أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

أسرلة بالتشفير

عبد الإله وليد المعلواني
التشفير مصطلح دخيل على اللغة العربية مأخوذ من كلمة (شيفرة) والشيفرة هي لغة كتابة غامضة تعتمد على الرموز، وحتى يفهمها القارئ لا بد له أن يفهم رموزها، ولن يفهم هذه الرموز حتى ينجح بفكها، ولذلك باتت كل مقالة غامضة توصف بأنها مقالة تشفيرية، وبات كل تصريح غامض يوصف بأنه تصريح تشفيري، ويبدو أن (القائمة المشتركة) اختارت الحديث عن قابليتها سلفا الانضمام إلى حكومة صهيونية رئيسها الجنرال الصهيوني غانتس، بلغة تشفيرية، ويبدو أنها اختارت تقديم (المطلبي)- وإن كان وهما- على (الوطني المبدئي)- أيضا- بلغة تشفيرية، ولأن الانحياز إلى حكومة صهيونية وتقديم (المطلبي) على (الوطني المبدئي) يعني الأسرلة، فالنتيجة تقول: إن (القائمة المشتركة) اختارت الحديث عن الأسرلة- أيضا- بلغة تشفيرية!! ولا أدل على ذلك من تصريحات كل قيادات (القائمة المشتركة) سوى قياداتها عن التجمع، فمن يقرأ تصريحات هذه القيادات يصعب عليه فهمها في بادئ الأمر، أو قد يخطئ في فهمها، أو يطرب لسجع كلماتها التقليدية منذ سبعين عاما ويزيد، ولكن من يقف عندها جيدا، يجد أنها في نهاية المطاف تصبّ في الأسرلة، ولذلك أطلقت التصريحات التشفيرية وإليكم بعضها:
هذا أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة يقول-كما نشرت ذلك صحيفة كل العرب بتاريخ 13/9/2019: (.. هل نجلس جانبا؟) (.. أنا لم أقل بأننا سنذهب إلى حكومة مركز وسط دون شروط).
هذه عضو الكنيست عن الجبهة عايدة توما تقول عن مشاركة أيمن عودة في المظاهرة الصهيونية في تل أبيب كما نشرت ذلك (دنيا الوطن) بتاريخ 27/5/2019: (.. لأن أي نضال يقصي جمهورا كاملا سوف يفشل ويكون منقوصا. ومع ذلك فإن الاختبار الحقيقي للمعارضة ليس مجرد توفير منصة لممثلي الجمهور العربي، ولكن الاستعداد لإشراك هذا الجمهور في بناء المنصة وشحذ رسائلها)!!
هذا عضو الكنيست الطيبي يقول عن مشاركة أيمن عودة في المظاهرة الصهيونية في تل أبيب كما نشرت ذلك (دنيا الوطن) بتاريخ 27/5/2019: (.. الموضوع هو مدني، ومن الجيد أن حزب أرزق-أبيض انتعش أخيرا، نحن كتلة الجبهة والعربية للتغيير نتعاون في الكنيست مع جميع فصائل المعارضة في الأمور المقبولة علينا..)!!
هذا عضو الكنيست د. منصور عباس عن الجنوبية يقول عن مشاركة أيمن عودة في المظاهرة الصهيونية في تل أبيب كما نشرت ذلك (دنيا الوطن) بتاريخ 27/5/2019: (في الصراع بين الديموقراطية والديكتاتورية، وبين الفساد ونقاء الأيدي، نحن بالتأكيد نقاتل من أجل قيم الديموقراطية والنزاهة لا يمكن للمجتمع العربي أن يقف على السياج ومشاهدة هذا النضال دون المشاركة فيه)!!
هذا عضو الكنيست د. منصور عباس عن الجنوبية يقول في تغريدة له بتاريخ 22/ 9/2019: (.. وتؤكد القائمة المشتركة أن موقفها في موضوع التوصية لا يعني بأي شكل دعم الحكومة القادمة، حيث أن هناك فرق بين التوصية والتكليف بتشكيل الحكومة، وبين الموقف من الحكومة المشكّلة فعلا)!! ثم يقول في نفس التغريدة: (.. هل نقول بطيخ يكسر بعضه؟ أو نفرض أنفسنا فرضا)؟!
وهذا عضو الكنيست الطيبي يقول من ضمن مقالة نشرتها (كل العرب) بتاريخ 13/9/2019: (.. نسعى لنكون مؤثرين في البرلمان والسياسة..)!!
بناء على هذه التصريحات الواردة أعلاه والصادرة عن قيادات مركزية في القائمة المشتركة لنا أن نسأل: ماذا تقصد (القائمة المشتركة) عندما تدلي بهذه التصريحات التشفيرية على لسان هؤلاء القادة؟! حيث نلاحظ أنها عبر هؤلاء القادة تقول تارة: (هل نجلس جانبا)؟ وتارة أخرى تقول: (الاستعداد لإشراك هذا الجمهور في بناء المنصة)، وتارة ثالثة تقول: (نتعاون في الكنيست مع جميع فصائل المعارضة..)، وتارة رابعة تقول: (لا يمكن للمجتمع العربي الوقوف على السياج..) وتارة خامسة تقول: (هل نقول بطيخ يكسر بعضه) وتارة سادسة تقول: (نسعى لنكون مؤثرين)، فهذه حزمة تصريحات تشفيرية قد لا ندرك مقصدها لأول وهلة، وقد تعجب البعض منّا لدى قراءته لها لأول مرة، ولكن عندما تقرأها جيدا نكتشف أنها تصريحات تؤكد بين السطور أن (القائمة المشتركة) مقبلة على نهج جديد غير مسبوق في مسيرة كل أعضاء الكنيست العرب منذ سبعين عاما، فما معنى أنها لا تريد أن تجلس جانبا؟! وما معنى طلب إشراكها في بناء المنصة؟! وما معنى تصريحها أنها تعاونت مع جميع فصائل المعارضة؟! وما معنى أنها لا تريد الوقوف على السياج؟! وما معنى أنها لا تريد لنفسها سياسة (بطيخ يكسر بعضه)؟! وما معنى تصريحها (نسعى لنكون مؤثرين)؟!
إن كل هذه التصريحات التشفيرية تدندن على ذات المعنى الواحد!!، إنها تؤكد أن (القائمة المشتركة) حزمت أمرها وباتت على استعداد للإنضمام إلى حكومة صهيونية، ولم يعد هناك خلاف بين كل أعضاء الكنيست فيها على ذلك إلا من أعضاء الكنيست عن التجمع وبات الخلاف بين هؤلاء الأعضاء ليس على جاهزيتهم للانضمام إلى حكومة صهيونية، فهذا الموضوع بات محسوما ومجمعا عليه ومتفقا عليه فيما بينهم إلا من الأعضاء عن التجمع، والخلاف الذي لا يزال يدور بينهم هو ما مدى حدود هذه الجاهزية عندهم؟! هل حدود هذه الجاهزية هي الانضمام إلى حكومة صهيونية تقوم على الوسط الصهيوني واليسار الصهيوني؟! أم هناك جاهزية للإنضمام إلى أية حكومة صهيونية حتى لو كانت تضم ليبرمان؟! ولذلك قد نصطدم بمفاجآت بعد انتخابات لعبة الكنيست القادمة رقم (23) تنسينا هول المفاجآت التي اصطدمنا بها فبيل وبعد لعبة الكنيست رقم (22) والأيام حبالي وقد تلد أعجب مما نتوقع!! ويبقى فصل القول إنها دندنات تشيفرية تدفع بهذه اللغة التشفيرية نحو الأسرلة مع شديد الأسف!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى