زيادات حادة في أسعار الوقود تلهب معيشة اللبنانيين

رفعت الحكومة اللبنانية، اليوم الثلاثاء، أسعار الوقود بشكل حاد، بعد أن وافقت الأسبوع الماضي فعليا على خفض دعم المحروقات، في تحرك يستهدف تخفيف نقص يسبب حالة من الشلل، لكنه سيزيد الضغط على المستهلكين، لا سيما من الطبقات الفقيرة التي تعاني من موجات الغلاء وتراجع القدرات الشرائية.
وزاد سعر صفيحة البنزين “95 أوكتان” سعة 20 ليترًا بقيمة 15900 ليرة، لتصل إلى 61100 ليرة، بصعود بلغت نسبته 35%، كما ارتفعت صفيحة بنزين “98 أوكتان” بقيمة 16300 ليرة لتبلغ 62900 ليرة، وصعد المازوت 12800 ليرة إلى 46100 ليرة للصفيحة، وزاد الغاز 9200 ليرة إلى 37600 ليرة.
وشهدت محطات الوقود ازدحاماً كثيفاً، وامتدت طوابير السيارات التي تنتظر دورها لتعبئة خزاناتها بالبنزين لمسافات طويلة، بينما كانت غالبية المحطات مقفلة بانتظار بدء سريان القرار الجديد، بناءً على الموافقة الاستثنائية التي أعطيت لتأمين استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة للدولار لمدة ثلاثة اشهرٍ، بدلاً من سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة للدولار.
وأعلنت المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه في بيان، أمس الاثنين، أن الشركات المستوردة للنفط ستقوم بتسليم المحروقات لزوم السوق المحلي استناداً إلى جدول الأسعار الجديد، كما أن مصرف لبنان باشر بفتح اعتمادات البواخر النفطية الراسية قبالة السواحل اللبنانية، وعليه، بدأت البواخر النفطية إفراغ حمولتها، وهذا سيوفر بصورة مستدامة تأمين السوق المحلي بالمحروقات.
وكانت المديرية العامة للنفط اعتمدت إجراءات وتدابير احترازية لعدم تحقيق أرباح على حساب المواطن، بعدما أقدمت عدة محطات على الإقفال للاحتفاظ بمخزونها المدعوم على سعر 1514 ليرة للدولار، بغرض بيعه اليوم وفق تسعيرة 3900 ليرة للدولار، ما دفع المديرية إلى الطلب من الأجهزة الأمنية المساعدة على فتح هذه المحطات مع اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها.
وقررت المديرية إقفال كل الشركات النفطية المستوردة الخاصة ومنشآت النفط في طرابلس شمالاً والزهراني جنوباً، والامتناع عن تسليم أي بضاعة للسوق المحلي، وطلبت من مديرية الجمارك جرد المخزون في كل مخازن شركات الاستيراد في القطاع الخاص ومخزون المنشآت النفطية.
ودعا مسؤولون اللبنانيين إلى الاطمئنان، لأن أزمة الوقود ستشهد انفراجة بعدما بدأت ستّ سفن بتفريغ المحروقات تباعاً، بينما يؤكد مواطنون أن رفع أسعار المحروقات سيفاقم من الصعوبات المعيشية، إذ ستطاول زيادة الأسعار مختلف السلع والقطاعات التي تعتمد على البنزين والمازوت، ما يعني مزيداً من المعاناة والجوع والفقر.
ولبنان في خضم أزمة مالية وصفها البنك الدولي مؤخراً بأنها إحدى أشد حالات الركود في التاريخ الحديث، إذ وصلت معدلات الفقر وفق البيانات الرسمية إلى نحو 55% من السكان.
وفي سياق التحركات الشعبية احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار وما رافقها من تسجيل أحداث أمنية، عدا عن الإشكالات التي تقع يومياً أمام محطات الوقود، ينعقد المجلس الأعلى للدفاع اليوم في قصر بعبدا الجمهوري بدعوةٍ من الرئيس ميشال عون.
وتستمرّ التحركات الاحتجاجية في لبنان رفضاً لارتفاع سعر صرف الدولار وتدهور قيمة الليرة، التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها، بينما تعجز السلطات الرسمية وأجهزتها الأمنية والقضائية عن ضبط السوق السوداء، وسط اتهامات توجّه إليها بتغطية كبار الصرافين وتجار العملة وتحصينهم من أي مساءلة أو محاسبة.
وشهدت مناطق عدّة في الشمال والبقاع والجنوب وبيروت قطعاً للطرقات أمس، احتجاجاً على تردي الأوضاع المالية والمعيشية وتفاقم الأزمات التي تزيد من معاناة المواطنين وتهدد أمنهم الغذائي والصحي.



