لا تتكالبوا على أحمد الشرع

الإعلامي أحمد حازم
منذ قدوم الرئيس السوري أحمد الشرع الى سدة الحكم، وهو يتعرض لهجمات عديدة من ذوي النفوس الحاقدة من اتجاهات سياسية مختلفة، محلية وعربية. يتكالبون عليه لأنه يحمل أفكارًا إسلامية.
هؤلاء وغيرهم من الذباب الالكتروني نسوا أو تناسوا أن الشرع استطاع فعل ما عجز عنه الغير، حيث أسقط نظامًا قمعيا ظلَّ جاثما على صدر الشعب السوري أكثر من خمسين عاما.
لم يتركوا كلمة سيئة إلاّ وألصقوها بالشرع، لكنه لم يلتفت إليهم ولم يهتم بسخافاتهم.
قالوا إنّ تركيا ساعدته في إزاحة نظام الأسد. “وين الغلط؟”، فبدلًا من تقديم الشكر لأردوغان، توجه اتهامات للشرع!!
ويتساءلون بخبث عن سبب دعم أمريكا له وهو المطلوب رأسه أمريكيًا. على هؤلاء أن يفهموا أن السياسة لا تدار من قبل أغبياء، بل من جانب أذكياء، والرئيس الشرع استطاع بحكمته وذكائه أن يضع ترامب تحت إبطه، ويصبح الرجل الأول في سورية. قولوا لنا أي دولة عربية لا تتعامل مع أمريكا وبالأحرى تستطيع رفع رأسها أمام البيت الأبيض؟
أعجبني تعليق ناشط سوري على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي يقول فيه: “غير مهم كيف دخل الرئيس الشرع من الباب الخلفيّ أو الأماميّ الى البيت الأبيض، بل المهمّ أنّه دخل إلى المكتب البيضاوي واجتمع بالرئيس الأميركيّ، فيما أنتم ما زلتم عاجزين عن أخذ موعد مع شرطيّ سير في واشنطن”.
ما قاله الناشط السوري يعكس مشاعر ملايين السوريّين والكثير من المراقبين الدوليّين، ويعكس حجم الارتباك والغضب في صفوف المعارضين للرئيس الشرع، سواء داخل سوريا أو خارجها.
الرئيس السوري يا سادة، أجبر زميله الأمريكي ترامب على الاعتراف به كشخصية سياسية قوية، وهو اعتراف لم يحظ به أي رئيس عربي.
ففي مؤتمر صحفيّ عقده في البيت الأبيض، وصف ترامب نظيره السوريّ احمد الشرع قائلًا: “إنّه قائد قويّ جدًّا جاء من بيئة صعبة، وهو رجل صلب وأنا معجب به ولدينا انسجام تامّ، وسنفعل كلّ ما بوسعنا لجعل سوريا دولة ناجحة، لأنّها جزء أساسيّ من الشرق الأوسط”. ماذا يعني كلام ترامب؟ انه اعتراف منه بقدرة الشرع على إعادة الاستقرار إلى سوريا.
الرئيس السوري أفهم من لا يستوعب سياسته أن سوريا لا تبعية لها لأية جهة خارجية ولا حتى لروسيا أو لإيران وأن القرار الوطني مستقل، حيث يكثر الحديث في الفترة الأخيرة عن هيمنة هاتين الدولتين على القرار السوري. الشرع قالها بصوت عال: “نحن لا نتبع أحدًا ومن السهل القول إنّ روسيا أو إيران تتحكّمان بدمشق، لكنّ القرار السوريّ اليوم سوريّ بالكامل”.
الرئيس الشرع ومن خلال حنكته السياسية استطاع إقناع ترامب بتعليق تطبيق “قانون قيصر” لمدّة ستّة أشهر، وقرار التعليق يدعم جهود سوريا لإعادة بناء اقتصادها، واستعادة العلاقات مع الشركاء الأجانب، وتعزيز الازدهار والسلام لجميع مواطنيها.
وقد أوضح ترامب أن الولايات المتحدة تتوقع من الحكومة السورية اتخاذ إجراءات ملموسة لطي صفحة الماضي. وهذا التعليق يعكس وجود خارطة طريق متّفق عليها بين الجانبين. هذا القانون كان الملف الأبرز في المحادثات بين ترامب والشرع، إضافة الى أربعة ملفات محلية:
أولها، تسوية ملفّ “قوّات سوريا الديمقراطيّة” الكردية حيث سيتم دمجها ضمن أجهزة الدولة السوريّة الرسميّة، مع إشراك شخصيّات كرديّة في الحكومة. وثانيها، إدخال شخصيّات من المعارضة السوريّة لنظام الأسد في الحكومة، وثالثها “تنقية الصورة السوريّة” من مظاهر التطرّف. أما الملف الرابع، فهو تشكيل وحدات خاصّة ضمن الجيش السوريّ لتكون قوّة مؤثّرة في إعادة الاستقرار الأمنيّ على كامل الأراضي السوريّة.
وحسب المعلومات المتوفرة، تم بحث صياغة اتّفاق أمنيّ جديد بين اسرائيل وسوريا، بناءً على تفاهمات اتّفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، مع فارق جوهريّ هو الوجود العسكريّ الأميركيّ الفعليّ، وكذلك الاتّفاق على تمكين الحكومة السوريّة من استعادة سيطرتها على كامل أراضي البلاد، بما في ذلك محافظة السويداء، بطريقة هادئة وتدريجيّة من دون أيّ صدامات.
ويرى محللون أن الهدف الأول للشرع كان اسقاط نظام الأسد، والهدف الثاني تثبيت سلطته وإعادة بناء الدولة السوريّة بصورة مستقرّة ومقبولة دوليًا. المرحلة القادمة ولا سيما الأشهر الستّة المقبلة، ستكون بمثابة اختبار حاسم للرئيس السوري الشاب، الذي نتمنى له التوفيق.



