أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

على هامش انتخابات ثالثة.. نتنـــــياهو وسياسة التبريرات

صالح لطفي-باحث ومحلل سياسي
أخيرا توجّه نتنياهو رسميا الى الكنيست للمطالبة بمنحه حصانة قانونية تَحُولُ دون تقديمه للمحاكمة ما دام يخدم الجمهور وذلك بناء على قانون الحصانة المعدل لأعضاء الكنيست للعام 2005. ومعلوم أنه منذ لحظة حصوله على الحصانة من الكنيست ستتوقف الإجراءات القانونية ضده الى حين حل الكنيست وبسبب عدم وجود كما هو متعارف عليه في الإجراءات البرلمانية فإنَّ الأصل تقديم طلب الحصانة الى لجنة الكنيست (هي لجنة دائمة تابعة للكنيست. وتم تحديد مهام عملها من خلال نظام عام الكنيست وعملها يتضمن نظام عام الكنيست وما له علاقة بذلك، حصانة أعضاء الكنيست وإبطالها، نظام عمل الهيئة العامة للكنيست، توصيات بشأن تركيبة اللجان الدائمة ولجان القضايا المحددة)، ولكن في ظل عدم وجود ائتلاف وحل الكنيست يتم البت في الموضوع في لجنة الكنيست التي يشرف عليها رئيس الكنيست يولي آدلشطاين، وهذا الاخير من قيادات الليكود وقد قام حتى اعلان نتنياهو عن طلب الحصانة بتأجيل البت في الموضوع للحيلولة دون منح الكنيست حق البت في موضوعه، وهذا من مظاهر تداخل المصالح في المؤسسة الاسرائيلية لصالح سياسي بعينه.
في هذا السياق تدخل المؤسسة الاسرائيلية مرحلة ثالثة في الانتخابات من أجل شخص محدد تشي جراته اليومية على التحريض على القضاء والنيابة والشرطة أنه أقوى منهم بل ومن استمع الى خطابه اول أمس الساعة الثامنة مساء، يتأكد من أنه يراهن على شعبوية موتورة يمكن أن تكون له آمنة بتحقيق فوزه في الانتخابات.
يراهن نتنياهو على عمليات التهويش والتحريش المستمر الذي يمارسه ضد مخالفيه ووصل تحريضه الى مؤسسات حكومية هو من يرأسها برسم القانون، وفي هذه العملية يستعمل سياسات الارض المحروقة التي تعتمد العنصر الشعبي، وبالذات الشرقي لمواجهة تجريمه وإنزال التهم به.
وهو إذ يهاجم ويحرض على الإعلام واليسار والقضاء فإنه في الحقيقة يدغدغ عواطف الآلاف من اليمينيين الشرقيين الذين يعتبرون رأسماله الانتخابي، لكنهم لم يخرجوا للتصويت في المرحلتين السابقتين ناقمين على تلكم المؤسسات التي تظلمهم وترفض إنصافهم، ولذلك يوجه اليهم خطابه بأسلوب حاد الذكاء عبر إقناعهم المبطن مفاده كما انهم مطاردون ومتضررون من القانون ومن ينفذونه بغير وجه حق فهم مثله تماما، وعليه فهو متفهم لوجعهم والوحيد الذي يمكنه أن يمثلهم ويدافع عنهم ولا يمكن ان يتم ذلك الا اذا تمَّ انتخابه وصوتهم هو الذي يُمَكِنُهُ من العودة ليقود البلاد ويحقق العدل الغائب، وهو إذ يمرر هذه السياسات هناك من هؤلاء المتضررون من يعتبرونه مسيح هذه المرحلة جاء لينقذهم خاصة في هذه المرحلة حيث تتقدم اسرائيل على كافة المستويات، ومن يعمل على عرقلته ومنعه من اتمام مشروع تمكين اسرائيل في المنطقة والعالم خاصة في عصرها الثاني “إسرائيل الثانية” حيث سيطر على مشهدها الثقافي والسياسي اليهود الشرقيون والوحيد الذي يمكنه أن يُمَكِنهم هو بنيامين نتنياهو، ولذلك يصبح الاهتمام بأصوات اليمين الصامت مسألة استراتيجية بالنسبة له.
تبريرات نتنياهو..
يبرر نتنياهو سبب مطالبته في الحصول على الحصانة في مداخلته من أنه سيجمع بين خدمته لناخبيه “لشعبه” والدفاع عن نفسه وهدم بنيان التهم الموجهة إليه، ولا ينسى التحريض على النيابة والقضاء وطواقم التحقيق كمؤشر لانطلاق حملته الانتخابية محددا أهدافه القادمة: “سأكون في المحكمة لأحطم الدسائس المخزية ضدي.. قانون الحصانة جاء لحماية منتخبي الجمهور من تلفيق التهم لهم ولضمان أن منتخبي الشعب يمكنهم خدمة الشعب وفقا لإرادة الشعب. المشرعون “الكنيست” قدموا حصانة شاملة لمبعوثي الجمهور وإذا قررت النيابة والمحققون تحييد عضو كنيست فإنهم يفتحون ضده في التحقيق”.
لا يختلف اثنان أن نتنياهو نجح في إدخال كافة مؤسسات الدولة ذات الشأن المتعلق بقضايا فساده، في حيص بيص بل ونجح في تأليب الشارع الاسرائيلي على هذه المؤسسات خاصة المؤسسة القضائية التي هاجمها بشدة، طمعا منه بتجاوز أزماته القانونية عبر تثوير وتأليب الشارع الاسرائيلي على هذه المؤسسات الناظمة لإيقاعات الحياة السياسية والحكم في البلاد، هو إذ يقوم بعملية التحريض بشكل ممنهج ومدروس عمليا يقلل من هيبة هذه المؤسسات ويقض من شوكتها، وهو بهذه العملية يكون أول رئيس وزراء في تاريخ هذه الدولة “القصير” يهدم أركان معبدها بيديه من أجل مصلحته الخاصة وحتى ينفذ بجلده من محاكمات متوقعة على قضايا فساد.
نتنياهو يبرر ضرورة عودته ليقود الحكومة والدولة لعديد الانجازات المحلية ولإقليمية التي حققها لصالح إسرائيل، ضاربا بعرض الحائط جهود من سبقوه من رؤساء وقيادات عملت ليل نهار في السر والعلن، وبهذا يهدم حالة التراكمية التي توارثت حكومات اسرائيل منذ قيامها الى لحظة حضوره، ليقود البلاد بعد شارون، وفي هذه العقلية السياسية والاخلاق السياسية فنتنياهو يقول إنه فوق القانون وفوق الدولة وهوما دفع البعض للتساؤل عن الفوارق بينه وبين الطغاة العرب.
على صفحات التواصل الاجتماعي تدور أكبر معارك كي الوعي في المجتمع الاسرائيلي منذ انتخابات عام 2013، وهذه المعارك لا تدور بين المؤيدين لأحزاب الوسط والوسط- يمين واليمين واليمين المتشدد والتيارات الدينية فحسب، بل تدور بين المصوتين لليمين والتيارات الدينية الصهيونية وكلها تدور حول نتنياهو وحقه في الحصول على حصانة برلمانية تدفع به للاستمرار في قيادة البلاد عدد سنين، كما وتشي التهم الموجهة لمن يرفض منح نتنياهو فرصة تمكين نفسه وتحصينها امام القانون لأشنع التهم واقبحها وهو ما يعني اننا أمام مجتمع اسرائيلي فاشي وشوفيني (التعصب القومي العداء للأجانب) والفاشية عادة ما تؤسس للحزب الواحد والسيطرة شبه المطلقة على مقدرات البلد.
كما أشرت على صفحات التواصل المعركة على الوعي بين الإسرائيليين، خاصة بين أولئك الذين يرون بنتنياهو المخلص والذي يمثل همومهم ومشاكلهم مع المؤسسة الإسرائيلية، فهم يرون به عين المظلومية التي يتعرضون لها من طرف هذه المؤسسة التي هو حاكمها، فهم يرون فيه الشخص الذي جاء يُحارب المنظومة الفاسدة في اسرائيل وهي منظومة بات الفساد يطرق أبوابها ويتغلغل في مفاصلها ومكوناتها وكأنها دولة شرق أوسطية، كمصر والامارات والسعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى