أخبار وتقاريرمقالاتومضات

غزة الفائزة.. طارت جائزة نوبل للسلام من ترامب ونتنياهو خسر الرأي العام العالمي

الإعلامي أحمد حازم

خيرًا فعلت لجنة جائزة نوبل باستبعاد الرئيس الأمريكي ترامب عن جائزة نوبل للسلام لهذا العام، ونأمل أن تبقى على موقفها هذا في العام المقبل، لأنّ شهية ترامب ستظل مفتوحة على هذه الجائزة حتى في العام القادم، أسوة بالرئيس الأمريكي الأسود الأسبق أوباما، فما بالك إذا كان الرئيس “أمريكي أبيض بامتياز وصهيوني بامتياز”.

الزميل الصديق رجا طلب -أحد كبار المحللين السياسيين في العالم العربي- يقول في مقال له: إنَّ ترامب وضع عينه على جائزة نوبل للسلام، التي تُخلد من ينالها في التاريخ، ويريد ان يكرس نفسه كرئيس أميركي آخر حصل عليها، مثل عدوه اللدود (صاحب البشرة السوداء) أوباما، فترامب لا ينظر للرئيس اوباما نظرة عنصرية وطبقية فقط، بل هناك دوافع سيكولوجية خطيرة في خلفية هذا العداء، أبرزها ان اوباما هو رجل مثقف ومتحدث لبق، وهذه صفات يفتقدها ترامب”.

لكن من جهة ثانية، كان ترامب يعرف في قرارة نفسه انه لن يحصل على الجائزة واعترف هو شخصيا بذلك بقوله الشهر الماضي لقادة عسكريين أمريكيين كبار: “هل سنحصل على جائزة نوبل؟ قطعا لا. سيمنحونها لشخص لم يفعل شيئا على الإطلاق”. هذه المرة صدق ترامب. فقد صرح المتحدث باسم البيت الأبيض ستيفن تشونغ في منشور له على منصة إكس قوله: “لقد أثبتت لجنة نوبل أنها تعطي الأولوية للسياسة على حساب السلام”.

لجنة جائز ة نوبل قررت منح جائزة السلام لزعيمة المعارضة الفنزويلية اريا كورينا ماتشادو مبررة ذلك بجهودها “من أجل عملية انتقال عادلة وسلمية من نظام ديكتاتوري إلى آخر ديمقراطي”.

يعني كونها معارضة فقط للرئيس الفنزويلي مادورو المنتخب ديمقراطيا والذي رفض وضع نفسه تحت عباءة ترامب ويعارض سياسته بشكل عام وسياسته في الشرق الأوسط بشكل خاص.

إذًا، إن منح هذه الجائزة لا يعتمد على مبدأ بل هو انتقائي. فما علاقة سياسية معارضة لنهج رئيس فنزويلا بالسلام؟ وماذا فعلت هذه المعارضة للسلام العالمي سوى انها تريد تطبيق سياسة ترامب في بلدها، إضافة الى انها داعمة لإسرائيل؟ على كل حال وبالرغم من سلبيات خطة ترامب، فإن غزة وحدها هي الفائزة بكل الجوائز غير المعلنة: فهي الفائزة بجائزة الصبر وجائزة تحمّل القهر والاستبداد وجائزة التجويع وجائزة عدد القتلى وجائزة التخاذل العربي والاسلامي.

غزة ربحت معركة الصمود في الأرض، والثبات على المبادئ، وجائزة مواجهة أكبر قوة عسكرية في المنطقة. وأخيرا وليس آخرًا غزة الفلسطينية أجبرت ترامب على العمل بجدية من أجل وقف الحرب. لماذا؟

كافة المؤشرات تدل على أن نتنياهو فشل في تحقيق أهدافه عسكريا وخسر الرأي العام العالمي. محلل سياسي عربي يقول: بعد سنتين من حرب نتنياهو على غزة بالسلاح الأميركيّ، عجز عن تحقيق نصر عسكريّ واضح، وتآكلت صورة إسرائيل، ولذلك تم نقل الصراع من الميدان إلى الطاولة السياسية، بما يتيح لها إعادة توجيه مخرجات الحرب وفق ما يخدم مصالحها.

إذًا، غزة هي المنتصرة. والانتصار ليس فقط عسكريًا والعجز عن تحقيقه هو انتصار للطرف الآخر. المحلل العسكري آفي أشكنازي يقول في مقال له بصحيفة معاريف “إن الهزيمة الإسرائيلية بدأت منذ 26 أغسطس 2014، نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة الذي استمر 50 يومًا.

ويرى أشكنازي أن إسرائيل بنت حول نفسها أسطورة مضللة عن الردع والتفوق العسكري، وغرقت في غطرسة القوة، متجاهلة جميع إشارات الإنذار المبكرة وصدّقت روايتها الخاصة حتى لحظة الانهيار في السابع من أكتوبر لتكشف الحقيقة المرة: مفاجأة كاملة وإذلال عسكري غير مسبوق، يشبه صدمة حرب 1973، لكن ضد منظمة كان يُنظر إليها كخصم ضعيف”.

لا يوجد انسان عاقل يرفض السلام، لكن ليس السلام الخادع، والجميع يرحب بوقف إطلاق النار في غزة. ولكن الوقف الشامل بكل معنى الكلمة. التجارب أثبتت لنا ان كل عمليات التفاوض مع اسرائيل والولايات المتحدة لم يتم الالتزام بها أمريكيًا وإسرائيليًا، ولذلك فإن التخوف من غدر التحالف الأمريكي الإسرائيلي

هو تخوف مشروع. وقد غدر هذا التحالف بلبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار وتنصل الوسيط الأمريكي بحجة عدم إمكانية الضغط على إسرائيل.

والسؤال المطروح: ماذا سيحصل إذا لم تلتزم إسرائيل وأمريكا بالاتفاق بعد استرداد الأسرى الإسرائيليين؟ سؤال واضح بحاجة الى جواب أوضح. قد تنتهي الحرب على غزة وقد تستمر، لكن غزة لم ولن تنتهي. نقطة أول السطر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى