مباحثات أميركية إسرائيلية في تل أبيب.. هل الأولوية وقف التصعيد ضد الفلسطينيين أم ردع إيران؟
ربط كبير الباحثين بالمركز العربي في واشنطن خليل العناني محادثات رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي في إسرائيل بمحاولات أميركية مستبقة لتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنع تحولها إلى حرب مفتوحة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. في حين أرجع الخبير في الشؤون الإسرائيلية صالح النعامي هذه التحركات إلى تطورات الملف النووي الإيراني.
ويبحث ميلي في تل أبيب التحديات في إسرائيل والمنطقة، أثناء زيارته التي تعقب مناورات أميركية إسرائيلية، حاكت تنفيذ ضربة جوية لمنشآت إيران النووية، حسب تل أبيب.
وحسب العناني، فهناك شعور أميركي بأن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة تعمل على إفشال المساعي الأميركية المتعلقة بالتهدئة وبمسألة حل الدولتين وجعل العلاقات الأميركية الإسرائيلية تنزلق إلى منحدر شديد، ولذلك تأتي زيارات مسؤولين أميركيين كبار لبعث رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية.
وأشار في حديثه لحلقة (2023/3/3) من برنامج “ما وراء الخبر” على قناة الجزيرة إلى اختلاف الأولويات بين واشنطن وتل أبيب؛ فالجانب الإسرائيلي لديه 3 أولويات: إنهاء حلم الدولة الفلسطينية عبر بناء المستوطنات وقتل الفلسطينيين وطردهم من قراهم، وثانيا ضرب إيران عسكريا، وثالثا توسيع رقعة التطبيع مع الدول العربية.
أما الولايات المتحدة الأميركية فتقتصر أولوياتها -كما يقول العناني- على منع التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنع وصول إيران من امتلاك القنبلة النووية وليس ضربها عسكريا، والنقطة الثالثة تشترك فيها مع إسرائيل وتتمثل في دعم تطبيع الدول العربية مع تل أبيب.
أما النعامي فلا يعتقد أن أولويات واشنطن تختلف عن أولويات تل أبيب بدليل أنها ضغطت على السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل المشاركة في اجتماع العقبة الأخير، وضغطت عليها أيضا للتراجع عن قرار يدين إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، مبينا أن الإدارة الأميركية غير قادرة على اتخاذ خطوات عملية لردع إسرائيل.
تباين أميركي إسرائيلي بشأن إيران
وفي موضوع إيران، قال النعامي إن زيارة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة إلى تل أبيب جاءت بعد تطورات متلاحقة، بعد تصريح كولن كال مساعد وزير الدفاع الأميركي في شهادته أمام الكونغرس بأن إيران أصبح بإمكانها إنتاج مواد لقنبلة نووية واحدة خلال 12 يوما، وتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يفيد بعثور طهران على جزيئات من اليورانيوم مخصبة بنسبة تزيد على 80%.
ورأى أن واشنطن لديها قواسم مشتركة مع تل أبيب بخصوص إيران، وأن المناورات بين الطرفين والتي حاكت تنفيذ ضربة جوية لمنشآت إيران النووية، حسب تل أبيب، هي رسالة ردع للإيرانيين، لكنه أوضح أن الخلاف بينهما يتعلق بطريقة الردع؛ فبينما تريد إسرائيل ضربة عسكرية، تقول واشنطن إن ذلك سيحصل في حال أنتجت السلاح النووي، مشيرا إلى موقف أميركي أكثر اعتدالا من الأوروبيين خلال الفترة الأخيرة، والسبب هو رغبة واشنطن في إبقاء مجال العودة للاتفاق النووي الشامل الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب.
ويؤيد كبير الباحثين بالمركز العربي في واشنطن من جهته أن واشنطن تريد اتفاقا سيئا مع إيران أحسن من لا اتفاق، وأنها لا تفضل العمل العسكري ضدها، لأن ذلك سيجعل الأميركيين يدفعون فواتير مكلفة جدا خاصة في ظل انتشارهم العسكري في المنطقة، مستبعدا أن تندلع الحرب في عهد الرئيس الحالي جو بايدن، لكنها قد تحدث في حال تولى الجمهوريون السلطة لأن لديهم استعداد لذلك.
كما استبعد أن تقوم حكومة نتنياهو بشن ضربة عسكرية ضد إيران دون موافقة أميركية.
يذكر أن زيارة رئيس هيئة الأركان الأميركي إلى إسرائيل تمهد أيضا -حسب وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)- إلى زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن المرتقبة الأربعاء المقبل إلى تل أبيب، ضمن جولة ستأخذه أيضا إلى القاهرة وعمّان.
ويشمل هذا الحراك أيضا زيارة مرتقبة لوزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي، إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، حيث سيلتقيان مسؤولين في الإدارة الأميركية، بينهم مستشار الأمن جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن. وستتركز المحادثات على إيران أيضاً، حسب ما ذكرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية.