منظمات حقوقية للأمم المتحدة: إسرائيل صعّدت عمليات التعذيب ضد الأسرى الفلسطينيين

أكد تقرير أرسلته منظمات حقوقية في إسرائيل إلى اللجنة ضد التعذيب في الأمم المتحدة على أن إسرائيل صعّدت انتهاكاتها للمعاهدة ضد التعذيب. وتم إرسال التقرير في إطار الرقابة الدورية للجنة ضد التعذيب على الدول الموقعة على المعاهدة.
وجاء في التقرير أن “إسرائيل فككت أنظمة الدفاع التي كانت سارية على الأسرى (الفلسطينيين) في الماضي، وتنفذ اليوم عمليات تعذيب وتنكيل في جميع مراحل الاعتقال، ولدى جميع قوات الأمن التي تعنى بالسجن، وذلك بمصادقة مستويات رفيعة، وبدون إشراف أو تدخل أجهزة قضائية أو إدارية، وبمشاركة طواقم طبية”.
ووقعت على التقرير الذي تم إرساله إلى الأمم المتحدة المنظمات الحقوقية “عدالة” و”اللجنة ضد التعذيب” و”أهالي ضد اعتقال قاصرين” و”المركز للدفاع عن الفرد” و”أطباء لحقوق الإنسان”.
وأضاف التقرير أن إسرائيل تبرر سجن فلسطينيين بأساليب قانونية لا تتلاءم مع القانون الدولي. والأسلوب الأساسي هو وصف أسرى فلسطينيين بأنهم “مقاتلون غير قانونيين”، وهذا الوصف غير مقبول في القانون الدولي، لكنه يسمح لإسرائيل باعتقال فلسطينيين لفترات طويلة من محاكمتهم ومن دون الحفاظ على حقوقهم كأسرى حرب.
واعتقلت إسرائيل خلال الحرب على غزة أكثر من 4000 من سكان غزة بموجب هذا الوصف، واستخدمت الاعتقالات الإدارية بشكل واسع. وقبل الحرب، كانت تحتجز إسرائيل 1100 معتقل إداري، وارتفع عددهم في أيلول/سبتمبر الماضي إلى 3500 معتقل إداري. ومتوسط مدة الاعتقال الإداري بات ضعف مدته قبل الحرب.
وسجن الأسرى من قطاع غزة في منشآت اعتقال في ظروف قاسية للغاية. وجاء في التقرير أنهم “كانوا مسجونين في منشآت محاطة بالقضبان في الخارج، ومعرضين لأضرار الطقس، ومقيدين ومعصوبي الأعين. وتم إرغامهم على الركوع معظم ساعات النهار وناموا على الأرض في ظروف صحية متردية، وفي ظل نقص شديد في العناية الطبية وقمع متواصل. ولا يزال عدة مئات من الأسرى مسجونين في هذه الظروف القاسية”.
وأشار التقرير إلى أن الأسرى تلقوا لاحقا عناية طبية فيما أيديهم مقيدة وعيونهم معصوبة واضطروا إلى استخدام الحفاظات لقضاء حاجتهم. وأضاف أن إسرائيل مارست ضدهم سياسة تجويع “بتقديم غذاء يومي يشمل ألف سعرة حرارية وحوالي 40 غراما من البروتين”.
وأكد التقرير على أن “مجمل الإفادات تدل على تنكيل خطير طوال فترة الاعتقال، ويشمل الضرب بالعصي وسكب مياه مغلية والتسبب بحروق خطيرة، وهجمات كلاب واستخدام ’غرفة ديسكو’ مع موسيقى قوية بشكل مؤلم، واغتصاب باستخدام أدوات”.
وأفاد التقرير بأنه في السجون التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية مورست سياسة تجويع وتنكيل ممنهجة، وشملت “ضرب ونطح بواسطة عصي، تقييد مؤلم، تهجمات كلاب، تهديدات، تبول على معتقلين، عنف جنسي واغتصاب باستخدام أدوات”، وأنه نتيجة لذلك تم توثيق ما لا يقل عن 94 حالة موت في منشآت اعتقال إسرائيلية منذ بداية الحرب، وشوهدت عشرات الحالات من الأضرار الصحية التي لا يمكن الشفاء منها.
وارتفع عدد الشكاوى ضد عمليات التعذيب أثناء التحقيقات من 66 شكوى طوال العشرين عاما التي سبقت الحرب، إلى 238 شكوى خلال سنتي الحرب. وذكر التقرير استشهاد ثلاثة معتقلين أثناء التحقيق معهم في الشاباك. ولا يعترف الشاباك بممارسة التعذيب، وإنما باستخدام “وسائل تحقيق خاصة” تشمل منع النوم، تقييد الأيدي والأرجل بوضعية مؤلمة، هز الجسد بقوة، اعتقال بدرجة حرارة منخفضة، استخدام موسيقى شديدة القوة، التحقيق بتعرية المعتقل وتهديدات لأفراد عائلات المعتقلين.
ولفت التقرير إلى أن عدد التحقيقات في الشكاوى على التعذيب ضئيل للغاية. ومن بين 238 شكوى قُدمت في أعقاب التحقيق في الشاباك، أوصى المسؤول عن استيضاح شكاوى الضحايا بفتح تحقيق في شكوتين، وفي نهايته لم تقدم لائحة اتهام.
وفتح الجيش الإسرائيلي 58 تحقيقا ضد جنود نكلوا وعذبوا معتقلين، بينها 44 تحقيقا كانت متعلقة بحالات موت معتقلين. وتم تقديم لائحة اتهام في حالتين فقط، إحداهما ضد خمسة جنود اتهموا بتعذيب معتقل فلسطيني في منشأة الاعتقال في معسكر “سديه تيمان”. وفي الحالة الثانية، أدين جندي بالتنكيل وحكم عليه بالسجن لسبعة شهور. وفتحت مصلحة السجون 36 تحقيقا حول تنكيل بمعتقلين، انتهت ستة تحقيقات فقط بتقديم لوائح اتهام.
وشدد التقرير على أن هذا “الوضع الرهيب في السجون حظي بمصادقة المحكمة العليا”، التي رفضت 18 من بين 20 التماسا تم تقديمها ضد ظروف الاعتقال، وبعد أن وافق القضاة على موقف النيابة. وفي الحالة الأولى التي نظرت فيها المحكمة العليا، أصدرت قرارا بإغلاق “سديه تيمان”، وفي الحالة الثانية، التي تعلقت بسياسة تجويع أسرى، وافقت المحكمة على الالتماس جزئيا بعد 17 شهرا من تقديمه.
وأكد التقرير على أنه في مصلحة السجون يستخدمون منع العناية الطبية كأسلوب تعذيب، وبضمن ذلك انتشار الجرب بين آلاف الأسرى. وشدد التقرير على أن مصير مئات المعتقلين الغزيين ما زال غير معروف، وأن أسرى فلسطينيين يحتجزون في زنازين العزل الانفرادي، ويُمنعون من لقاء مع محامي ومع مندوبين عن الصليب الأحمر ومع صحافيين ومع أفراد عائلاتهم.
وخلال اجتماع اللجنة ضد التعذيب في الأمم المتحدة، قبل أسبوعين، رفض المندوبون الإسرائيليون عن وزارتي الخارجية والقضاء ومصلحة السجون ما جاء في تقرير المنظمات الحقوقية بشأن انتهاك إسرائيل للمعاهدة والقانون الدولي من خلال ممارساتها ضد الأسرى الفلسطينيين، وادعوا أن النيابة العامة وجهاز القضاء في إسرائيل يشرفون على ما يجري في السجون ومنشآت الاعتقال، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأربعاء.


