أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

آل سعود، حكم الصبيان وما خفي أعظم!!!

الشيخ كمال خطيب

دائمًا وأبدًا كان مجرد ذكر أرض الحجاز وبلاد الحرمين فإنه كان يورث في النفس الطمأنينة والسكينة، بل إنه كان يقع ذكرها على القلب وقوع الماء على شفاه متشققة من العطش، وعلى كبد ظمأى. وكيف لا يكون الحال كذلك وتلك الأرض هي مهد الإسلام ومنبع النور ومهبط الوحي، وفيها ولد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وبين ثنايا ترابها يتوارى جسده الطاهر. بلاد الحرمين وأرض الحجاز هي ليست مجرد تراب ولا أي قطعة أرض، إنها أرض الإيمان وأرض الطهر وأرض النور.

هكذا كان الحال وهكذا سيظل بإذن الله لولا هذه الحقبة السوداء والسنوات العجاف التي تمر على أرض الحجاز منذ أن اغتصب الحكم فيها آل سعود، وقد تظاهروا بالتدين وتطبيق الشريعة وخدمة الحرمين والدفاع عن المسلمين. هذه الشعارات التي انطلت على كثير من المسلمين وكادوا يصدقون هذا الكذب، إلى أن كانت في السنوات الأخيرة التي أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن هؤلاء شرٌ وأخطر على الإسلام من أعدائه. ثبت ذلك من خلال علاقاتهم مع أمريكا ثم اتصالاتهم السرية مع إسرائيل منذ عشرات السنين، ثم ما كان من دعمهم وتمويلهم للسيسي المجرم في انقلابه على الحكم في مصر ثم سياستهم المشبوهة في سوريا، واشتراط دعمهم للشعب السوري في ثورته بتنفيذ أجنداتهم ثم حصارهم لقطر، وقبل ذلك حربهم على الشعب اليمني بدعوى محاربة الحوثيين، مع العلم أنهم هم من كانوا وراء تحرك الحوثيين لقطع الطريق أمام حزب التجمع اليمني للإصلاح “الإخوان المسلمين” من أن يصل إلى الحكم، ثم كانت سياساتهم الداخلية بدعوى الإصلاح والانفتاح وحربهم على الدعاة وأهل العلم وسجنهم والاندلاق في سياساتهم العلمانية الليبرالية، وانفتاحهم المنفلت والمشبوه في محاولة تغيير أنماط السلوك الاجتماعي لشعب الحجاز في مخالفة تامة للأحكام الشرعية ولما ألِفه الناس هنا.

لكن جريمتهم الأخيرة باستدراج الكاتب الصحفي جمال خاشقجي ابن المدينة المنورة، ثم قتله وتقطيع جسده كما تقطع الذبيحة داخل قنصليتهم في اسطنبول بأوامر وقرارات صادرة عن رأس الحكم متمثلًا بمحمد بن سلمان ولي العهد والحاكم الفعلي هناك، لا لشيء إلا لأن الرجل وجّه نصائح وانتقادات للأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي لنظام الحكم هناك. لقد جاءت هذه الجريمة لتوقف الدنيا أمام حقيقة هذا النظام الدموي لا بل لتقول ليست هذه هي الحقيقة الكاملة لهذا النظام وسلوكه، وإنما ما خفي أعظم!!!

وإلا فما الذي دفع آل سعود لاعتماد أسلوب القتل وتقطيع الأوصال والنشر بالمناشير للكاتب جمال. وهل أنطق الله لسان الشيخ المعتقل المريض سفر الحوالي لمّا قال لآل سعود في نصائحه لهم في صفحة 2734: “إنني أنكر المنكر ولست معارضًا سياسيًا كما يقولون، ولا أرى مغادرة هذه البلاد مهما لقيت من الأذى، وأرجو أن يصبرني الله، ولست أفضل ممن نشروا بالمناشير ومشطوا بأمشاط الحديد….. أنا وغيري حيث ندعوكم يا آل سعود إلى الإصلاح ونبيّن طريقه، لا ننطلق من فراغ ولا ندعوكم إلى استنساخ تجربة غيرنا أو أي إصلاح وافد”. مع أن الشيخ الحوالي كان يقصد أنه ليس بأفضل من النبي زكريا عليه السلام الذي نشر بالمنشار وكثير من الصالحين الذين واجهوا الظلمة والطواغيت، فعذبوا ومشّطت أجسادهم بأمشاط الحديد حتى انسلخ اللحم عن العظم. نعم إنه كان يقصد أولئك، وما علم أن آل سعود سيُنشرون بالمنشار بعد أشهر من كتابة هذه الكلمات ويقطعوا أوصال رجل من أبناء شعبه كما يقطع جسد الخروف، هو جمال خاشقجي. وإذا كان هذا قد حصل مع رجل خرج من الوطن مهاجرًا ولاجئًا إلى تركيا، فكيف هو حال الشيخ الحوالي في زنازين آل سعود وقد قيل أنه مات، والشيخ سليمان الدويش وقد ثبت أنه مات تحت التعذيب، وكيف حال الشيخ سلمان العودة ومئات بل آلاف من المعتقلين في سجن آل سعود؟ وما خفي أعظم!!!

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”. فكيف وآل سعود قد اختصوا أنفسهم بالمليارات لكل واحد منهم، بينما الشعب يعاني الفقر والقهر والجوع، وكيف وقد سفكوا الدم الحرام وقطّعوا الأجساد، وكيف وقد اعتدوا على الأعراض، وها هو الشيخ الحوالي يقول لهم في صفحة 3017: “لا يجوز التخوض في مال الله أبدًا، أو ليس من التخوض أن يطلب أحد الأمراء من زوج امرأة أن ينام معها ليلة واحدة مقابل عشرة ملايين دولار” وما خفي أعظم!!!

أليست مملكة آل سعود التي تحكم أرض الحرمين وبلاد الحجاز وفيها كانت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وفيها قبر محمد صلى الله عليه وسلم، هذا النبي الكريم الذي أنار الدنيا بنور رسالة القرآن، وليس أن المسلمين قد أحبوه واقتدوا به بل إنهم من غير المسلمين من المفكرين والموضوعيين قد اعجبوا بل بهروا به صلى الله عليه وسلم كما قال ذلك تولستوي كاتب روسيا الشهير، وكما قال ذلك مهماتا غاندي ونيلسون مانديلا والأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، وكذلك البابا فرنسيس وكثير جدًا ممن دخلوا في الاسلام بعد قراءتهم سيرة محمد صلى الله عليه وسلم. وفي المقابل فإننا نجد في أرض الجزيرة من يتطاول على هذا النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أن كاتبًا إماراتيًا قد قال: “إن كان قدوة الإرهابيين محمد بن عبد الله فنحن قدوتنا محمد بن زايد”. وقال آخر في السعودية: “جاء الرسول الكريم يصحح عقيدة إبراهيم الخليل، وجاء زمان نحتاج فيه لمن يصحح عقيدة محمد بن عبد الله” من كتاب الدكتور سفر الحوالي صفحة 2726. وما خفي أعظم!!!

إنها مملكة آل سعود التي اتخذت لها علمًا هو شعار التوحيد لا اله الا الله محمد رسول الله، بينما هي التي سمحت وغضت الطرف عن كل الرذائل والموبقات التي حرمها دين محمد صلى الله عليه وسلم، بل إنها أصبحت مرتعًا للعابثين والمفسدين والمغتصبين وقطاع الطرق ومروّجي المخدرات والمهربين، لا بل إنه قد برز فيها أنواع الشذوذ والانحراف الغريبة والمرفوضة، ليس وفق مقاييس مجتمع الجزيرة بل في المقاييس البشرية والإنسانية، إنه “ظهور ما يسمى الجنس الثالث واستباحة الفاحشة الشاذة بينهم بفظاعة حتى آل الأمر إلى عقود زواج وطلاق بين الجنس الواحد. وتفاقمت جريمة الاعتداء على المحارم بالفاحشة إلى حد غير مقبول ولا معقول، وأصبح كل من يسافر ومعه عائلته فلا بد أن يصطحب سلاحًا. ثم إنها ظاهرة قتل الوالدين أو الأولاد أو الأزواج بطرق في غاية الفظاعة والغرابة كالإحراق وصب المواد الكيماوية الكيماوية المذيبة وتقطيع أوصال الإنسان ورميها في القمامة “. إنه إذًا سلوك غير مستهجن في مملكة آل سعود أن يتم تقطيع أوصال الإنسان ونشره، فإذا فعلها كبيرهم فلماذا لا يفعلها عامة الناس، وصدق الشاعر إذ يقول:

إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا    فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

 وما خفي أعظم!!!

ومع أن أقدس وأطهر البقاع في الأرض هي مكة والمدينة والقدس، وفيها المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، فإن موقف آل سعود الذين يحكمون أرض الحرمين هو موقف مشبوه بل إنه طاعن وغادر للقدس والمسجد الأقصى. وهذا ما برز جليًا في عموم سياساتهم وتواصلهم مع ساسة إسرائيل عبر أمريكا، بل عبر مبعوثهم الخاص ضابط الاستخبارات السعودي ماجد عشقي الذي زار تل أبيب والقدس لأكثر من عشرين مرة، بل برز هذا عبر موافقة آل سعود على بنود صفقة القرن التي أعدها ترامب لإنهاء وشطب قضية فلسطين حيث قال كوشنر صهر ترامب وأكد على اطلاعه حكام السعودية وموافقتهم على الصفقة التي في مقدمة بنودها اعتبار القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، ولقد سُئل سياسيون سعوديون عن ذلك فكان جوابهم “إن للقدس رب يحميها”. إنه استغلال النصوص بظاهرها الديني، لكن هذه الكلمات تخفي حقيقة الغدر والطعن في الظهر للقدس، وقد قال لهم الدكتور سفر الحوالي في نصائحه في صفحة 3055: “يجب على من يعظم القبلة الأخيرة – مكة – أن يعظم القبلة الأولى – القدس”. ولكن كيف لمن يتخذ خدمة حرم مكة والمدينة ستارًا لدوام ملكه ألّا يطعن في القدس وأن يجعلها عاصمة الإسرائيليين ويقرّ لهم بذلك؟.

ولقد قال يومًا الأمير تركي الفيصل مفتخرًا بأن آل سعود كانوا السبب في تحرير مصر من حكم الإخوان المسلمين. ويقصد بذلك دعمهم وتمويلهم لانقلاب السيسي على الرئيس المصري محمد مرسي في العام 2013 ثم ارتكابه جريمة ومجزرة رابعة يوم 14/8/ 2013. فقال له الدكتور سفر الحوالي في نصائحه لآل سعود في صفحة 2111: “فإذا كنتم حررتم مصر من حكم الإخوان فلم لا تحرروا فلسطين من حكم اليهود؟” وما خفي أعظم!!!.

ولطالما تظاهرتم باحترام العلماء بل وجعلتموهم إلى جانبكم في كل المحافل لإضفاء المظهر الديني على سياساتكم، فلمّا أن قام بعض العلماء بوظيفتهم الأساسية وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم النصح لكم وإذا بكم تنقلبون عليهم تنكيلًا وملاحقة بل وسجنًا وإهانة لهم. يقول الدكتور سفر الحوالي في صفحة 2962: “فحين خطب أحد أئمة المسجد الحرام وعرّض ببعض تلك المؤلفات الكُفرية أوقف عن الخطبة”.

ولماذا قمتم باعتقال خطيب المسجد الحرام الشيخ صالح آل طالب، ولماذا قمتم باعتقال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الله بليلة، أليس لأنهم قد أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ونصحوكم؟ ولكنكم يا آل سعود لا تحبون الناصحين. قال الشيخ سفر الحوالي في صفحة 2847: “كما منعوا بعض أئمة الحرمين من الخطابة، بل إنهم فصلوا بعض أعضاء هيئة كبار العلماء منها لما استنكروا الاختلاط في بعض الجامعات، وقد قال بعض أعضاء هيئة كبار العلماء (نحن موظفون فلا تكونوا مثلنا) وبعض المشايخ قابلهم وتوسط لديهم فلم ينفع ذلك في شيء بل إنهم فصلوا أو سجنوا من كان طول عمره مؤيدًا لهم مثنيًا عليهم، لكنه خالفهم الرأي مرة واحدة” هكذا يفعل آل سعود بالعلماء وما خفي أعظم!!!

بربكم هل عند آل سعود أبسط معاني الفهم للإسلام لمّا يقوم محمد بن سلمان بشراء لوحة للرسام الإيطالي الشهير ديفينشي بقيمة 450 مليون دولار، اللوحة المعروفة باسم “مخلص العالم” رغم أن معناها ومغزاها في قصة صلب المسيح يتناقض عقائديًا مع ما عليه كتاب المسلمين القرآن الكريم وما عليه سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم في نفي قصة زعم الصلب لعيسى عليه السلام. يقول الشيخ سفر الحوالي في صفحة 2739: “وكان الأليَق بنا إسلاميًا وعالميًا أن نشتري نسخ الأناجيل القديمة المُصرِّحة باسم نبي الإسلام، وكون عيسى عليه السلام لم يصلب بدلًا من لوحة مخلص العالم التى تخيلها خيال دافينشي المريض، والتي تمثل ما صوّره المشركون لإبراهيم واسماعيل عليهما السلام وهما يستقسمان بالأزلام وتكذيبهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل نصراني يعتقد أن المسيح عليه السلام لم يستطيع تخليص نفسه من الصلب، فكيف يخلص العالم”؟!!!.

هذه نماذج وأمثله كلها تشير على الانحراف العظيم في سلوك آل سعود العقائدي والفكري والأخلاقي، ولعل ما خفي أعظم بكثير مما ظهر ويظهر. إنها الحقبة السوداء من حكم آل سعود ولكننا على يقين أن شعب الحجاز، شعب جزيرة العرب الشعب الأصيل المحب لدينه لن يرضى باستمرار حكم هؤلاء الصبيان المارقين، وحتما ويقينًا بأن يوم الخلاص منهم قريب بإذن الله تعالى.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى