أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

معركة الوعي (10).. المشتركة وتسويق الوهم

حامد اغبارية
إذا كانت 22 مشاركة في الكنيست الصهيوني على مدار نحو 70 سنة لم تزحزح وضع مجتمعنا في الداخل الفلسطيني قيد أنملة، بل تفاقم وضعه حتى وصل إلى مستويات لا يصلح معها “علك الكلام” وتسويق الوهم بأن مفاجأة كبيرة ستحصل، وإنجازات كبيرة سوف تتحقق هذه المرة، فهل يمكن أن يصدق عاقلٌ أن القائمة المشتركة، بطرحها الذي عممته في بيانها الأخير حول القضايا التي قالت إنها ستعالجها في الجولة القادمة، قادرة على تحقيق ذلك؟
إنه الوهم، وإنه السراب، وإنه مواصلة خداع الجمهور، الذي بات من واجبه أن يستيقظ وأن يغير اتجاه البوصلة؛ بوصلة الأداء السياسي وآليات هذا الأداء وأهداف هذا الأداء.
في بيانها الذي أطْلعت فيه الجمهور على تركيبتها النهائية للكنيست القادمة، ضمّنته قائمة طويلة من الأهداف التي تعِدُ الجمهور (المسكين) بتحقيقها إذا ما صوّت لها!!
ولا أدري كيف ستستطيع المشتركة التصدي لتصفية القضية الفلسطينية؟ وما هي الأدوات التي ستستخدمها لتحقيق ذلك، ولا يملكها غيرها حتى قيادات الشعب الفلسطيني نفسه، ومن خلفها أنظمة العار العربية، ومن خلفها الأمم المتحدة وسائر الهيئات الدولية التي تمارس علينا فجورها السياسي منذ قرن من الزمن؟
وما هي آليات مواجهة الفاشية والتصدي لها، وهي التي كلما كثُر الحديث عن شعاراتها الفارغة تتفاقم وتتصاعد حتى بلغت الحلقوم؟ وإذا كان التصدي للفاشية ممكنا بهذه الصورة الشعاراتية فلماذا لم يتحقق عام 2015، في أوج ذروة قمة “نجاح” المشتركة؟ وهذه التساؤلات تنسحب على سائر الملفات التي طرحتها المشتركة في بيانها؛ من ترسيخ العدالة الاجتماعية والديمقراطية، والتصدي للعنف والجريمة، ووقف هدم البيوت وحل قضايا التعليم والصحة وحل قضايا الأوقاف.
عجيب أمر المشتركة وقياداتها العجيبة التي تريد بهذا الكلام أن تسحر أعين الناس، وكأنها تملك عصا سحرية تضرب بها رمال الصحراء فتنبت بطيخا!!
ولنا أن نسأل: هل هناك إمكانية، قانونية حتى، لإلغاء قانون القومية؟ أنصحهم بأن يفحصوا هذا الملف من جذوره، فتسويق إمكانية إلغاء هذا القانون هو كذب على الناس. فهم عجزوا عن ألغاء قوانين أقل قذارة وعنصرية من هذا القانون، الذي يشكل بالنسبة للمشروع الصهيوني قضية حياة أو موت!
وما هي الحريات الأساسية التي تسعى المشتركة إلى استعادتها؟ وإذا كانوا يزعمون أن نظام الحكم في هذه البلاد هو ديمقراطي، فكيف تختفي الحريات الأساسية في نظام ديمقراطي؟ وطالما أن هذه الحريات قد اختفت فعلا على أرض الواقع، فكيف تصدقون أنه نظام ديمقراطي حقيقي؟
ثم يتحدث البيان عن بلورة خطة اقتصادية للسلطات المحلية العربية. فما هي هذه الخطة؟ ما هي خطوطها العريضة؟ وهل معنى هذا أنه قبل ذلك لم تكن هناك خطة اقتصادية مبلورة؟ فلماذا تريدون من الجمهور أن يصدق هذا الكلام، الذي كان في الإمكان تحقيقه (على الأقل على الورق) في جولات سابقة؟ ألا يعني هذا أنكم أيضا سبب في الفوضى العارمة والفساد والأزمات التي تعاني منها السلطات المحلية العربية، من حيث أنه كان في إمكانكم “بلورة خطة” ولم تفعلوا؟ هذا الكلام سمعناه عشرات المرات وأكثر في جولات سابقة، وليس فقط في جولات الكنيست الصهيوني، ولم يتحقق منه شيء. أتدرون لماذا؟ لأنكم أيها السادة لا تملكون من الأمر شيئا، وليست عندكم خطة، وليس في مقدوركم أن تقرروا بشأنها، لأن القرار ليس بأيديكم، فلا توهموا الناس بأحلام الأميرة النائمة.
وما هي الخطة المتعلقة بتحقيق الاعتراف بالقرى غير المعترف بها في النقب ومواجهة الترانسفير هناك؟ ألا تعلم المشتركة أن خطة المشروع الصهيوني في النقب هي خطة استراتيجية تتعلق بمستقبله، وأن خطة الترانسفير وعدم الاعتراف بنحو 40 قرية هي جزء من هذا المشروع، الذي يشكل بالنسبة للمؤسسة الإسرائيلية عمقا أمنيا ووجوديا من الدرجة الأولى؟ فإذا كنتم قد فشلتم في إقناع صديقكم الجنرال غانتس وزملائه من جنرالات الدم في قبولكم كمساند لهم في تشكيل الحكومة في الجولة السابقة، وتلقيتم منهم الصفعة تلو الصفعة من خلال مشهد سياسي عبثي بالبث المباشر، فهل سيكون في مقدوركم إفشال إحدى الخطط الكبرى في المشروع الصهيوني؟ ما هذه القدرات الخارقة التي توهمون الناس بأنكم تملكونها؟ إنها فقط القدرة على تسويق الأوهام. فهل يواصل أبناء شعبنا شراء الوهم؟
إن الحقيقة التي ربما لا يعرفها كثيرون من أبناء شعبنا أن أجندة المشتركة تختلف اختلافا كليا عما تقوله للجمهور. فهي أولا لا هدف لها إلا الوصول إلى الكنيست بأي ثمن، حتى لو كانت الوسيلة هي الكذب على الجمهور ومواصلة خداعه. وهي أصلا لا تملك إلا هذا! وهي ثانيا تمارس الأداء السياسي في أقبح وجوهه، وقد رأينا هذا عيانا في الجولة السابقة، من خلال محاولات تشكيل الحكومة الصهيونية. وهي ثالثا لا تعبر عن وحدة صف حقيقية كما تزعم، وما “وحدتها” الحزبية إلا بدافع الوصول إلى الكنيست بعد رفع نسبة الحسم. وهي رابعا تشكل عقبة حقيقية في طريق تحقيق كل الملفات التي أوردتها في بيانها. فهي من ناحية عاجزة عن تحقيقها ولا تملك الأدوات لذلك، وهي من ناحية أخرى تساهم في حصر معركة تحقيقها بينها هي وبين الجهات الرسمية في المؤسسة الإسرائيلية، فتكون النتيجة كما نراه فعلا على أرض الواقع= صفر.
ومن الأمور التي من حق الجمهور أن يعرفها أن المشتركة باتت منذ الانتخابات السابقة تطرح نفسها كقوة وحيدة تمثل جمهور الداخل الفلسطيني. بمعنى أنها بديل عن المؤسسات الجامعة للطيف السياسي الأوسع، وعلى رأسها لجنة المتابعة. وهي وإن لم تقل ذلك صراحة، لكن ممارساتها وتصريحاتها وبياناتها تقول هذا بكل وضوح.
لكن الأهم والأخطر من هذا هو ما قاله رئيس القائمة أيمن عودة، الذي “اعترف” أنه حتى لو حققت المشتركة 17 عضو كنيست فإنها لن تستطيع إحداث التغيير إلا من خلال الشراكة العربية – اليهودية. فماذا يريد الجمهور أكثر من هذا حتى يقتنع بأن لعبة الكنيست ليست إلا فخا لإفراغ فعلنا السياسي الحقيقي من مضامينه؟
لقد أصبحت الشراكة العربية- اليهودية هي “فارس أحلام” الأميرة النائمة، فهل هذا يُعدّ من العمل الوطني أيضا؟ وهل هذه الأجندة تمثل جميع مركبات المشتركة؟
هذه مواضيع نضعها بين يدي جمهورنا الفلسطيني في الداخل كي يرى ويستوعب ويفهم إلى أين تريد المشتركة أن توصله، وما هو البرنامج الحقيقي لهذه القائمة، وما هي قدراتها الحقيقية على تحقيق ما توهم الجمهور أنها ستحققه؟ ولنا عودة إن شاء الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى