هل (القائمة المشتركة) مشروع وحدوي وطني
صحيفة المدينة
لأنه لا يوجد فينا معصوم في الداخل الفلسطيني، فلا حرج من مناقشة أقوال ومواقف أي منّا، سواء كان فردا، أو حركة أو حزبا أو هيئة، أو قائمة، وأرجو إلا يجدّف البعض بعيدا، ويتهم كل نقاش لا يروق له بالمناكفة أو التخوين أو التكفير أو شق وحدة الصف الوطني، ولأن (القائمة المشتركة) ليست معصومة، ولأنه يجوز نقاشها، فليعلم الجميع سلفا أننا نناقشها في أقوالها ومواقفها بعيدا عن الشخصانية، إذا أنه على المستوى الشخصي، لا يوجد بيني وبين أي شخص منها أي خلاف شخصي، ولكن يوجد اختلاف كبير بيني وبين ماهية أقوالها ومواقفها، وأرى من الواجب أن أناقش هذه الأقوال والمواقف، بغض النظر عن الشخص الذي صدرت منه في (القائمة المشتركة) وعلى هذا الأساس أطرح هذه التساؤلات بناء على أقوال ومواقف (القائمة المشتركة):
كيف يمكن أن نسلّم أن (القائمة المشتركة) مشروع وحدودي وقد أحدثت شرخا عميقا وحادّا بين من ظل يتمسك بثوابتنا الوطنية والمواقف السياسية المنبثقة عن هذه الثوابت وبين من بات يستبيح لنفسه إعلان استعداده للتحالف مع اليسار الإسرائيلي وتقديم توصية لرئيس الدولة توافق على الجنرال غانتس رئيس للحكومة الإسرائيلية، والتصريح أنه لا مشكلة للإنضمام إلى حكومة إسرائيلية وإن كان فيها ليبرمان، وعدم التردد بالمشاركة في مؤتمر منظمة (جي ستريت) الأمريكية الصهيونية؟! فقد فرضت هذه الأقوال والمواقف التي صدرت عن (القائمة المشتركة) انقساما غير مسبوق منذ نكبة فلسطين في الداخل الفلسطيني أفرز معسكر المتمسكين بالثوابت الوطنية وما انبثق عنها من مواقف سياسية في مقابل معسكر المتفلتين من هذه الثوابت ومواقفها السياسية، الذين باتوا يصفقون لهذه الأقوال والمواقف التي صدرت عن (القائمة المشتركة)، والتي تصادم مصادمة فاحشة هذه الثوابت الوطنية ومواقفها السياسية، والتي لا توصل إلا إلى “الأسرلة” فقط!! مهما حاول البعض ادّعاء غير ذلك!! فهل بعد ذلك يجوز للبعض أن يواصل التلاعب بعقول جماهيرنا الكادحة مدّعيا أن (القائمة المشتركة) مشروع وحدوي؟! وهل بات فرض هذا الانقسام الكارثي هو مظهر من مظاهر هذا المشروع الوحدوي الذي تقوده (القائمة المشتركة) ؟! وهل الانفصال عن الثوابت الوطنية ومواقفها السياسية واستباحة عقوقها، وعدم استمرار الحفاظ على وحدة الحال معها، فهما وفكرا وقولا وعملا وموقفا وخطابا هو مظهر من مظاهر هذا المشروع الوحدوي الذي تقوده (القائمة المشتركة) ؟!
هل (القائمة المشتركة) مشروع وطني؟! وكيف تكون مشروعا وطنيا وقد استباحت لنفسها تلقي أموال دعم طائلة بأرقام خيالية من صناديق دعم أمريكية صهيونية؟! هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد استباحت لنفسها تلقي أموال دعم إماراتية عبر خط (دحلان-الطيبي) !! ألم نكن نعيّر بالأمس من يتلقى دعما ماليا أمريكيا أو إماراتيا؟!! ألم نكن ننعت بالأمس من كان يتلقى هذا الدعم بالعمالة أو حتى بالخروج عن الصف الوطني؟! فكيف أصبح من يتلقى هذا الدعم في عشية وضحاها مشروعا وطنيا؟! أليس من الإفلاس الوطني ألا يجد البعض حرجا بالتغني بتلقي أموال دعم أمريكية وإماراتية، وكأنه بات شرطا على من يريد الحصول على شهادة وطني بامتياز أن يتلقى هذا الدعم المالي من هذه الجهات؟! أو أن يبارك ويصفق لتلقي هذا الدعم المالي من هذه الجهات؟! ولأن كل حر وحرة فينا سيرفض بعزة وإباء تلقي هذا الدعم المالي من هذه الجهات، فإنه يرفض سلفا-بعزة وإباء-اعتبار (القائمة المشتركة) مشروعا وطنيا وهي تتلقي هذا الدعم المالي من هذه الجهات في وضح النهار.
ثم كيف تكون (القائمة المشتركة) مشروعا وطنيا وهي التي باتت على استعداد في كل لحظة أن تنضم إلى حكومة صهيونية برئاسة غانتس، انضماما مباشرا، أو تنضم إليها باسم “الكتلة المانعة”؟! ألم تكن لجنة المتابعة العليا ولا تزال ترفض عضوية أي ممثل عربي لأي حزب صهيوني فيها ولا تزال على هذا النهج الصواب حتى الآن؟! إذن ما الذي تغيّر في عشية وضحاها حتى بات الانضمام إلى حكومة صهيونية مباحا وطنيا، بل محل افتخار عند البعض، بل محل ادعاء عند البعض أنه الدهاء السياسي؟! حول هذه النقطة تحديدا سألنا قيادات من التجمع فقالوا لنا: نحن نعارض هذا الانضمام إلى أية حكومة صهيونية، وهناك نقاش حاد وساخن في الجبهة حول هذا الموضوع! وسألنا قيادات من الحركة الجنوبية فقالوا لنا: نحن نعارض هذا الانضمام إلى أية حكومة صهيونية، وهناك رفض صريح لما صرّح به د. منصور عباس حول هذا الموضوع!! إذن من الذي يدفع باتجاه الانضمام إلى حكومة صهيونية برئاسة غانتس؟! ومن الذي ألبس هذه الخطوة المهرولة نحو الأسرلة لباسا وطنيا ثم خرج بنتيجة عبقرية لا يزال يدّعي فيها أن (القائمة المشتركة) مشروعا وطنيا؟! ما نخشاه أن تخطو (القائمة المشتركة) خطوة جديدة نحو الأمام تقول فيها: ما العيب في الأسرلة، ثم تقول فيها: من قال إن الأسرلة تناقض الثوابت الوطنية؟! فلا أدري من هذا الذي يقف من وراء كواليس (القائمة المشتركة” ويدفع بجماهيرنا الكادحة نحو التيه!
بناء على التساؤلات السابقة أتساءل تساؤلا استنكاريا: هل (القائمة المشتركة) هي التي ستتصدى للفاشية كما يحلو لبعض المروجين لها أن يصفوها بهذا التوصيف؟! هل الانتقال من فاشية نتنياهو إلى فاشية الجنرال غانتس هو تصدي للفاشية؟! لماذا هذا الاستغفال المقيت لعقول جماهيرنا الكادحة والرقص على أوجاعها.
ماذا ستبقي (القائمة المشتركة) للقضية الفلسطينية إذا انضمت إلى حكومة صهيونية حتى لا يزال يتغنى من يروّجون للقائمة المشتركة إنها ستقف في وجه قمع الشعب الفلسطيني؟! ألا تدعي ذلك هيئة الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا والدول الأوروبية؟! أم المطلوب إسناد قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المباركة؟! وهل يمكن إسناد قيام هذه الدولة وإسناد عاصمتها تحت سقف حكومة صهيونية برئاسة غانتس، أو تحت سقف لعبة الكنيست؟! أليس هذا سرابا سياسيا وليس دهاء سياسيا؟!
لماذا هذا الادعاء المعيب أن (القائمة المشتركة) ستعمل على إضعاف قوة اليمين؟! وما الفرق بين يمين نتنياهو ويمين غانتس حتى تتفاخر (القائمة المشتركة) أنها ستسعى إلى إضعاف يمين نتنياهو وإسناد يمين غانتس؟! وهل هناك رجل رشيد يجيبنا على هذه التساؤلات جوابا واضحا غير ضبابي ولا مائع ولا غامض.
لكل ذلك نقول لجماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني آن الأوان أن نتمسك ببديلنا الوطني عن لعبة الكنيست السرابية الوهمية، مع التأكيد أن بديلنا الوطني ليس سرا بل هو علني وواضح يقوم على: انتخاب مباشر للجنة المتابعة، وتجديد العهد مع لجان المتابعة العشرة وتجديد نشاطها ودورها، وتنشيط ومأسسة نضالنا الشعبي، وتعزيز دور سلطاتنا المحلية، وإسناد الدور الراشد والعصامي والنظيف للمؤسسات الأهلية.