أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

المخفي أعظم عن المؤسسة الإسرائيلية

د. أنس سليمان أحمد

إثر إعلان المدعية في محكمة لاهاي (فاتو بنسودا) عزمها فتح تحقيق مع شخصيات إسرائيلية بشبهة إرتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين إلى جانب التحقيق في عمليات نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وبينها إطلاق صواريخ بإتجاه مناطق مأهولة، إثر هذا الإعلان حذّرت جهات قانونية إسرائيلية من أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قد تصدر أوامر إعتقال دولية “سرية” ضد مسؤولين إسرائيليين مشتبهين بإرتكاب جرائم حرب. وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن هذه الجهات القانونية الإسرائيلية شددت على أن ” المخاطر فورية” لأن مجرد فتح تحقيق وهذا متوقع خلال تسعين يوما، ستكون له تبعات خطيرة على المؤسسة الإسرائيلية، وبضمن ذلك إصدار أوامر إعتقال سرية ضد مشتبهين بإرتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.

ونوّهت صحيفة ” يسرائيل هيوم” إلى أن أوامر إعتقال كهذه لن تصدر فقط ضد مسؤولين شاركوا في عمليات عسكرية أو أصدروا أوامر بشنها، وإنما أيضا ضد جميع الذين شاركوا في دفع أعمال بناء إستيطاني في القدس المباركة والضفة الغربية المحتلتين!! وهذا يعني أن قرارات إعتقال كهذه، تجعل من المسؤولين الإسرائيليين الذين يزورون دولا أعضاء في المحكمة الجنائية عرضة للإعتقال من أجل تسليمهم للمحكمة، دون علمهم بصدور أوامر إعتقال ضدهم، ويشمل ذلك ضباطاً إسرائيليين وقادة وجنوداً شاركوا في العدوان على غزة عام 2014م، أو شاركوا في قمع مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة حيث إستشهد مئات الفلسطينيين، وللتذكير فإن من بين الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية دول أوروبا الغربية وكندا وأستراليا وجميع دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا. وحذر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر أن فتح هذا التحقيق سيمس بالاقتصاد الإسرائيلي، وأن الفلسطينيين قد يطالبون شركات ومؤسسات اقتصادية وتجارية في العالم بالإمتناع عن القيام بأية أنشطة مع المؤسسة الإسرائيلية كونها باتت ” مشتبهة بإرتكاب جرائم حرب” وقد يطالبون فنانين ومثقفين في العالم الامتناع عن زيارتها. إلى جانب حزمة هذه التحذيرات التي أطلقتها صحيفة ” يسرائيل هيوم” ها هي صحيفة ” يديعوت أحرنوت” قد أطلقت حزمة تحذيرات أخرى في عددها الصادر بتاريخ 2020/01/19 وكان من ضمن هذه التحذيرات أن لفتت هذه الصحيفة الإسرائيلية الانتباه إلى أن ثلث الشباب الإسرائيلي تنطبق عليهم شروط التجنيد الإجباري سيتم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية خلال عام 2020م.

وأوضح يوسي يهوشوع المراسل العسكري في هذه الصحيفة أن أحد أهم الأسباب وراء تعاظم عدد الشباب الذين يتم إعفاؤهم يتمثل من عدم صلاحيتهم نفسياً للخدمة العسكرية!! ولفتت هذه الصحيفة إلى حسب التقديرات الرسمية للجيش فإن 32.9% من الذكور و44.4% من النساء تم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية هذا العام!! وأضافت هذه الصحيفة أن ما يفاقم الأمور تعقيداً حقيقة أن 10% من الذين يتم تجنيدهم يتسربون من الجيش خلال الخدمة العسكرية وهذا يعني أنه حوالي نصف الشباب الإسرائيلي لا يؤدون الخدمة العسكرية الإجبارية!! وحسب هذه الصحيفة فأنه عند مقارنة عدد الذين تم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية في العام م2020 مقارنة بالسنوات الماضية سيتبين أن هناك زيادة متواصلة في عدد الذين يتم إعفاؤهم، مشيرة إلى أن 25% من الشباب تم إعفاؤهم في 2007، وفي عام 2015 تم إعفاء 26% وفي عام 2019 تجاوزت النسبة 30%!! وأوضحت هذه الصحيفة أن حوادث الانتحار التي تحدث في الجيش الإسرائيلي ساعدت في توفير ظروف دفعت الجيش إلى إبداء مرونة في إعفاء الجنود من الخدمة العسكرية في حال قدّموا تقارير من أطباء نفسيين حول أوضاعهم!! إلى جانب كل ذلك فإنه يتضح من المعطيات أيضاً تراجع دافعية الشباب الإسرائيلي للخدمة في الوحدات القتالية. ففي حين توجه 81% من الشباب للخدمة في الوحدات القتالية في عام 2011م تراجع هذا العام إلى 65%!! ثم تأتي مؤشرات أخرى تنذر بإتساع الشرخ بين المؤسسة الإسرائيلية ويهود العالم، فبناء على معطيات ” مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية” لعام 2019م الذ يتولى إعداده المعهد الإسرائيلي للديمقراطية فإن 51% من اليهود الإسرائيليين فقط يشعرون أن لديهم مصيراً مشتركاً مع سائر اليهود في العالم الذين يوصفون بأنهم ” يهود الدياسبور”!! وأظهر هذا المؤشر أن 57% من اليهود الأمريكيين فقط يؤيدون طريقة ترامب في إدارة العلاقات مع إسرائيل!! وعارض 46% منهم نقل السفارة الإمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة!! وإستناداً إلى دراسة حديثة أجرتها إحدى المؤسسات اليهودية في أمريكا فإن الأغلبية الساحقة من الطلاب الجامعيين اليهود في أمريكا أصبحت تعتقد أن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان، وهذا يعني أن الشرخ بين يهود أمريكا والمؤسسة الإسرائيلية آخذ بالإتساع!! وهنا لا بد من لفت الإنتباه إلى أن الكنيست شهدت وستشهد ثلاث انتخابات متتالية في غضون عام واحد دون ان تنجح أية كتلة بتشكيل الحكومة، وهذا يعكس مدى الإستقطاب المتوحش الذي يعصف في المجتمع الإسرائيلي على خلفية دينية او عرقية أو سياسية، ثم لا يمكن أن نغض الطرف أن كل هذه المعطيات التي أوردتها أعلاه تتزامن مع رئيس حكومة اسمه نتنياهو قدّمت له لوائح إتهام يوم الثلاثاء2020/01/28 متهمة إياه بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة وهي المرة الأولى في تاريخ المؤسسة الإسرائيلية التي يحاكم فيها رئيس حكومة إسرائيلي متهماً بهذه التهم ذات الوزن الثقيل!! وهذا ما نعلمه ولكن المخفي أعظم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى