انهيار سياسي ودبلوماسي لإسرائيل.. وترامب ينتظر جائزة نوبل للسلام

الإعلامي أحمد حازم
في السابع من يونيو/ حزيران العام الماضي، حذَّرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية من “انهيار دولة إسرائيل؛ ومن بداية العد التنازلي لزوال إسرائيل”.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن “إسرائيل تمارس الوحشية حاليًا، ما سيجعل انهيارها مسألة وقت إذا لم يكن هناك تحرك لإيقافها”.
ومنذ ذلك الوقت مضى 16 شهرًا تغير فيها الوضع في غزة من سيئ إلى أسوأ ومن وحشية إلى أكثر وحشية، وتغير فيه أيضًا وضع إسرائيل دوليًا، حيث تم حشرها في زاوية دبلوماسية لا تستطيع الخروج منها.
ولذلك نرى نتنياهو يتخبط في تصرفاته مثل هائج فقد صوابه.
لم تعد التحذيرات والانتقادات تأتي فقط من الخارج، بل إن الإعلام الإسرائيلي ذاته بدأ يقرّ بعمق المأزق الذي تمرّ به الدولة العبرية.
صحيفة يديعوت أحرونوت وصفت الوضع الراهن بأنه «أحلك فصل في القرن الحادي والعشرين»، محذّرة من أن تل أبيب تواجه «تسونامي دبلوماسي» غير مسبوق بسبب استمرار حربها على غزة وتداعياتها المتفاقمة.
هذا الاعتراف العلني من داخل إسرائيل يعكس حجم القلق الذي بدأ يتسرب إلى دوائر صنع القرار، ويكشف أنَّ الأزمة لم تعد مجرد انتقادات دولية عابرة، بل تحولت إلى عزلة حقيقية تضع إسرائيل في موقع دفاعي حتى أمام حلفائها التقليديين.
إسرائيل الآن في عزلة دائمة، ونتنياهو يتخبط في سياسته التي تجلب المصائب ولا يوجد أحد في إسرائيل لديه القدرة لوضع حد لهذه السياسة.
أوروبا التي طالما دافعت عن إسرائيل بدأت الآن تظهر مواقف معاكسة لأنها لم تعد تحتمل ممارسات نتنياهو في غزة ولم تعد قادرة على الاستمرار في غض النظر عن أكاذيبه. حتى إن صحيفة يديعوت أحرونوت رأت نفسها مضطرة إلى الاعتراف بهذا التحول الأوروبي.
فقد ذكرت الصحيفة “أن العواصم الأوروبية لم تعد تكتفي ببيانات القلق التقليدية، بل انتقلت إلى إجراءات عملية تحمل طابع العقوبات.
وبلجيكا كانت المثال الأبرز، بعدما أعلنت نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الأمم المتحدة، وفرضت 12 عقوبة مباشرة على إسرائيل.
وكيف كان رد نتنياهو على بلجيكا؟
نتنياهو كعادته استخدم لغة عدم الوفاء لإسرائيل وتوجيه اتهامات الميل “للإرهاب الإسلامي”.
وعلى ذمة صحيفة يديعوت أحرونوت فقد اتهم نتنياهو بلجيكا بأنها “تضحي بإسرائيل لإرضاء الإرهاب الإسلامي”.
غير أن المعلقين الإسرائيليين أنفسهم يرون أن هذه اللغة لم تعد قادرة على تغيير واقع عزلة إسرائيل المتزايدة، بل إنها تكشف ارتباك القيادة في التعامل مع الضغط الخارجي.
صحيفة هآرتس ترى أن أخطر تحول تشهده إسرائيل لم يأتِ من أوروبا، بل من أمريكا نفسها.
فالرئيس الأمريكي ترامب المعروف بولائه التام لإسرائيل فاجأ نتنياهو قبل الاجتماع به بتصريح غير متوقع “إن تل أبيب قد تربح الحرب عسكريًا لكنها تخسر في معركة الرأي العام، وإن اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس لم يعد بالقوة التي كان عليها”.
هذا التصريح من الرئيس الأمريكي اعتبره بعض المحللين ضربة قوية لنتنياهو، إضافة إلى تصريحه بأنه لن يسمح بضم أجزاء من الضفة الغربية.
لفت نظري في المؤتمر الصحفي الذي عقده ترامب مع نتنياهو، مخاطبة نتنياهو الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بالقول: “إذا رفضت حماس خطتك أو إذا ظاهريًا قبلتها ثم قامت بكل شيء بالعكس، فإن إسرائيل ستنهي المهمة بنفسها ويمكن فعل ذلك بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة”. وأعلن نتنياهو أن “الخطوة الأولى، في حال موافقة حماس، ستكون انسحابًا جزئيًا محدودًا يتبعه إطلاق سراح الأسرى”.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا لو ادعت إسرائيل أن حماس لم تلتزم؟ ماذا عن الميليشيات التي زرعتها إسرائيل في غزة؟
واضح أن الخطة الترامبية الأخيرة هي ما تبقى من أمل لإنهاء الحرب على غزة، وواضح أيضًا أن ترامب مصمم هذه المرة وبأي ثمن على وقف الحرب على الطريقة الأمريكية.
خطة ترامب تتضمن تشكيل مجلس سلام برئاسته وعضوية صهره كوشنير والبريطاني طوني بلير، المتوقع أن يدير شؤون غزة لفترة محدودة. ما شاء الله على هيك مجلس: كوشنير مهندس اتفاقيات إبراهام وطوني بلير مدمّر العراق. و”المكتوب يُقرأ من عنوانه”.
باعتقادي أنّ ترامب رأى نفسه مضطرًا للعمل على إنجاز شيء مميز يتعلق بغزة لسببين، أولهما الرأي العام الدولي، حيث أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات السياسيّة الأميركيّة بجامعة هارفرد (سي إيه بي إس – CAPS)، أنّ 71% من الفئة العمريّة من الشباب الأميركي، الذين ينتمون للحزب الديمقراطي، لا يُوافقون على سلوك إسرائيل ويُعارض 57% منهم الدعم العسكري الذي تُقدِّمه الولايات المتّحدة لإسرائيل، في حين يقول ما يقرب من نصف البالغين البريطانيّين إنّ إسرائيل تُعامِل الفلسطينيّين كما عامل النازيّون اليهودَ في “الهولوكوست”.
والسبب الثاني، شوق كبير لدى ترامب لمنحه جائزة نوبل للسلام في حال سار كل شيء على ما يرام وحسب الخطة الترامبية، والطريق سالكة أمامه. كان الله في عون الغزيين.



