تقيم مؤتمرات نسائية حول ميراث المرأة وكأنها حامي حمى ميراث المرأة وسائر حقوقها، علما أن الذي رفع الظلم عن المرأة ورد لها حقها في الميراث الذي فرضه لها القرآن والسنة، وإن الذي حقق ذلك نصرة للمرأة هي الصحوة الإسلامية في الداخل الفلسطيني.
حاولت هذه الجمعيات النسوية أن تستغل معاناة بعض النساء في قضايا الطلاق والنفقة والحضانة كحصان طروادة، بغية ضرب المحاكم الشرعية الإسلامية وتجريدها من صلاحياتها، وحتى تحقق ذلك فقد تواصلت مع بعض أعضاء كنيست عرب في منتصف التسعينات لدفعهم لانتزاع مصادقة من الكنيست على ما سمته تلك الجمعيات النسوية بقانون الأحوال الشخصية الذي أرادت من ورائه شطب المحاكم الشرعية الاسلامية وتوجيه قضايا الطلاق والنفقة والحضانة إلى القضاء المدني الذي يعرف معظم قضاته عن المريخ أكثر ما يعرفون عن حقوق المرأة في الإسلام.
كانت هذه الجمعيات النسوية ضمن من ساهموا بالضغط على بعض القوائم الكنيسيتية لإقرار قانون في الكنيست يبيح الشذوذ الجنسي للرجال والنساء، فكان أن صوَّت أعضاء الكنيست عن (الجبهة) لصالح ذاك القانون، وكان أن امتنع أعضاء الكنيست عن التجمع والحركة الإسلامية الجنوبية عن معارضة ذاك القانون، ولو عارضوا لسقط ذاك القانون، ولكن تمت المصادقة عليه في الكنيست بفضل أصوات الكنيست العرب، سواء من أيَّد منهم ذاك القانون، أو امتنع عن معارضته وهكذا واصلت تلك الجمعيات النسوية نفث أفكارها المدمرة.
ثم لم تجد حرجا بعد ذلك تلك الجمعيات النسوية أن تقيم مؤتمرات ومظاهرات لمناصرة الشذوذ الجنسي، وعلى سبيل المثال فقد أقامت مظاهرة عام ٢٠١٩ لمناصرة الشذوذ الجنسي في حيفا، وكان من ضمن من تصدر تلك المظاهرة عضو الكنيست عايدة توما.
الأمر الذي دفع الكثير للتحذير عبر صفحات تواصلهم ومواقعهم من خطورة هذه الأفكار الهّدامة التي باتت تبثها بعض الجمعيات النسوية، وعلى سبيل المثال استوقفتني هذه التغريدة في شبكات التواصل: ( إحموا مجتمعنا من الجمعيات التي تدخل علينا كجمعيات تطوير مجتمعي وتأتي لمؤسساتنا ومدارسنا لشرعنة الشذوذ الجنسي والعلاقات خارج إطار الزواج وشرعنة الممارسات الشاذة، وعلى رأس هذه الجمعيات هي جمعية منتدى الجنسانية التي إما تدخل باسم الجمعية أو تدخل بأفرادها دون ذكر اسم الجمعية. أيتها المستشارة التربوية، أيتها العاملة الاجتماعية، أيها المدير، يا حضرة أقسام التربية في المجالس المحلية، أعدوا الجواب يوم تقفون أمام الله ويسألكم عن الأجيال …. حضرة الأب/الأم، حضرة لجان الآباء انتبهوا لما يُمرر لأطفالكم عبر هذه الجمعيات ولا تظنوا خيرا بالعناوين الرنانة والمسميات الجميلة لمحاضراتهم)!!!
بناء على ما أوردته في السطور السابقة فإنني أدعو إلى إقامة هيئة نسائية في الداخل الفلسطيني ذات تمثيل يمتد في الجليل والمثلث والنقب والساحل للوقوف في وجه هذه الجمعيات النسوية التي تتاجر باسمنا علما أننا لم نخولها بذلك، ولا نرضى أن تمثلنا في يوم من الأيام، والتي باتت تستغل قضايانا نحن النساء كحصان طروادة للحصول على مكتسباتها وبث أفكارها الهدَّامة كما شرحت ذلك في السطور السابقة
نحن معاشر النساء لنا حقوقنا، ولنا دورنا، ولنا كلمتنا، وفي المقابل لنا ثوابتنا التي نعتز بها ونفتخر بالانتماء إليها، ولم يكن هناك في يوم من الأيام تضارب بين ثوابتنا من جهة وحقوقنا ودورنا وكلمتنا من جهة أخرى، ونحن مطالبات أن نجمع بينها في أرقى تكامل، وإن أية جمعية نسوية تحاول اصطناع تضارب بينها فهي تضر بنا وبثوابتنا، ولذلك نحن في مرحلة حساسة ومصيرية، ولا بد من إقامة هذه الهيئة النسائية كي تمثل المظلة الصافية للدفاع عن ثوابتنا إلى جانب دفاعها عن حقوقنا ودورنا وكلمتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى