أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

خيبة أوسلو وهبة الأقصى… دماء الحسين ودماء القسام

الشيخ كمال خطيب

# خيبة أوسلو وهبة الأقصى

اليوم 13/9 كان يوم الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاقية أوسلو بين الحكومة الإسرائيلية ممثلة برئيسها اسحاق رابين وبين منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة برئيسها ياسر عرفات وذلك يوم 13/9/1993.

ويوم 28/9 سنكون مع يوم الذكرى الثامنة عشرة لهبة القدس والأقصى أو ما يسمى بالانتفاضة الثانية، وكان ذلك يوم 28/9/ 2000.

اتفاقية أوسلو التي هندسها ووقف ووافق على تفصيلاتها محمود عباس أبو مازن، والتي نصت على ما يسمى بغزة -أريحا أولًا، ثم يتبع ذلك تنفيذ بنود الاتفاقية على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة.

اتفاقية أوسلو التي نصت على أن يؤجل التفاوض على القدس خمس سنوات بعد أوسلو إلى ما يسمى مفاوضات الحل النهائي، وكذلك الحديث عن اللاجئين والحدود والمياه. لقد مرت خمس سنوات وعشر سنوات، بل مرت خمس وعشرين سنة ولم يتم فتح ملف القدس. وخلال هذه السنوات كانت ماكينة الاستيطان والتهويد تعمل عملها في القدس حتى أن القدس لم تعد على ما كانت عليه قبل خمس وعشرون سنة، بل إنه التغيير في كل شيء في القدس في الجغرافيا وفي التاريخ وفي الحجر والبشر. وجاء ترامب لإعلان موقفه ومشروعه الذي يسمى بصفقة القرن، وفيها أعلن عن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة، بل ورفض أن تعرض بعد اليوم على طاولة المفاوضات، وبهذا تم نسف البند الذي ينص أن المفاوضات عن القدس تبقى لما سُمي مفاوضات الحل النهائي.

ولما أن أوسلو كانت خيبة وكذبة كبيرة، فإن ملامحها كانت بادية لكل عاقل إلا لأولئك الذين كانوا إما مفاوضين أغبياء بلهاء، أو أنهم كانوا متآمرين وعملاء، وأرادوا بتلك الاتفاقية المشؤومة تحقيق مصالح الإسرائيليين وليس الفلسطينيين.

لقد كان لتدنيس شارون للمسجد الاقصى يوم 28/9/2000 ودفاع شعبنا البطولي عن القبلة الأولى وبداية سقوط الشهداء، وتحول ذلك الموقف إلى هبة بل إلى انتفاضة شعبية عارمة، أكدت بما لا يدع مجالًا للشك أن شعبنا لم يكن يراهن على أوسلو، ولم يكن يثق بمن وقّعوا أوسلو ولا بمن هندسوها قبل ذلك.

لقد أشبعوا شعبنا شعارات ووعود رنّانة من أن الضفة وغزة ستصبحان سنغافورة الشرق الأوسط بفضل أوسلو وبفضل وعود أمريكا. ولتكون الحقيقة المرة التي يراها شعبنا الآن أن الضفة الغربية قد تحولت إلى كتل سكانية تحاصرها المستوطنات من كل جانب، وأن القدس قد ضاعت وأن غزة في حصار قاتل، وأن أجهزة السلطة الفلسطينية السياسية والأمنية لم تكن إلا شركات تعمل بالوكالة لخدمة إسرائيل، بل إنها أصبحت سوطًا تلهب ظهر شعبنا الفلسطيني بدل أن تكون حامية حماه والمدافعة عن قضاياه.

ها هم رجالات أوسلو الذين غرقوا في بحرها، بل الذين حققوا لأنفسهم مكاسب مالية واقتصادية بفضل أوسلو ودورهم فيها، وبالتالي فإنه لن يأتي اليوم الذي فيه يعترفون بخيبتهم ولا يطالبون بإلغاء أوسلو، لأن هذا معناه إلغاء مكتسباتهم وشركاتهم المرتبطة مباشرة بالشركات والبنوك الاسرائيلية.

ومن أعظم جرائم أوسلو بل جرائم الذين وقّعوا أوسلو، أن شعبنا الفلسطيني الذي كان ينتفض ويقيم الدنيا ولا يقعدها انتصارًا للقدس والأقصى، ها هو شعبنا في الضفة الغربية الغربية وبفعل عصا التنسيق الأمني الثقيلة، فإنه أصبح لا يتفاعل مع جرح القدس ولا مع دموع ونداءات استغاثة الأقصى.

لقد بتنا نرى ونشاهد الاقتحامات اليومية، وما رأيناه في الأيام الماضية خلال موسم أعياد اليهود وحيث الصمت واللامبالاة هي سيدة الموقف إلا دليلًا واضحًا على أن التنسيق الأمني قد فعل فعله، فأصبحت رام الله والخليل ونابلس كأنها لا تسمع أنين الشقيقة الكبرى، القدس الشريف.

خمس وعشرون سنة مرت على أوسلو وقد أسفر الضامن الأمريكي عن وجهه الكالح حيث ترامب الذي تنكر لأوسلو وانحاز بوقاحة لجانب إسرائيل، بل وراح يعاقب شعبنا الفلسطيني ويوجه صفعة القرن إلى فريق أوسلو بدءًا بالمهندس أبو مازن. إنها أوسلو التي لم يبق منها إلا بنودًا تطبق من جانب واحد هو الجانب الفلسطيني الذي ما يزال يجري خلف وهم وسراب أوسلو، بينما هي من الجانب الإسرائيلي لم تعد تساوي الحبر الذي كُتبت فيه.

إننا نسمع عن مهندسين يقدمون استقالاتهم بل ويُحاسبون عند سقوط جسر فوق طريق أو عند انهيار بناية أو عند انحراف قطار عن سكة الحديد، فيقدم مهندسو هذه المشاريع استقالاتهم اعترافًا منهم بالمسؤولية وعن فشل ما قاموا به، وأن رؤساء دول قد قدموا استقالاتهم لأنهم فشلوا في تحقيق وعودهم لشعوبهم.

لماذا لا يستقيل مهندس أوسلو، ولماذا لا يتنحى الرئيس أبو مازن ويعلن للشعب الفلسطيني أنه قد حاول لخمس وعشرين سنة أن ينجح أوسلو لكنه فشل، وأنه حاول إقامة دولة فلسطينية لكنه فشل من خلال اوسلو. لماذا لا يقدم استقالته للشعب الفلسطيني ويدعو شعبه لاختيار قيادة جديدة تقود المرحلة. إنه لو فعل ذلك لكان حافظ على ماء وجهه، ولأكبر فيه شعبنا الفلسطيني هذه الخطوة ولغفر له تضييعه لخمس وعشرين سنة من عمر شعبنا الفلسطيني وهو يعده ويمنيهم، وما كان من وعده إلا السراب والوهم والضياع. أم أنها بنود أوسلو السرية والارتباط كارتباط حبل السرة بالمؤسسة الإسرائيلية أمنيًا واقتصاديًا تجعل أبو مازن مُصرًّا على البقاء في منصبه وعدم الاعتراف بفشل وعدم محاسبته.

# دماء الحسين ودماء القسام

يوم أمس الخميس كان هو اليوم العاشر من محرم وهو اليوم الذي حبّب إلينا النبي صلى الله عليه وسلم صيامه وقد صامه. هو يوم أتى المدينة المنورة في رحلة الهجرة فوجد اليهود يصومون فسألهم، فقالوا هذا اليوم الذي نجّى الله فيه موسى من فرعون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى منهم، فصام ذلك اليوم واستحب صيام يوم قبله أو بعده مخالفة لهم.

وشاء الله أن يقتل الصحابي الجليل الحسين بن علي بن أبي طالب في ذلك اليوم من العام 61 هجري، حيث راح الشيعة يعظمون ذلك اليوم وهم الذين افتروا الكذب بأن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت يجب أن تكون لعلي كرم الله وجهه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء أم الحسن والحسين رضي الله عنهما لكن أبا بكر وعمر وعثمان اغتصبوها على حد زعمهم وخزعبلاتهم.

ولقد وقعت الفتنة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، وازدادت خلال فترة خلافة علي كرم الله وجهه، وعلا لهيبها أكثر وأكثر حين تحزّب البعض وتشيعوا وناصروا الحسن والحسين ابني علي رضي الله عنهم جميعًا. أما الحسن فقد تنازل لمعاوية رضي الله عنه درءًا للفتنة، وأما الحسين فقد أغراه أهل العراق بأنهم سيناصرونه، لكنهم سرعان ما تخلوا عنه وقُتل الحسين رضي الله عنه يوم 10/محرم/ 61 هجري ودفن في كربلاء.

إنهم رعاع الشيعة الذين يعظمون ذلك اليوم لأن فيه سال دم الحسين، وليس لأن جد الحسين صلى الله عليه وسلم قد عظّم ذلك اليوم، فنرى مظاهر إسالة الدم وضرب أجسادهم بالخناجر والسيوف والسلاسل الحديدية الحديدية تلويمًا وعقوبة لأنفسهم، كيف أنهم لم يناصروا الحسين وسال دمه فمثله يسيلون دماءهم، واصطلحوا على تسميته باسم يوم عاشوراء.

وإذا كان يوم أمس الخميس هو اليوم الذي سالت فيه دماء الحسين، فإن يوم غد السبت 22/9 هو اليوم الذي سنقوم فيه نحن أبناء الداخل الفلسطيني بيوم عمل تطوعي كبير خدمة للمقبرة التي تضم رفات البطل والشهيد الشيخ المجاهد عز الدين القسام والتي عرفت باسمه مقبرة القسام في بلد الشيخ قرب مدينة حيفا شمال فلسطين.

هذه المقبرة التي تخطط المؤسسة الإسرائيلية لتجريفها وطمس معالمها، وإقامة منشآت عمرانية وصناعية عليها، فأهلنا أهل الداخل الفلسطيني سيلبون غدًا نداء متولي وقف حيفا ولجنة المتابعة العليا وأهالي الشهداء المدفونين في مقبرة القسام ليقوموا بأعمال تنظيف وصيانة في المقبرة.

وإذا كان رعاع الشيعة يقومون بإسالة دمهم في يوم عاشوراء اعتذارًا للحسين يوم تخلوا عنه ولم يناصروه، فإننا غدًا سنقوم بصيانة وترميم والحفاظ على قبر الشهيد عز الدين القسام، ليس تعظيمًا للقبر معاذ الله وإنما تقديرًا لصاحب القبر واعترافًا بفضله وجهده وجهاده الذي بذله، ودمه الذي سال في سبيل الله ولأجل فلسطين وهو ابن الساحل السوري الذي لم يؤمن بالحدود والأسلاك التي وضعها الاستعمار، وإنما آمن بقضايا المسلمين وسعى لنصرتهم أينما كانوا.

إننا سنذهب غدًا إلى مقبرة القسام نعتذر له عمّا فعله بعض الفلسطينيين الذين انضموا إلى عصابة الشبيحة الأسدية الطائفية، وقد أوغلوا في دم السوريين أهل وعشيرة عز الدين القسام، فقتلوا وشرّدوا ودمّروا قرى ومدن سوريا، وهجّروا أهلها.

إننا سنذهب غدًا إلى حيث ضريح الشهيد عز الدين القسام نسلم عليه ونعلن له براءتنا مما فعله الشبيح أحمد جبريل والشبيح محمد فاروق الخضرا وأمثالهم من العسكريين الفلسطينيين الذين حملوا السلاح لتحرير فلسطين، وإذا بسلاحهم الدنس يذبحون ويقتلون السوريين كرمال عيون طبيب العيون بشار الدموي القاتل.

إننا سنذهب غدًا إلى مقبرة الشهيد عز الدين القسام نعلن براءتنا من أفعال وجرائم فلسطينيين وقفوا جنبًا إلى جنب مع عصابات حسن نصر الله وشيعة العراق وأفغانستان وإيران، فاغتصبوا السوريات الماجدات، وقتلوا الأطفال وذبحوا الرجال وهدموا البيوت.

ما أكذبهم بل ما أوقحهم من يدّعون البكاء على الحسين المظلوم، بينما هم يظلمون السوريين ويسفكون دماءهم.

لقد جاء القسام من قريته جَبلَه قرب اللاذقية، يقاتل الانجليز والعصابات الصهيونية الذين استباحوا أرض الشعب الفلسطيني. وكان استشهاده يوم 20/11/1935 شرارة ثورة 1936 الشهيرة، بينما ذهب أحمد جبريل ومحمد فاروق الخضرا إلى سوريا لاجئين هم وأهاليهم هربًا من العصابات الصهيونية عام النكبة، ففتح لهم السوريون القلوب قبل البيوت وسرعان ما انقلب عليهم هؤلاء القتلة المأجورين ووقفوا ضد ثورة الشعب السوري مع بشار والروس والإيرانيين وعصاباتهم.

فإذا كان رعاع الشيعة يعتذرون للحسين عن عدم نصرته فإننا سنعتذر نحن غدًا للشهيد عز الدين القسام عمّا فعله الرافضة والشيعة والنصيريين وكل حلفائهم من المأجورين الفلسطينيين بأهله السوريين، وما ارتكبوه من مذابح بحقهم، بينما هو الذي سال دمه من أجل فلسطين وأهلها وترابها ومقدساتها.

وسيظل دم الحسين والقسام مشعلًا لكل الأحرار والشرفاء والصادقين وبه يكشف زيف المزايدين والعابثين والمتآمرين.

نحن إلى الفرج أقرب، فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى