أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

عن الشبكات الاجتماعية والتفكك الاسري في عهد “كورونا”

عائشة حجار- محاضرة جامعية وطالبة دكتوراه في الإعلام الحديث
منذ نصف عام تقريبا بدأ العالم يدخل حالة طوارئ صحية بسبب ظهور فيروس كورونا، والذي لن أحاول نقاش نظريات المؤامرة حوله الان بل في وقت لاحق. مع اغلاق مرافق الحياة بدأت تظهر الازمات الاجتماعية بجرعات مضاعفة، وكما في كل ازمة فان نسب العنف، الفقر، والطلاق تزداد، وهذا ما يتوقع حصوله الان أيضا، لكن هذه المرة يلعب الاعلام الحديث دورا مركزيا في خلق وزيادة هذه الازمات. هذه المرة لم نسجن في بيوتنا فقط، بل نحن مسجونون في البيوت بينما تفتح لنا الشبكات الاجتماعية بابا الى عالم كامل، كامل أكثر مما يجب.
مع زيادة نسب البطالة والتواجد الدائم في البيت وضجيج الأطفال الذين اعتدنا وجودهم في المدارس يزداد الضغط النفسي كثيرا/ خاصة لدى الأمهات، وفي ذات الوقت تبدأ المنشورات التي تدعونا الى صنع الألعاب في المنزل، تدريس الأطفال مهارات خارقة، حملهم على كتابة مقالات علمية بما انهم جميعا نوابغ العصر، والاهم انهم يفعلون ذلك بهدوء داخل بيت جميل مرتب وفي حضن ام دائمة الابتسامة، ولنكن واقعيين فان هذا الوصف ينطبق على قلة قليلة من البيوت، لكن هذا هو العالم الذي نشاهده. ثم تأتي الشبكات باختراعات لا تقود الى للخلافات الزوجة والطلاق أحيانا: اما بالنسبة للرجال فيلبس الامر غالبا شكل النكات والمزاح حول قلة تدبير نساء هذا الزمن وحول شرعية وجود خليلة للزوج لان الفتاة التي أحبها يوما أصبحت “المرة” بمجرد الزواج، قد نرى هذه النكات امرا عاديا الا انها هي التي تغذي اذهاننا بصورة العالم الطبيعي وتجعل الزوجة في ذهن الرجل كائنا طفيليا يجب ان يعد لقيماتها لكيلا يتسبب طمعها في فقره. اما في ساحة النساء فالوضع اكثر مأساوية بوجود مجموعات حل المشاكل المختلفة من جهة، وصور العائلات الكاملة لدى الصديقات من جهة أخرى، المجموعات التي تنشر اكثر المشاكل الزوجية خصوصية وتعرض ابسط المشاكل أحيانا على انها كوارث توجب الطلاق تنقل الى عقولنا صورة لمجتمع يشرعن الطلاق (ومجتمعنا لا يفعل ذلك حقا)، مليء بالعنف والخطايا بحجة “الفقر العاطفي”، وكأن الحياة الزوجية يجب ان تكون احدى تلك القصص الخيالية التي كنا نقراها في طفولتنا الأولى، فننسى المودة والرحمة، وننسى ان الزواج احتواء وحياة كاملة فيها الفرح والترح والغنى والفقر معا، تعرض لنا الشبكات الاجتماعية الحياة على انها يجب ان تكون سلسلة من اللقطات الرومانسية وهي ابعد ما تكون عن ذلك.
نحن لا نشعر بكل هذه الرسائل ولا نفكر جديا في تفكيرها، لكن لا بد من ان تتذكري يا غالية ان تعبك في المنزل وصراخ الأطفال والطبخ اليومي ستمر كلها وتصبح ذكريات تتندرون بها، وان الزوج العالق في المنزل سيعود الى عمله في النهاية ويعود ليؤمن الحياة السابقة. ولا بد ان تتذكر ان هذه النكدية التي امامك ليست مثل جميلات الفيسبوك والانستغرام لانها تعتني ببيتك واطفالك، ولان المال الذي تستثمره تلك الجميلة لوجهها يكفي معيشتكم أسبوعا كاملا، وإذا رغبت بان تتجمل وتكف عن الصراخ فحاول ان تتطوع لغسل الاطباق بدلا منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى