أخبار عاجلةمقالات

ما سر التوافق بين (سيداو) وبعض الجمعيات النسوية

أمية سليمان جبارين (أم البراء)
“سيداو” هو مختصر للجنة اسمها لجنة (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة)، وبناء على تقرير مشترك بين “هيومن رايتس ووتش” ومركز “المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي” ومركز “المساواة الآن” إلى لجنة “سيداو” في حزيران ٢٠١٨، بناء على هذا التقرير أسجل هذه الملاحظات المستمدة من سياق فقرات هذا التقرير:
١- يعيب هذا التقرير على الشريعة الإسلامية أحكامها المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث والحضانة ويعتبرها تمييزا ضد المرأة.
٢- يدّعي هذا التقرير أن (…. قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية لا تركز على المصلحة الفضلى للطفل عند تحديد أي من الوالدين يملك حق الحضانة وأي حقوق وصاية يتمتع بها كل من الوالدين) ثم يدّعي هذا التقرير ويقول بعد ذلك مباشرة: (تميز مثل هذه القرارات أيضا ضد المرأة).
٣- يعيب هذا التقرير محاكمة الرجال أو النساء الذين وقعوا في فاحشة الزنا حيث يقول: (يمكن للنساء والرجال الذين مارسوا علاقات جنسية بالتراضي خارج نطاق الزواج أن يحاكموا) ويورد هذه الفقرة في سياق رفضها والطعن فيها وليس في سياق إقرارها، وبذلك يصادم آية قرآنية قطعية الثبوت وقطعية الدلالة وهي قول الله تعالى: (والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)، أي بمعنى آخر فإن هذا التقرير يدعو إلى إباحة الزنا، وإن من المعروف في أصول الفقه الإسلامي أن إنكار معلوم من الدين بالضرورة عن سبق إصرار يجعل المُنكِر مرتدا إذا كان مسلما.
٤- يدعو هذا التقرير إلى شرعنة “التبني” وهي دعوة صريحة مصادمة لأحكام الإسلام التي لا خلاف عليها والتي تحرّم التبني وتدعو إلى رد نسب الابن إلى أبيه في كل الأحوال وهو ما نجده في قول الله تعالى: (ادعوهم لآبائهم).
٥- يحاول هذا التقرير تسفيه فضيلة “الشرف” عن سبق إصرار وكأنه لا شرف ولا يعترف بفضيلة “الشرف”، وعلى سبيل المثال يقول في سياق حديثه عن هذه القضية تحديدا: (…تتعرض النساء والفتيات اللواتي تعتبر أسرهن أنهن إرتكبن تجاوزات “أخلاقية” لخطر عنف متزايد بحجة “الشرف”)!! وفي هذا التعبير (بحجة الشرف) فيه من الغمز الواضح لكل عاقلة فينا، ولكل عاقل من الرجال. علما أن هذا التقرير يعترف في أحد فقراته أن قتل النساء (وهو جريمة كجريمة قتل الرجال) له دوافع كثيرة ليست بالضرورة أن تكون كلها بدافع شرف العائلة، حيث وردت هذه الفقرة في هذا التقرير: (…. ذكرت جمعية “تنمية وإعلام المرأة” (تام) في تقريرها لعام ٢٠١٦ أن جرائم القتل تنمّ في الواقع عن طمع بالميراث أو رغبة بالانتقام أو أسباب أخرى، …..) وقد نبّهتُ إلى ذلك في مقالة سابقة، ولذلك كنت ولا زلت أقول أن بعض الجمعيات النسوية تحاول صناعة الوهم، وتحاول الادعاء طوال الوقت، أن كل حالة قتل لأية امرأة فإنما تقع بدافع “شرف العائلة” وفي ذلك تضليل من جانبين: أولا هناك شرف للعائلة وهو فضيلة رفيعة، ثانيا صناعة الوهم ومحاولة الإدعاء أن دوافع قتل النساء هي فقط شرف العائلة من أجل مواصلة الهجوم على فضيلة شرف العائلة وشيطنته.
٦- يعيب هذا التقرير على أحكام الشريعة الإسلامية وعلى أعرافنا الحسنة رفضها للشذوذ الجنسي سواء كان لدى الرجال أو النساء، حيث يقول هذا التقرير في إحدى فقراته: (يعاني الفلسطينيون المثليون والمثليات ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسانية وأحرار الجنس من التمييز والاعتداء على نطاق واسع في الأماكن العامة وفي البيئة العائلية)!! ويقول في فقرة أخرى في سياق الهجوم والرفض لا الموافقة: (يعاقب قانون العقوبات في غزة لسنة ١٩٦٣ تحت المادة ١٥٢(٢)” العلاقات الجنسية المخالفة للطبيعة” التي تشمل السلوك المثلي بالتراضي، بالسجن لمدة تصل إلى ١٠ سنوات).
٧- ثم عندما يصل هذا التقرير إلى فقرته الختامية وهي فقرة التوصيات فإنه يوصي بما يصادم أحكام الشريعة الإسلامية حيث يقول: (تعديل قوانين الأحوال الشخصية الإسلامية والمسيحية لضمان تمتع المرأة بحقوق متساوية مع الرجل فيما يتعلق بالزواج والطلاق والحضانة والوصاية على الأطفال والميراث).
٨- وفي بند آخر من هذه التوصيات يوصي هذا التقرير بما هو مصادم لأحكام الشريعة الإسلامية حيث يدعو إلى إباحة الإجهاض على إطلاقه حيث يقول: (تعديل قانون العقوبات لسنة ١٩٦٠ الساري في الضفة الغربية وقانون العقوبات لسنة ١٩٣٦ الساري في غزة لإلغاء تجريم الإجهاض وضمان الحصول الآمن والقانوني على حق الإجهاض).
٩- يوصي علانية بإباحة الزنا حيث يقول في معرض توصياته: (إلغاء المادة ٢٨٤ التي تحظر الزنا (العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج).
١٠- يوصي بشرعنة إقامة الأسرة في كل الأحوال سواء كانت بناء على زواج أو زنا حيث يقول في معرض توصياته: (…. مراجعة تعريف “الأسرة” في مشروع القانون ليشمل الشركاء غير المتزوجين).
١١- يوصي بإباحة الشذوذ الجنسي على مصراعيه حيث يقول في معرض توصياته: (اعتماد تشريع شامل يحظر جميع أشكال التمييز والعنف على أساس الميول الجنسية والهوية الجندرية).
١٢- وهكذا جاء هذا التقرير بجهود مَن أعدّه وبتغطية من لجنة (سيداو) جاء لفرض النكبة على الجزء غير المنكوب من مجتمعنا الفلسطيني فإذا كان المشروع الصهيوني قد صادر الأرض والأوقاف والمقدسات ودمَّر البلدات الفلسطينية واقتلع الإنسان الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني منها، وأباح لنفسه ارتكاب المجازر بلا توقف، فإن هذا التقرير ومن يدور في فلكه جاء ليهدم الهوية الفلسطينية في بُعدها الإسلامي العروبي الفلسطيني، وجاء ليهدم ثوابت هذه الهوية الدينية والوطنية، وجاء ليزيد شرخ التفكك في المجتمع الفلسطيني ليس بين الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، وليس بين فلسطين التاريخية والشتات الفلسطيني فقط، وليس بين الداخل الفلسطيني من جهة والقدس وغزة والضفة الغربية من جهة أخرى، بل جاء ليفرض شرخ هذا التفكك في كل بيت فلسطيني دون استثناء.
١٣- جاء هذا التقرير ليعلن عن وأد الهمّ الوطني أو الطموح نحو تحرر وطني من الاحتلال الإسرائيلي وفي المقابل جاء هذا التقرير لفرض الهمّ الجنسي والشذوذ الجنسي على المجتمع الفلسطيني.
١٤- ولكن من المستحيل أن ينجح في تمرير هذا المخطط الشاذ الإباحي، فهي أرضنا المباركة التي لا يعمر فيها ظالم ولا محتل ولا مفسد، وعلى هذا الأساس لن تجد لجنة (سيداو) موطأ قدم لها في هذه الأرض المباركة، بل ستلفظها هذه الأرض كما لفظت غيرها من غزاة عسكريين أو غزاة فكريين أو غزاة إباحيين وها هو تاريخ هذه الأرض المباركة يشهد بذلك، وها هو صمود حاضرها وبشائر مستقبلها تؤكد ذلك.
١٥- ولكن الذي يثير التساؤل سر هذا التوافق بين لجنة (سيداو) وبعض الجمعيات النسوية في الداخل الفلسطيني إذ كلاهما يدعوان إلى إباحة الزنا والشذوذ الجنسي لدى الرجال والنساء، وهذا يعني أن كلاهما يعلنان حربا على إحكام الشريعة الإسلامية قطعية الدلالة وقطعية الثبوت، ولذلك فهما يلتقيان في خندق واحد ضد ثوابتنا الإسلامية العروبية ومن الواضح لي أن هذه الجمعيات النسوية في الداخل الفلسطيني التي باتت في حالة توافق مع لجنة (سيداو) إنما دافعها الأساس هو أن تثبت جدارتها عند أولي نعمتها من صناديق دعم صهيونية أمريكية وغيرها كي ترضى عنها وتواصل ضخ ملايين الدولارات لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى