ما الذي قاله رئيسان أمريكيان لنتنياهو ولموفد الحركة الصهيونية العالمية؟!

الإعلامي أحمد حازم
التاريخ لا يكذب ولا يفرّق بين عربي وأعجمي، ولا بين شرقي وغربي، ولا بين أسود وأبيض. التاريخ لا يتحدث فقط عن الهمجية النازية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية، ولا يتحدث فقط عن “المحرقة” أو “الهولوكوست” وهي الإبادة الجماعية لليهود فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) أيام الحكم النازي في ألمانيا. فإلى جانب اليهود (كما يقول التاريخ أيضًا) قتل النازيون مجموعات أخرى من البشر، بما فيهم الغجر وذوو الإعاقة والمعارضين السياسيين وغيرهم.
التاريخ يتحدث أيضًا عن مجازر ارتكبها أحفاد من قتلوا في المحرقة في فلسطين عام 1948 وبعد النكبة، وهي مجازر سجَّلها التاريخ في غزة و لبنان وسوريا ومصر. التاريخ وحده الذي يوجد فيه مساواة في تسجيل الخبر الحقيقي، والتاريخ وحده فقط هو الذي يحفظ الحقيقة في صفحاته.
هذا التاريخ يقول إنَّ العلاقات الأميركية- الإسرائيلية وضع حجر الأساس لها اثنان: يهوديّ مهاجر يُدعى إدوارد جاكبسون، من سكّان مدينة كانساس في ولاية ميزوري، والثاني اسمه هاري ترومان.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أقام الرجلان محلًّا تجاريًّا لبيع الخردوات من اللوازم المنزلية البسيطة في مدينة كانساس. وبعد الكساد الاقتصادي في الولايات المتّحدة أفلس الاثنان وانفصلا عن بعض لكنهما حافظا على صداقتهما. جاكبسون استمر في العمل التجاري المنفرد فيما توجّه ترومان نحو العمل السياسي.
الإنسان لا يعرف ما يخبئ له القدر. ففي عام 1948 انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين وفي العام نفسه أصبح هاري ترومان رئيسًا لأمريكا. التاريخ يقول إنَّ ترومان في البداية لم يكن صديقا أو مؤيدًا لليهود بل كان معارضًا لمشروع إقامة دولة يهوديّة، وكان يقول دائمًا إنّ “السيّد المسيح نفسه عجز عن إرضاء اليهود، فكيف يمكن لي أنا أن أرضيهم؟”.
الحركة الصهيونية لم تتقبل هذا الموقف وسعت بكل الوسائل لتغيير موقف ترومان، فقد قررت إرسال حاييم وايزمان أحد كبار زعمائها إلى واشنطن، إلّا أنّ ترومان رفض استقباله. الحركة الصهيونية العالمية ظلت مصرّة على تغيير موقف ترومان من اليهود، فوقع خيارها على البائع الجوّال جاكبسون الصديق القديم لترومان، وشريكه السابق في تجارة الخردوات الذي أصبح سيّد البيت الأبيض، وطلبت منه الحركة الصهيونية التوسط إلى صديقه القديم. لم يكن جاكيسون يحتاج إلى موعد مسبق لزيارة الرئيس. كان معروفًا بصداقته لترومان، ولذلك توجّه جاكبسون إلى ترومان بدون موعد، فاستقبله بحرارة واستطاع بالفعل أن يقنعه بتغيير موقفه بالموافقة على مشروع تقسيم فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطاني، إلى دولتين يهودية وعربية.
التاريخ يقول عن هذا اللقاء بين الرجلين إنّ ترومان كان في حيرة من أمره وظل يفكر كثيرًا وهو ينظر عبر النافذة إلى حديقة الورود، وفجأة ضرب طاولة الاجتماع بتوتّر شديد وقال لشريكه السابق: “لقد كسبت الرهان يا ابن العاهرة”. وخرج جاكبسون من البيت الأبيض ليحمل إلى الحركة الصهيونية بشرى تغيير موقف ترومان بموافقته على إقامة دولة يهودية في فلسطين. ويعترف ترومان في مذكّراته أنّ زميله السابق في تجارة الخردوات لعب الدور الحاسم في هذه المسألة التي أسفرت عن اعتراف أمريكا بإسرائيل في 14 أيّار 1948 كأول دولة في العالم.
أمّا الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، فله حكاية شبيهة بحكاية ترومان مع مبعوث الحركة الصهيونية. يقول التاريخ إنّ كلينتون “بلغ السيل الزبى” عنده من نتنياهو وقال عنه: “ابن العاهرة الذي يحاول أن يفرض علينا آراءه ومواقفه”. الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش (الابن) له أيضًا حكاية مع اليهود لكنها غير مرتبطة بـ “ابن عاهرة” أو “ابن سافلة”. يقول التاريخ إن بوش الابن هدد بوقف كلّ الدعم الماليّ والعسكري الذي تقدّمه الولايات المتّحدة لإسرائيل إذا واصلت تمرّدها على قرارات الرئيس ومواقفه في الشرق الأوسط. يومها قال وزير الأمن الإسرائيلي أرييل شارون إنّ “الرئيس بوش يتودّد للعرب على حساب المصالح الإسرائيلية”.
وشبّه ذلك بما فعلته الدول الأوروبية مع هتلر قبيل نشوب الحرب العالمية الثانية!
وقد سبق للرئيس الأميركي جون كينيدي أن هدّد إسرائيل برفع الغطاء العسكري والسياسي عنها إذا أصرّت على منع مفتّشين دوليّين من الدخول لمنشآتها النووية (ديمونا). وهنا لا بد من الإشارة (ويا لها من صدفة) الى أن الرئيس كينيدي نفسه قُتل اغتيالًا في ظروف لم يُكشف عن أسرارها حتّى اليوم.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن رئيس الوزراء السويدي أولاف بالمه الذي كلن صديقًا قويًا ووفيًا للفلسطينيين ولا سيما للراحل ياسر عرفات قد تم قتله في عام 1986. النيابة السويدية “تعتقد؟!” بأن المشتبه به في قتل بالمه يدعى ستيغ أنغستروم، وقد انتحر. يا لها من صدفة أيضًا. وجراء ذلك تم إغلاق ملف التحقيق في مقتل بالمه!!!



