أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

“مهرجان الأقصى في خطر” ودوره في رفع الوعي (2)

صناعة الوعي، رسائل المهرجان، خطابات وشعارات تشحذ الهمم

ساهر غزاوي

صناعة الوعي
كان نداء مهرجان “الأقصى في خطر” مبكرًا ومدركًا لحقيقة واقع القدس والأقصى تحت الاحتلال الإسرائيلي، واستنهاضًا جامعًا ناجحًا ويقوي العزائم، ويشحذ الهمم. حيث أن فعاليات المهرجان الذي نظّمته الحركة الإسلامية (المحظورة إسرائيليا من 2015) على مدار عقدين متتالين، في استاد السلام في مدينة أم الفحم، تعتبر تظاهرة سنوية تدق ناقوس الخطر تدعو لحماية المسجد الأقصى في ظل ما يتهدده من مخاطر سياسة التهويد والحفريات أو المؤامرات التي تعدها وتنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي وجماعات استيطانية تسعى لهدم الأقصى وإقامة ما يسمى “الهيكل”.
استمر المهرجان لعشرين عامًا متواصلة، تجديدًا للبيعة للحفاظ على المقدسات، ورفضًا للمفاوضات، وحصادًا للخير في نفوس الناس التي جادت بالمال والوقت لأجل كل المشاريع التي ولدت دفاعًا عن المسجد الأقصى، وتثبيتًا لحق المسلمين، وتثبيتًا للمقدسيين، وتصديًا لكل مشاريع التهويد والتفريغ لمدينة القدس، من مسيرة البيارق، إلى ترميم المساجد والبيوت، والمشاريع التي هدفت لربط الأطفال بالمسجد الأقصى، ومصاطب العلم، وكل ما من شأنه تحقيق معنى الرباط على في القدس والمسجد الأقصى، بحسب منظور الحركة الإسلامية.

رسائل المهرجان
حمل مهرجان “الأقصى في خطر” رسائل كثيرة بحضور عشرات الآلاف من الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل ومدينة القدس، التي كانت تتفاعل مع الكلمات الحماسية وتردد مرارًا وهي ترفع رايات التوحيد الخضراء “بالروح .. بالدم .. نفديك يا أقصى”. فقد أطلقت الحركة الإسلامية نداءها الخالد الذي تردد أول ما تردد في سماء مهرجانها الأول “الأقصى في خطر”، في عام 1996 عندما هتفت كل حشود ذاك المهرجان رجالًا ونساًء وشبابًا وأطفالًا بصوت واحد موحد: (‏بالروح بالدم نفديك يا أقصى)، ثم تحوّل ذاك الهتاف إلى هتافها الدائم في سائر مهرجاناتها السنوية التي أقامتها كل عام باسم “الأقصى في خطر”. ومنذ ذاك العام (1996) حتى آخر دورة للمهرجان (2015) تحول ذاك الهتاف: (بالروح بالدم نفديك يا أقصى) إلى هتاف عالمي بات يتردد على ألسنة الملايين يوميًا على صعيد الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني، وهكذا نجحت الحركة الإسلامية بإعادة اللحمة الشعورية بين القدس والمسجد الأقصى من جهة وبين الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني من جهة أخرى، بعد أن كادت تغيب قضية القدس والمسجد الأقصى عن وعي ووجدان المسلمين والعرب والفلسطينيين. ونجحت ‏الحركة الإسلامية‬ برد الاعتبار القَيِّم رسميًا وشعبيًا إلى قضية القدس والمسجد الأقصى، بعد أن كادت هذه القضية تسقط من جدول اهتمام السياسيين على صعيد الحكام المسلمين والعرب، وبعد أن حاولت اتفاقية (أوسلو) أن تحوِّلها إلى ملف مؤجل حتى إشعار آخر لا يعرف أحد متى نهايته.
وعليه، فإن مهرجان “الأقصى في خطر” قد أنجز دوره وحقق الهدف المنشود منه، وهو إحياء قضية الأقصى في قلوب المسلمين في العالم وتسليط الأضواء على المخاطر التي تحدق به نتيجة سياسات الاحتلال الإسرائيلي. وأثبتت الحركة الإسلامية أن شعارها الذي رفعته “الأقصى في خطر” هو شعار حقيقي ويعكس الواقع بشكل دقيق. غير أن المهرجان لم يكن هدف بحد ذاته وإنما كان وسيلة لتحقيق هدف. فالوسيلة قامت بدورها، والجميع أدرك المخاطر وباتت تسمع وترى بالبث الحي والمباشر الانتهاكات المتواصلة بحق المسجد الأقصى ومحاولات الاحتلال تغيير الواقع القائم في المسجد الأقصى، ومحاولات فرض واقع تهويدي جديد. بالإضافة إلى أن المهرجان كشف عن مشروع صهيوني عالمي يستهدف المسجد الأقصى، يحظى بدعم أنظمة دولية وعالمية بدأت تعلن تأييدها لهدم المسجد وبناء “الهيكل”.

خطابات وشعارات تشحذ الهمم
إلى جانب ما ذكر، فإن الوعي الذي تمتعت به الحركة الإسلامية جعل منها ومن عملها هذا قلبًا نابضًا يضخ الدماء في العروق، ويقوي العزائم، ويشحذ الهمم، لا سيما كلمات المتحدثين في فقرات المهرجان وخاصّة الكلمات الرائدة الحماسية المؤثرة لكل من الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية ونائبه الشيخ كمال خطيب ومن صرخاتهما المدوية للعالمين العربي والإسلامي حيال المخاطر المحدقة في المسجد الأقصى، فالشيخ رائد صلاح أول من صرخ مدويًا “بالروح .. بالدم .. نفديك يا أقصى” وطالما ردد: “إن بيوتنا أوتاد ترتبط بالمسجد الأقصى المبارك، أرضنا امتداد لقدسية المسجد الأقصى المبارك، هي تاريخنا وهي حاضرنا وهي مستقبلنا، سنقف صفًا واحدًا جسدًا واحدًا، سنقف كلنا لنقول: لن نسمح لواحد أن تسول نفسه أن يهدم حاضرنا ومستقبلنا”. في حين دعا الشيخ كمال خطيب الآباء والأمهات إلى أن يكون المسجد الأقصى جزءًا من تربية أبنائهم وغرس حب الأقصى في نفوسهم من خلال مقولته المشهورة: “أرضعوا أبناءكم حب الأقصى” ومقولته: “إن سراج الزيت ينطفئ، إن وقود الزيت يوهب للأقصى قد ينطفئ، ولكننا نحن نجيد أن نسرج الأقصى دمًا، لأن الذي يسرج بالدم لن ينطفئ، نعم لن ينطفئ”..

الجانب الفني
أما من ناحية الجانب الفني، فقد كان مهرجان “الأقصى في خطر” يقدّم في ثناياه لوحات فنية لقضايا عديدة للهم الإسلامي والعربي والفلسطيني الواحد بين مسرحية وإنشاد للقدس وللأمة في كل مكان، وحرص المهرجان في كل عام أن يكون مواكبًا ملتحمًا مع المستجد على الساحة الفلسطينية والعربية والإسلامية قبل انتفاضة الأقصى وبعد الثورات الأولى. فقد سجل المهرجان حضورا فنيا رائدا للناشطين في المجال الفني فكان لفرقة الاعتصام نشيدها الخالد “يا أقصى ما أنت وحيد سيجناك قلوبنا”، ولفرقة أم النور كان أيضًا قصب السبق في تخليد عنوان المهرجان بألبومها عام 1996، وغيرهما من فرق ومؤسسات كانت تجتهد في تقديم الأفضل لأجل القدس والأقصى.

(يتبع…)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى