أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

مصيدة إنسداد الأفق

عبد الإله وليد المعلواني
إن انسداد الأفق في مسيرة فرد قد يدفعه للانتحار إذا لم يكن- أصلا- مسلحا بسلاح الإيمان بالله تعالى والتوكل عليه والرضا بقدره خيره وشره، فكيف إذا كان انسداد الأفق في مسيرة مجتمع؟! وكيف إذا كان في مسيرة أمة؟! ولذلك إن أخطر ما يواجه اليوم قطاعات من شعبنا الفلسطيني بعامة ومن الجماهير الفلسطينية في الداخل الفلسطيني (النقب والجليل والمثلث والساحل) بخاصة هو انسداد الأفق، حيث باتت هذه القطاعات الواسعة الفلسطينية لا ترى لها مستقبلا على المدى القريب والبعيد وباتت تنظر إلى يومها وغدها وكأن على عينيها غشاوة، حيث باتت لا تعرف ماذا ينتظرها وماذا ينتظر أولادها وأحفادها؟! وماذا سيكون مصير القضية الفلسطينية بعامة؟! وماذا سيكون مصير القدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة؟! وبات مصير اللاجئين في رؤيتها مجهولا!! وبات مصير هذه القطيعة بين الضفة الغربية المحتلة وغزة المحاصرة مجهولا وكذلك مصير المفاوضات وهل ستقود إلى دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة أم لا!! وكذلك مصير أسرى الحرية الذين مات بعضهم في السجون الإسرائيلية، وشاخ البعض فيها بعد أن دخلها وهو في ريعان شبابه، وولد البعض فيها بعد أن دخلت أمه الأسيرة إلى هذه السجون وهي حامل به في جنينها، وكذلك مصير مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي التي مزّقت الضفة الغربية؟! ولا تزال حدة انسداد هذا الأفق تزداد يوما بعد يوم، لدرجة أن هذه القطاعات الواسعة من شعبنا الفلسطيني التي بات يحاصرها هذه الإنسداد في أفقها أصبحت لا تعرف ماذا تريد؟! وما هي مطالبها؟! بل أصبحت لا تجيد تعريف فلسطين ولا تعريف القضية الفلسطينية؟! وباتت تتساءل في ذهول: هل فلسطين هي فلسطين التاريخية؟! أم هي الضفة الغربية لوحدها؟! أم التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية سوى المستوطنات الاحتلالية الإسرائيلية المغروزة فيها؟! أم هي غزة المحاصرة؟! أم هي كونفدرالية صفقة القرن؟! وهل القضية الفلسطينية هي قضية كل فلسطيني في العالم بما في ذلك فلسطينيي الشتات والقدس والداخل الفلسطيني (48) إلى جانب فلسطينيي الضفة الغربية المحتلة وغزة المحاصرة أم ماذا!!
إن ممّا لا شك فيه أن مصيدة إنسداد هذا الأفق قد ولّدت في داخل هذه القطاعات الواسعة من شعبنا الفلسطيني الشعور بالإحباط أو الشعور باليأس أحيانا!! بل الشعور بالضعف والوهن واللاحول لها ولا قوة، وكأنه ما عاد بالإمكان أحسن مما كان، بل كأنه ما من يوم إلا وهو أثقل عليها ممّا سبقه من أيام، وكأن الظلم والقهر والاحتلال بات هو سيد الموقف، وكأن الذي يدعو إلى الصبر والمصابرة والرباط والصمود بات يعيّر على ذلك أشد مما يعير الخائن على خيانته، وكأن هناك زمرة من شياطين الإنس من بني جلدتنا وغيرهم قد رتبت كل ذلك وأحكمت مصيدة إنسداد الأفق على هذه القطاعات الواسعة من شعبنا الفلسطيني في كل مكان!! وفي جحيم هذه المصيدة صمتت أغلبية هذه القطاعات الواسعة صمت المستسلم أو صمت المغلوب على أمره او صمت الرضا (وهي النسبة النادرة) عن التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي!! وصمتت عن مواصلة حصار غزة برا وبحرا وجوا منذ عام 2006 حتى الآن أي منذ أول انتخابات للمجلس التشريعي شاركت فيها حماس!! وصمتت عن مواصلة تهويد القدس المباركة وفرض الأسرلة بالقوة على الأهل المقدسيين فيها في كل مناحي الحياة بما في ذلك التعليم والصحة وأسماء الحارات المقدسية وشوارعها وجبالها وأوديتها وآثارها ومقدساتها!! وصمتت عن الإعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى المبارك وعلى وفود المرابطين والمرابطات فيه!! وفي جحيم هذه المصيدة بات الكثير من أهلنا في الداخل الفلسطيني (النقب والجليل والمثلث والساحل) يسيرون كما يسير المكب على وجهه!! وكأن الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية قد أرهقه حملها منذ عقود وعقود، وكأن البعض من هؤلاء الأهل بات يتمنى أن تتحقق تلك اللحظة التي يستريح فيها من تلك الثوابت!! وإن ممّا لا شك فيه أن دهاقنة السياسة من بني جلدتا وغيرهم قد أدركوا حقيقة حال هؤلاء الأهل المتعثّر والمحموم ولأنهم أدركوا هذه الحقيقة فوسط هذه الأجواء من جحيم مصيدة انسداد الأفق سحبوا من جارورهم مبادرة (القائمة المشتركة)، وتعاونت على إخراجها المسرحي أموال محمد بن زايد في الإمارات عبر خط دحلان- الطيبي وأموال الصناديق الصهيونية في أمريكا، وكأنه بات المطلوب من الأهل في الداخل الفلسطيني السكوت أو أن يصفق البعض لما يلي:
إعلان أيمن عودة أولا عن استعداده للتحالف مع اليسار الصهيوني.
ثم التوصية بالجنرال غانتس رئيسا للحكومة الإسرائيلية.
ثم المجاهرة بتقديم المطلبي على السياسي الوطني.
ثم إعلان البعض من أعضاء القائمة المشتركة أنه على استعداد للإئتلاف مع حكومة برئاسة نتنياهو أو حتى ليبرمان.
ثم إلى جانب ذلك تباهى أيمن عودة بمشاركته في مؤتمر المنظمة الصهيونية الأمريكية (جي ستريت) في أمريكا.
وكي تمر كل هذه الخدع على الأهل في الداخل الفلسطيني قامت محاولات محمومة لإضفاء البطولة على (القائمة المشتركة)، وكأنها هي التي أطاحت بنتنياهو وباليمين الإسرائيلي، وهي خدعة كبرى ليس إلا!! ثم إن أخشى ما نخشاه إذا طالت مرحلة إنسداد الأفق أن يبرز من بين الأهل في الداخل الفلسطيني من يدعو صراحة إلى الأسرلة والتباهي بها، ثم التباهي بالخدمات المدنية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية، ثم تقمّص شخصية الخواجا في الطعام والشراب واللباس واللغة والعلاقات الاجتماعية!!
فهل يريد البعض أن يستنسخ مشهد مصير الأندلس على مصير القدس المباركة ثم مصير الأهل في النقب والمثلث والجليل والساحل ثم مصير الأهل في القدس المباركة ثم مصير الأهل في الضفة الغربية!! هيهات هيهات لأننا بين يدي استنساخ الفتح العمري والتحرير الصلاحي وليس استنساخ مصير الأندلس. فهل من مدكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى