أخبار وتقاريرمقالاتومضات

سوريا الشرع تغلق الأبواب أمام محاولات خلق كيانات انفصالية وحكم ذاتي

الإعلامي أحمد حازم

يكثر الحديث هذه الأيام عن لقاءات سرية وعلنية بين وفود من سوريا وإسرائيل. ومن الأحاديث الخبيثة ما تشير الى أنَّ الهدف من اللقاءات هو التطبيع على غرار “اتفاقات أبراهام”، وأحاديث أخرى تقول إنَّ اللقاءات تتركز على أمور أمنية.

العاصمة الفرنسية باريس، كانت في الأيام الأخيرة ملتقى لحدثين سياسيين في غاية الأهمية والحساسية: المؤتمر المتعلق بحل الدولتين بمبادرة فرنسية سعودية، والمؤتمر المتعلق بالوضع في سوريا والعلاقة مع إسرائيل برعاية أمريكية.

ثلاث شخصيات سياسية مهمة اجتمعت في باريس لبحث العلاقة أو بالأحرى كيفية رسم العلاقة المستقبلية بين سوريا وإسرائيل فيما يتعلق بالناحية الأمنية وليس التطبيعية كما يحلو للبعض تفسيرها: أولها وزير الخارجيّة السّوريّ أسعد الشّيباني، وثانيها وزير الشّؤون الاستراتيجيّة الإسرائيليّ رون ديرمر، وثالثها المبعوث الأميركيّ إلى سوريا توم برّاك. فماذا بحثت اجتماعات باريس السّوريّة – الإسرائيليّة – الأميركيّة؟

اللافت للنظر أنه قبل ساعات قليلة من اجتماع الثلاثة، جرى اجتماع خاص بين رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف وبين المبعوث الأميركي برّاك.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يفعل طريف الدرزي الإسرائيلي في هذا المؤتمر؟ بمعنى لماذا الإصرار الإسرائيلي الأمريكي على أن يكون للشيخ طريف دور في المباحثات المتعلقة بسوريا؟ فإذا كان الجواب لأن دروز سوريا هم جزء من المشكلة فالأمر ليس مقنعا، لأنَّ ما يجري في سوريا هو شأن داخلي محض.

وسؤال آخر: لماذا لم يتم اختيار رئيس الطائفة الدرزية في لبنان الشيخ سامي أبو المنى للمشاركة في المباحثات؟ الجواب في منتهى الوضوح: لأنّ الشيخ ابو المنى قالها علانية في الثامن عشر من شهر تموز الماضي، إنّه “يرفض كل نزعة انفصالية أو مساع لطلب حماية إسرائيلية، لما تمثله من تهديد مباشر لهوية الموحدين الدروز وتاريخهم، وكونها تتعارض مع مبدأ الدفاع عن كرامتهم”، بينما الشيخ طريف يطالب علانية بتدخل وحماية إسرائيلية.

المعلومات المتوفرة عن اجتماع الشّيباني – ديرمر – برّاك تقول إنّ وزير الخارجية السوري الشيباني وخلال وضع اللمسات الأخيرة على الاتّفاق الأمنيّ المُزمع توقيعه بين دمشق وتل أبيب على هامش الجمعيّة العامّة للأمم المُتّحدة في أيلول المُقبل، كان مصرًا على تأكيد ما قاله الرئيس السوري أحمد الشّرع عن السيادة ووحدة أراضي سوريا، علمًا بأنَّ الوفد الإسرائيلي طرح جملة مطالب أمنيّة تتعلّق بالجنوبَين السوريّ واللبنانيّ، والانسحاب التدريجي من بعض النقاط الحدودية داخل الأراضي السّوريّة، مقابل ترتيبات أمنيّة سيُتّفق عليها مع الجانب السّوريّ في جولة تفاوض ستُعقدُ قريبًا بين الشّيباني وديرمر برعاية برّاك.

وما دام الشيء بالشيء يذكر وعلى ذمة قناة “سكاي نيوز” الامريكية، فإن قمّة ستُعقد في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، بين الرئيس السوري أحمد الشرع، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب. والسؤال الذي يطرح نفسه عن مدى مصداقية القناة الأمريكية في نشر هذه المعلومة.

العقدة الرئيسية في المباحثات هي ما يسمى “قوّات سوريا الديمقراطية”، وهي قوات كردية مدعومة من اسرائيل. فقد شدَّد الشيباني على ضرورة إنهاء الوضع العسكري لهذه القوات وإخضاعها لسُلطة الدّولة السورية، وأفهم الشيباني الجانب الإسرائيليّ أنّ اللقاءات التي يجريها مسؤولون من هذه القوات مع موفدين من الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة لن تساعد في إبرام الاتّفاق مع النظام السوري.

إذًا الموقف السوري واضح: لا اتفاق أمني بدون وقف المساعدات للقوات الكردية.

الأمريكيون والفرنسيّون لم يقفا مكتوفي الايدي، فقد اقترحا دمج عناصر هذه القوات في لواءٍ أو فرقةٍ ضمنَ الجيش السّوريّ، من دون أن يكونَ عندهم استقلاليّة الحركة العسكريّة، وتقديم ضمانات سياسية للأكراد للمُشاركة في نظام الحُكم الجديد في سوريا.

الجانبان السّوريّ والإسرائيلي اجتمعا علانية للاتفاق على أمور أمنية وليس على التطبيع، والفارق كبير بين الأمرين. وعلى ذمة المحللين يبدو أنّ الاتفاق على توقيع اتّفاق أمنيّ على هامش اجتماعات الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في نيويورك برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب أصبح في متناول اليد.

ما يعتبر في غاية الأهمية في هذا الاتفاق، وجود بند فيه يؤكّد وحدة الأراضي السوريّة وبسط السيادة السورية على كامل الجغرافيا السّوريّة، ما يعني إغلاق كل الأبواب أمام مشاريع الحُكم الذّاتي.

وفيما يتعلق بالتطبيع، فالشعب السوري قال كلمته: المركز السوري لدراسات الرأي العام (مدى)، وهو مؤسسة بحثية تعرّف نفسها بالمستقلة، أصدر في نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي، نتائج استطلاع للرأي أجراه في معظم المحافظات السورية حول قضية التطبيع، جاء فيه أن نسبة المعارضين لوجود تمثيل دبلوماسي بين البلدين بلغت نحو 60 في المئة مقابل نسبة المؤيدين التي وصلت إلى ما يقرب من 17 في المئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى