أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

كان يا ما كان في قديم الزمان قائد بطل ورئيس جبان

الشيخ كمال خطيب
خلال مشاهدتي لزيارة الرئيس الروسي المجرم السفاح فلاديمير بوتين إلى سوريا يوم الثلاثاء 7/1/2020. وفي دمشق وبدل أن يستقبل بشار بوتين في القصر الجمهوري فإن بوتين قد نزل في مقر إقامته في القاعدة العسكرية الروسية قرب دمشق، وفيها استقبل هو بشار فكان بشار ضيف بوتين على أرض سورية وليس العكس.
وما زاد الأسى مشاهدة السفاح بوتين وهو يدنس المسجد الاموي بحذائه وحوله القساوسة والبطاركة والجنرالات الروس من حاشيته ثم وقوفه أمام قبر الفاتح البطل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله المدفون في غرفة في جانب من جوانب المسجد الأموي فكانت هذه الخواطر وكانت هذه الزفرات:
كان يا مكان في قديم الزمان، للمسلمين دولة وسلطان، مترامية الأطراف عظيمة الأركان، تمتد من الأندلس غربًا وحتى الصين شرقًا، كانت عاصمتها الأولى المدينة المنورة، ثم دمشق الزاهرة، ثم بغداد العامرة، من دمشق صدرت الأوامر، أشفق منها كل خوّان وغادر، وإلى بغداد الرشيد وصلت الرسائل والوفود، من فرنسا وملكها شارلمان، يطلب الصلح والأمان، حتى أن هارون الرشيد، كان يخاطب الغمامة من بعيد، انزلي حيث تنزلي أيتها الغمامة، فنحن ملوك الأرض ولنا القوامة، فحيثما نزل خيرك والفوائد، فإنه حتمًا إلى بغداد عائد، فإياك والعناد، وهيّا املئي السهل والواد.
استمر هذا الحال مئات السنين، حتى بدأت تضعف دولة العباسيين، بوجود أمراء وسلاطين، لا خلق عندهم ولا دين، فكان الظلم والفساد، قد عمّ البلاد والعباد، فكانت الإمارات والزعامات، لا همّ لهم إلا إشباع الشهوات، وظهرت بين الناس أفكار غريبة، وصلتهم من اليونان والرومان وفارس القريبة، فأفسدت على الناس الدين، ودقت بينهم الأسافين، فأصبح في كل ناحية إمارة، كأنها مملكة جبّارة، في دمشق وحلب وغيرها في أرض العرب، وليس هذا وحسب، بل إن الخيانة وعمى القلب جعلت هؤلاء يتقاتلون، ودماء بعضهم يسفكون.
وخلال هذا كان البابا “أوربان”، يحرض الشيوخ والشبان، ومعه بطرس الناسك، يطوف الإمارات والممالك، وينادي في الناس ويصيح، أنقذوا قبر المسيح، لقد افترى وكذب، إن المسلمين والعرب، يقتلون المسيحيين الحجاج، فهاج الغرب وماج، وحرّكوا الجيوش والحملات، منهم من وصل ومنهم من في الطريق مات، ولأنهم وجدوا في الشرق إمارات، في حروب ونزاعات، فاحتلوا الشام وفلسطين، وفي الأقصى الحزين، ذبحوا سبعين ألفًا، دون أن يهتز لهم طرفًا، ومنعوا فيه رفع الأذان، وعلى قبته نصبوا الصلبان، وفي دمشق حيث حاكمها العميل، ويسمى الصالح إسماعيل، فعقد معهم المعاهدات، وكان بينه وبينهم تحالفات، أما خصمه ويا للعجب، فلم يكن إلا ابن عمه حاكم حلب، وتحركت في المسلمين الحمية، كيف للقدس أن تبقى سبيّة، فثارت النخوة بين الرجال، وتنادى الأشاوس والأبطال، واختاروا لهم أميرًا، بطلًا همامًا نحريرًا، وابن زنكي عماد الدين، وخلفه ابنه نور الدين، جاء من الموصل الحدباء، يلبي للقدس النداء، والذي أصدر القرار الأشهر، البدء ببناء المنبر، إنه المنبر الشهير، يقدم للأقصى الأسير، يوم الفتح والتحرير.
مات البطل نور الدين، وجاء البطل صلاح الدين، لم يكن صلاح من أصل عربي، لكنه مسلم كردي، فتقدم وحمل الراية، وحدد الهدف والغاية، وحلف بالله وأقسم، ألّا يضحك ولا يبتسم، ما دام الأقصى الحزين، أسيرًا بيد الصليبيين.
ومن مصر بدأ المشوار، يقود المجاهدين الأطهار، فحرّرها من الفاطميين، الشيعة العبيديين، عملاء الصليبيين، وانطلق إلى بلاد الشام، يرفع الرايات والأعلام، فحرر حمص ودمشق الفيحاء، ثم حماة وحلب الشهباء، ولمّا جاء الدور على حلب، وكان ذلك في شهر رجب، وقيل في ذلك أمر عجب، إنه ابن الزكي الشاعر الأديب، والقاضي والخطيب، فكان مما قال، وأصبح مضرب الأمثال، يخاطب القائد صلاح، وحوله السيوف والرماح:

وفتحكم حلبًا بالسيف في صفر مبشر بافتتاح القدس في رجب
فكما فتحت حلب في صفر، فقد كتب الله وقدّر، أن يحدث الأمر العجب، وتفتح القدس في رجب، بعد معركة حطين، هنا في فلسطين، وقد اجتمع ملوك الإفرنج، من كل حاقد وعلج، ملك فرنسا والألمان، وملك بريطانيا والطليان، وفي أرض حطين، خرّوا صاغرين، وانقلبوا خاسرين، ما بين قتيل وأسير، وهارب لا يعرف أين يسير، ولأن صلاح الدين شهم نبيل، ومن الإسلام كان خلقه الجميل، فأعطى للأسرى الأمان، ولم يكن غادرًا ولا خوّان، إلا أسيرًا واحدًا قتل، وبيديه فعل، إنه أرناط الأرعن، حيث كان صلاح سبق وأعلن، أنه إن وقع أرناط أسير، فلا عفو ولا تحرير، وإنما القتل هو المصير، لأن أرناط السافل، المغرور المتطاول، كان حاكمًا لأمارة الكرك، حصينة عالية كأنها الفلك، فكان يقطع الطريق على الحجاج المسلمين، إلى الحجاز سائرين، فكان يقتل الرجال، وإذا اغتصب النساء قال، أين محمد نبيكم، نادوه لينصركم، فلمّا وصل الخبر لصلاح، وقف غاضبًا وصاح، أنا عن محمد يا أرناط أنوب، بيني وبينك المعارك والحروب، فكان حظ أرناط اللعين، لا هو قتل ولا كان مع الهاربين، فقتل صلاح أرناط بيده، وانتصر لحبيبه ونبيّه.
فعلًا يا للعجب، فتحت القدس في رجب، وقدّم صلاح الدين المنبر، وخطب ابن الزكي وكبّر، ومثل الأسد صال وزمجر، الله أكبر الله أكبر.
وفي العام 1193، بعد ست سنوات من حطين، مات صلاح الدين، وكان ابن ست وخمسين، ورغم خوضه المعارك والحروب، وخوضه المخاطر والخطوب، لكنه مات من المرض والألم، لم ينفعه الدواء والبلسم، لم تقتله الجراح والدماء، إنه قدر السماء، وفي مسجد دمشق الضريح، ينادي في الناس ويصيح، ألا لا نامت أعين الجبناء.
ودارت الأيام والسنين، وابتعد المسلمون من جديد، عن السنة والكتاب المجيد، ولأن الله سبحانه لا يجامل، فجرى عليهم قانون التداول {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} فضعف المسلمون، وجاء الفرنسيون، وفي الحرب العالمية، انتصروا على الدولة العثمانية، واحتلوا لبنان وسورية، ودخل غورو قائدهم الجنرال، وعند قبر صلاح الدين في دمشق قال، بتبجح وازدراء، وسخرية واستهزاء، “ها قد عدنا يا صلاح الدين”. إنه العلج الماكر، قارئ للتاريخ وماهر، إنه عرف أن صلاح الدين قال، وأوصى من حوله من الأبطال، لن يرجعوا إليها ما دمتم رجال، فكانت جملة الجنرال السفّاح، ردًا على وصية صلاح.
استعمروا واحتل الفرنسيون الشام، وبكل حقد وانتقام، شجّعوا العنصرية والمذهبية، ودعموا وموّلوا الطائفة النصيرية، وما إن خرج من سوريا الاستعمار، إلا ويغتصب سوريا الأشرار، ففي العام 1963 كان الانقلاب الشهير، وجاء حزب البعث الشرير، ورغم أنهم ادّعوا القومية، ورفعوا راية الوطنية، إلّا أنهم وبعد أربع سنين، وخلال حكم الرئيس أمين “أمين الحافظ” وكان وزير الدفاع حافظ الأسد، الحاكم الفعلي للبلد، فكانت هزيمة وفضيحة حزيران، فباعوا وسلّموا الجولان، وفي العام 1970 تسلّم الحكم حافظ وأصبح الرئيس، علوي نصيري طائفي وخسيس.
حكم سوريا بالحديد والنار، وتسلط الأشرار على الأخيار، وتطاول الأراذل على الأفاضل، استهدف النشطاء والعلماء، فعمّ الظلم ونزل البلاء، فكانت مجازر حماة وتدمر، فهدم الأحياء ودمّر، ولن ننسى ولن نغفر، ما فعل بأهلنا في تل الزعتر، فقتل في المخيم، اثنا عشر ألف فلسطيني مسلم، ومن سلم منهم من قصف المدافع، وليس له معين ولا شافع، وتحت تأثير الحصار الرهيب، ولا مغيث ولا مجيب، فلا طعام ولا شراب، فأكلوا القطط والكلاب.
في العام 2002 مات حافظ الأسد، وكان يظن أنه مخلّد للأبد، وبدل إجراء انتخابات رئاسية، يشارك فيها الشعب بحرّية، غيّروا دستور البلاد، اللصوص الأوغاد، وهيّأوا الظروف لبشار، ليصبح الرئيس المختار، وتحولت سورية، من جمهورية إلى ملكية، الحكم فيها بالوراثة، ولتسقط الحداثة، فهكذا هي السياسة، مكر ونجاسة.
ومع كل ما حصل، ظلّ الناس على أمل، فلأن بشار طبيب شاب، قد سحر العيون والألباب، ولأنه طبيب عيون، فسيكون العادل والحنون، واستبشر الناس ببشار، يعيد الجولان ويمسح العار، لكنها الوعود والوعود، وسوريا ترجع إلى الوراء وتعود.
وفي مثل هذه الأيام بالتحديد، ومع بداية العام الجديد، 2011، وقد ثارت تونس الخضراء، وسالت في شوارعها الدماء، وفي يوم 14/1/2011 كان الغضب، وسُمع البيان العجب، “بن علي هرب بن علي هرب”، وانتقلت عدوى الحرية، للشقيقة المصرية، خرج المصريون، إلى الشوارع، رغم الدبابات والمدافع، وخلع حسني مبارك، وفرح الشعب وبارك، إنها ثورة 25 يناير، صنعها البطل الثائر.
ووصلت الأخبار إلى حوران، وفي مدرسة درعا كان العنوان، سُمعت معلمة تقول، ليت حكم بشار يزول، اعتقلتها الأجهزة الأمنية، لأنها تمنت الحرية، حلقوا شعرها على الصفر، وأصدروا لها الأمر، أن ترجع إلى المدرسة بذاك الحال، لتكون عبرة للأجيال، وبدأنا نسمع عن شبيحة النظام، تناقلتها وسائل الإعلام، يقتلون الناس في الشوارع، بلا خوف ولا رادع، وكانت شعاراتهم والعبارات، يرددونها في كل المناسبات، “بشار الأسد إلى الأبد”، “الأسد يا منحرق البلد”، “االله بشار سوريه وبس”.
ويأبى الله إلا ويفضح بشار، ويزيل عن حقيقته الغبار، وهو الذي ادّعى الوطنية، وتفاخر بالقومية العربية، وإذا به في العام 2014 يستنجد بإيران الفارسية، والميليشيات الشيعية الطائفية، ليس أن بشار لم يحرر الجولان، وإنما هو سلّم سوريا لإيران، وجاء إلى سوريا قاسم سليمان، يتظاهر بالدين والإيمان، وأنه قائد فيلق القدس، أشهر فيالق الحرس، وإلى جانبه جاء حسن نصر الله، يقود ميليشيا حزب الله، فتظاهر بالمقاومة والممانعة، وإذا بسوريا من جرائمه كأنها أعجاز نخل خاوية.
وقبيل نهاية العام 2015 كانت الزيارة المثيرة، ونتائجها الخطيرة، فإن قاسم سليماني نفسه، بلحمه وعظمه، قد اجتمع مع بوتين، الحاقد اللعين، وأقنعه بالتدخل السافر، فهو الثعلب المكر، فأرسل إلى سوريا الطائرات، والمدافع والدبابات، فأنزل على مدن سوريا الموت، والعالم يتفرج فلا صوت، جربوا كل السلاح، وأزهقوا الأنفس والأرواح، كل ذلك دعمًا لبشار، ليبقى على سوريا مختار.
في الأيام الأولى من العام 2020، وقبيل فجر الجمعة بساعات، نقلت الأخبار والفضائيات، عن مقتل قاسم سليمان، الرجل الثاني في إيران، لم يقتله مظلوم ولا ثائر، وإنما ترامب العاهر، وقامت الدنيا ولم تقعد، وقالت إيران أنها سترد، فقاسم بالنسبة لها البطل، لن يكون مثله طول الأزل، فهو الذي أعاد الإمبراطورية الفارسية، تحت شعار الثورة الإسلامية، فقال كالجبار العنيد، وراح يردد ويزيد، إنها سوريا والعراق ولبنان واليمن السعيد، المدن فيها والعواصم، حاكمها العسكري هو قاسم.
انحبست الأنفاس والكل يضرب أخماسًا بأسداس، إنها الحرب العالمية، ولعلها ستكون نووية، فإيران ستثأر، فهي كالأسد تزأر، تصريحات الخامنئي، والصدر والخزعلي، ولا ننسى السيد حسن، الذي صرّح وأعلن، أن على أمريكا أن ترحل، فلم يعد لها في المنطقة مستقبل.
وما هي إلا أيام معدودات، وبعد انتهاء الجنازات، وإذا بالأخبار تصل، أنه الخبر العاجل، صواريخ إيرانية، تقصف قواعد أمريكية، وما هي إلا لحظات، ليتبين أنها مفرقعات، لا قتلى ولا إصابات، ثم أعلنت إيران، بكل وسيلة ولسان، أن الرد قد حصل، فكان كمن صام وأفطر على بصل.
وفي اليوم التالي إلى دمشق وصل، بوتين المجرم القاتل، وفي قاعدته العسكرية، في دمشق مبنية، استقبل فيها بوتين بشار اللعين، لم يكن بشار الأسد، وإنما ناطور البلد، فبوتين السيد الرئيس، وهو العبد الخسيس، وكانت أهداف الزيارة، دراسة آثار الغارة، التي قتل فيها قاسم، مبعوث أصحاب العمائم، ومع بوتين الضباط والكُهّان، يلبسون على صدورهم الصلبان، وفي مسجد الأمويين، فيه ضريح صلاح الدين، قاهر الصليبيين، ومؤدب الغزاة المتطاولين، فلكأني ببوتين يستحضر التاريخ، فيقول بشماتة وتوبيخ، ها قد عدنا يا صلاح، بقوة الطائرات والسلاح، إنه نفس الكلام، يردده اللئام، غورو وبوتين، وإن كان مضى عليه سنين، إنهم لم ينسوا ما قاله البطل صلاح، يوم نادى في المسلمين وصاح، بعد أن حرر دمشق وبيت المقدس، وطهّر المسجد المدنس، لقد قال ونعم ما قال، لن يرجعوا إليها ما دمتم رجال.
فلكأني بصلاح في قبره يتململ، وينظر إلى بشار ويتأمل، أيها الوغد الجبان، المجرم الخوّان، يا سُبة الزمان، ويا عار الأوطان، ما بالك تستنجد بالأوغاد، لتقتل النساء والأولاد، فقط لتبقى رئيس، حقًا إنك لخسيس، يا ابن الأنذال، ويا أشباه الرجال.
ولكأني بصلاح يزأر، سنعيد بناء المنبر، فصبرًا يا قدس الأقداس، سندوس كل الأنجاس، صبرًا يا حلب الفيحاء، صبرًا يا دمشق الشهباء، فمهما الحبل اشتد، ومهما الليل اسوّد، ومهما الكرب احتد، فقريبًا يتحقق الوعد، من الله الصمد، وسيكون التتبير، ويكون التكبير {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}.
نحن إلى الفرج أقرب، فأبشروا وقولوا ياااااااااااااااااا رب…

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى