أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

على هامش الانفلات المجتمعي.. ضياع الرأسمال الاجتماعي

صالح لطفي- باحث ومحلل سياسي
يعتبر الرأس مال الاجتماعي للأمم والشعوب الساعية للتحرر والخلاص الاساس الذي تعتمده في رؤيتها الحاضرة والمستقبلية، ذلكم أن هذا الرأس مال ذو حساسية بالغة يُؤَثِرُ ويتأثر وعنه تنجم التحولات المجتمعية سلبا او إيجابا، إذ هو على خلاف الراس مال المادي بسياقه المالي/ الاقتصادي جامع لمنظومات متعددة ومتداخلة من القيم والافكار والتماثلات والحالات والكفاءات والمكونات، لا سبيل للخروج عنها أو منها الا الى ضدها، ففي الوقت الذي يؤثر الرأس مال المادي في الاجتماعي، فكذلك يؤثر الراس مال الاجتماعي في الراس مال المادي، بل وفي أحايين كثيرة يُحْدِثُ فيه تغييرا جذريا تبعا للأفكار التي يحملها هذا الرأس مال الاجتماعي خاصة في سياق الأيديولوجيات وتطبيقاتها، وما بينهما من خلط في واقعنا العالمي المُعاش. بعيدا عن تعريفات علماء الاجتماع الغربيين خاصة المدرسة الفرنسية ذات الأصول الماركسية أو الأمريكية ذات الاصول البرجماتية أو تلكم النيوليبرالية في تعريف راس المال الاجتماعي وما وضعوه من محددات مادية وفكرية لتحديد معنى الرأسمال الاجتماعي فأنني أنحت في هذه المقالة تعريفا مُحدثا يقارب حالتنا الفلسطينية المخصوصة في الداخل الفلسطيني باعتبارنا أصحاب هذه البلاد لكننا لا نتمتع بخيراتها ومقدراتها وأرزاقها بحكم ضعفنا وهواننا، وأننا عمليا محتلون من طرف قوي هي الحركة الصهيونية التي استعمرت هذه الارض تحت رسم الديانة اليهودية والموروث اليهودي، وبدعم غربي وشرقي وعربي يكاد يكون مطلقا على حساب الشعب الفلسطيني، وأنا هنا اقول أننا محتلون مع إضافات أرستها المؤسسة الحاكمة الوليد الشرعي للحركة الصهيونية وتتعامل معنا منذ النكبة والى هذه اللحظة على اننا أعداء، وإن منحتنا الهوية الزرقاء والمواطنة فقد أبدعت هذه المؤسسة في التعامل معنا مستفيدة من تجارب الاقليات اليهودية في بلاد العرب وشمال افريقيا ومن تجارب المُستعمر الاوروبي إن في مشرقنا العربي أو في المغرب العربي والقارة الافريقية، وكتدليل أولي على ما اذكره ما يحدث مع القائمة المشتركة وإخراجها عن الاجماع القومي والوطني اليهوديين ورفضهم أن يكونوا شركاء في سياسات الدولة أي شركاء في الحكم لا من قريب ولا من بعيد، ولعل التفوهات العنصرية من أطراف حكومية وأوساط حاكمة في مقدمتها رئيس الوزراء نتنياهو وكيفية تعامله مع العنف الضارب في البلاد وتصريحات وزير الامن الداخلي التي تنضح بالعنصرية اتجاهنا ورفضه في مقابلة مع جاكي خوري الثلاثاء الماضي عبر راديو الشمس الاعتذار عن تلكم التفوهات في سياقات ما يطلقون عليه أيام الغفران، وبيان الشاباك في نفيه الاتهامات التي وجهت اليه بخصوص الجريمة والعنف ودوره المشبوه فيهما يبين مسألتي العداء” الاستراتيجي” والمنبوذية اتجاهنا زاعما أن مهمته تتعلق بأمن البلاد وليس في مواجهة الجريمة يكشف عن الأبعاد الثاوية في جدل العلاقة القائم بيننا كفلسطينيين وما معنا من رأسمال اجتماعي والمؤسسة الحاكمة ومرفقاتها وملحقاتها.
الرأسمال الاجتماعي في الداخل الفلسطيني
بناء على ما سبق مع كثير من التجريد لما ذكرت سابقا فإن التعريف الأمثل للرأسمال الاجتماعي في الداخل الفلسطيني أنه تلك العجينة المكونة من مرتكز بشري وآخر مادي وثالث فكري-ثقافي. وهذا الرأسمال مُؤسسُّ على ركيزتين، الركيزة البشرية وركيزة الافكار والمُثُل والتماثلات والثقافات والنشاطات والافعال والعلاقات وما بينهما من شبكات متداخلة هي عرضة للتحولات والتطورات باستمرار. فيما يتعلق بالركيزة البشرية فالرأسمال الذي أعنيه في هذه المقالة هو كل المركب البشري من جيل الخامسة وحتى جيل الخامسة والسبعين وهذه الاجيال بمجموعها تمثل 87% من مجمل تعدادنا البشري في الداخل الفلسطيني، مستثنيا الجولان والنقب (استثنيت من ذلك جيل 0-4 سنوات وجيل ما فوق75 عام)، ويأتي في أساس مكون الرأسمال الاجتماعي الاسرة كمركب يجمع بين الركيزتين، وهذا الكم البشري الهام والاساس يضاف إليه الاحزاب والحركات والهيئات السياسية ومؤسسات المجتمع الأهلي التي تخدم مجتمعها بناء على أجندات داخلية صرفة ولا تتمول من الخارج ولا تخضع لتلكم الاملاءات الواردة من خلف البحار والمحيطات، ويضاف اليها لجان الزكوات والاصلاح والنخب المجتمعية المختلفة بمختلف تخصصاتها المهنية والاكاديمية وعلماء الشريعة وأهل الاختصاص الشرعي على مختلف درجاتهم العلمية، ويضاف اليها الدين كمركب هوياتي أساس بين العرب بمختلف طوائفهم والعروبة كحالة مقاربة للإسلامية والفلسطنة كحالة ناجزة في قسمات هويتنا، ويضاف إليها اساسا منظومات القيم والاخلاق والعادات الحسنة التي شكلت عمودا فقريا أخلاقيا لمجتمعنا وكانت سببا مباشرا بل واساس في حفظنا من الذوبان في الاحتلال الاسرائيلي المبكر بعد عام 1948 ومن قبل الاحتلال الانجليزي الممتد من عام 1917-1948، وامتلاكنا شخصية اعتبارية حفظت وجودها رغم هزيمتها الشنعاء أمام المنظمات العسكرية الصهيونية والنكبة والشتات الذي لا نزال نعيشه فنحن نكاد نكون الشعب الوحيد-طبعا اليوم لحقتنا شعوب عربية وإسلامية كثيرة- الذي لا يزال يتجرع غصص الهزيمة وتداعياتها منذ سبعة عقود. ويضاف الى ما ذكرت العلاقات الاجتماعية بين الافراد والعائلات والشبكات الاجتماعية الناجزة عن هذه العلاقات والشبكات الاجتماعية المتولدة من النشاطات السياسية والدينية والاجتماعية في مجتمعاتنا وتتحدد معالم رأسمالنا الاجتماعي بثلاثة معايير: المعيار التربوي، المعيار العملي أي العمل/ عكس البطالة، ومعيار التعلم والمعرفة.
خصوصية مخرومة… ولكن؟!
هذا الرأسمال الذي نملكه نحن أبناء الداخل الفلسطيني في ظل غياب عديد المكونات والقوى الرديفة لنا، هو الخلاص الوحيد أمامنا من حالات الانهيار السريع الجارية في مجتمعنا، اذا ما تمَّ إعادة النظر في تنظيم وتقويم هذا الرأسمال، فنحن اليوم وإن كنا جزءا أساس من الشعب الفلسطيني نعيش حالة من الفردانية الجماعية برسم أننا مع وبدون شعبنا الفلسطيني ونتعرض من طرف المؤسسة الاسرائيلية لحرب شعواء على مكوناتنا الجمعية والجماعية وترفض الاعتراف بحقوقنا الجماعية ومصرة على مسألة الحقوق الفردية لأسباب كثيرة تخصها كمؤسسة (كولونيالية) وكمجتمع (أغلبية) متغول وكضبط للصيرورات القائمة بيننا وبين المؤسسة. نحن كفلسطينيين أجرمت بحقنا منظمة التحرير الفلسطينية يوم وافقت في اوسلو على إخراجنا خارج النسق الوطني الفلسطيني، وزعمت أننا جزء من الدولة العبرية والسياق الوطني وهو ما تأكد في مسألتي الانتخابات للكنيست واطلاق سراح السُجناء الأمنيين، ففي موضوعة انتخابات الكنيست تتدخل السلطة في رام الله لصالح أن نبقى في الكنيست والتصويت والمشاركة كتأكيد على إسرائيليتنا وإن ادعت غير ذلك من خلال تعاونها مع بعض السياسيين، ويوم تخلت عن أسرانا في السجون الإسرائيلية، وهذه الانتكاسة والنكسة باعدت الشٌقة “رسميا” بيننا وبين باقي مكونات شعبنا.
هذه الوضعية المتخلقة باستمرار في تجاذبات العلاقة مع المؤسسة الاسرائيلية من جهة ومع سلطة رام الله من جهة أخرى وسعيها الدؤوب لاستثمارنا سياسيا في السياق الاسرائيلي الصرف أدخلنا في وضعية حرجة اخلاقيا مع ذاتنا الجمعية كفلسطينيين ومع شعبنا الفلسطيني عموما وأوجد علاقات منفردة هنا وهناك بين مجموعات فلسطينية تتماثل في بعض القضايا المشبوهة الساعية لتفكيك وضرب المجتمع الفلسطيني في مكوناته الاخلاقية والدينية والتراثية والوطنية، كما هو الحال في علاقات بعض المؤسسات والجمعيات النسوية ذات الطابع الجندري مثل جمعية القوس للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني إذ لها تمثيل في حيفا ورام الله والقدس مقابل ذلك تشن السلطات الاسرائيلية والفلسطينية حربا لا هوادة فيها على المؤسسات والجمعيات والشخصيات الاسلامية والوطنية التي تروم التواصل معنا كفلسطينيين وتحول دون ادنى تواصل بينهما. ولذلك فخصوصيتنا الفلسطينية العروبية في الداخل الفلسطيني مخرومة بشكل فاضح بل ومخترقة في أحايين كثيرة سواء بسبب تداخلات السياسة المحيطة بواقعنا المعاش وتأثيراتها على نسيجنا الاجتماعي والاخلاقي-السياسي كما حدث مثلا بالملف السوري وتأويلاته وتداعياته علينا، وكالحرب التي يشنها السيسي على الاخوان المسلمين وتماثلاتها في الدخل الفلسطيني، ومن ثمّ فرأسمالنا الاجتماعي يتأثر بعوامل خارجية تدفع في أحايين كثيرة الى تنوع من التنافر داخل النسيج المجتمعي الواحد سواء على مستوى البلد الواحد او حتى التنظيم الواحد. وهذه المسألة وإن تبدت في ظاهرها سلبية للغاية فإنها في الحقيقة تحمل معنى إيجابي ستكون محيياته في الزمن القادم إذ تعددية المواقف مهما بلغت من التنافر ما لم تصل الى حد الإحتراب فإن هذا يعني اننا امام مجتمع يتخلق سياسيا وسيصل الى لحظة تعدديته التي تصل حدَّ التنافر لكن ضمن ضوابط، وهذا بحد ذاته مدعاة لتطوير قيم جمعية مستقاة من قيمنا وتراثنا خاصة وان أمامنا تجربة ناجزة هي تجربة الحركة الصهيونية وكيف أقامت دولة وحافظت عليها رغم بُعد الشقة الفكرية والثقافية داخل مختلف مكوناته البشرية والعرقية وفي هذا درس بليغ لفهم معاني الرأسمال الاجتماعي في السياق الصهيوني.
المخططات الإسرائيلية
لقد تنبهت المؤسسة الاسرائيلية مبكرا الى العاملين البشري والهوياتي فيما تعلق في الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني لذلك عملت جاهدة على تخفيض معدلات الولادة في الداخل ونجحت في ذلك نجاحا مطلقا عبر سياسات اقتصادية-اجتماعية عملت على إخراج المرأة من البيت للعمل (لا علاقة للموضوع بتعلم وتعليم المرأة/ البنت/ الفتاة) تحت مسبب التعاون الاقتصادي داخل اسرة بعدئذ نجحت في صرفنا لنكون مجتمعا استهلاكيا تغيرت أولوياته وتبعا لذلك تغيرت أنماط حياته وسلوكياته، ونجم عن هذه المتغيرات بروز طبقة وسطى في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني حريصة على الحفاظ على مكتسباتها ومنجزها المادي والاقتصادي وإن حملت في أعماقها- ليس كلها- وفاء لهويتها الوطنية والإسلامية، ولذلك تعتبر هذه الطبقة أي تصادم مع المؤسسة الاسرائيلية يضرها ويلحق الأذى بها على كافة المستويات ومن ثم فقد اضحت هذه الطبقة رغم وضعها الاجتماعي-الاقتصادي ومكانتها البنيوية داخل المكون البشري، أقول أضحت عندها القضايا المطلبية والحفاظ عليها أهم بكثير من القضايا الوطنية والإسلامية من جهة وصارت عمليا -ليس كلها طبعا- تشكل وسيطا ومثالا لما يمكن للحقوق الفردية أن تصل بالأفراد والجماعات ما داموا لا يتحركون على أساس جماعي ولا يحملون فكرا سياسيا يناجز المؤسسة الإسرائيلية.
ومع سياسات النيوليبرالية التي تبنتها حكومات الليكود في العشريتين الاخيرتين وما رافقهما من تغيرات داخل المجتمع الاسرائيلي والآثار التي نزلت تبعا لذلك على مجتمعنا والمتغيرات الحاصلة على كافة المستويات الحياتية ظهرت طبقة فاحشة الثراء جنت اموالها اما في سياقات شرعية او في سياقات غير شرعية وظهر مقتبل هذه الطبقة طبقة اخرى من صغار الكسبة شكلت الخاصرة الضعيفة في مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني ونتيجة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعنا بدأ رأسمالنا الاجتماعي بالتقلص والضعف فعلى سبيل المثال لا الحصر تراجع دور المؤسسات الحزبية والحركية سياسيا في الداخل الفلسطيني جاء في خضم انحدار هذا المجتمع في ردهات الاستهلاك والاستحواذ المادي.
في هذا السياق نشير الى أنَّ المجتمع الاسرائيلي الاشكنازي أصبح في العشريات الثلاثة أكثر حداثة ونيوليبرالية وانتقل من الاهتمام والسيطرة على مواضيع ومفاتيح مجتمعية كانت طابو خاص به لعقود متتالية ترافقت مع مراحل التأسيس والبناء والتقعيد- من سنة 1920 وحتى سنة 1992- فمثلا انتقلت مهنتي الطب والتمريض من القطاع اليهودي الاشكنازي والسفاردي الى القطاع العربي والروسي، وانتقل قطاع المؤسسة العسكرية من قيادات الاشكناز الى قيادات السفارديم والشرقيين وانتقل العمل في قطاعات الزراعة من الاشكناز الى الشرقيين والسفارديم أو ما تبقى من تلكم الأجيال فيما أبنائهم هربوا الى مدينة الليل، تل أبيب أو الى الولايات المتحدة الامريكية حيث العجل الفرعوني الجديد، وهم بذلك ينتقلون من المحلية الى العالمية يتصيدون حركة المال والاقتصاد العالميين مرافقين التغيرات العالمية بدأ من مطلع تسعينات القرن الماضي وظهور الكوكلة ( نسبة لشركة كوكا كولا) نسبة للسيطرة الامريكية قائدة الاستهلاك العالمي وفقا للنمط الأمريكي.
تآكل الرأسمال الاجتماعي في الداخل الفلسطيني
في هذا الخضم نشأ في مجتمعنا فجوات أشبه ما تكون بالبؤر الخطرة الجاذبة لضحاياها كما هو الحال بؤر رمال الصحاري المتحركة، هذه البؤر المتحركة والخطيرة تكونت في مجتمعنا بفعل عوامل الفقر والجهل ومن ثم فقدان الكرامة والآدمية. هذه البؤر سقطت فيها عائلات إما مفككة أسريا بسبب ظرف أحد الوالدين أو كلاهما أو قض مضجعها ناب الفقر والمسغبة، ونظرة بسيطة إلى كافة الشباب المتورط اليوم في العنف والجريمة ستجد إنهم من أسر مفككة بغض النظر عن اسباب هذا التفكك، أو من أسر فقيرة حد الإملاق أو من أسر جُرَت الى الجريمة جرا لما عاشت حالة الاغتراب مع واقعها إذ لم تجد من يعينها على جلب الحق لها، وهذه الأسر التي تزايدت بشكل كبير بفعل المتغيرات المجتمعية وتراجع قيم التعاضد والتعاون والتكافل داخل مجتمعاتنا المحلية وغياب دور أحد الولدين في العملية التربوية أو كلاهما دفع نحو انحراف أحد الابناء للجريمة طمعا بالخروج من عالم الفقر الى فضاء الغنى بغض النظر عن كيفية الخروج ووسائله لذلك نجد أن ادوات الخروج من دائرة الموت ورقصته تكون عند هؤلاء بالانغماس أكثر في عالم الجريمة والمنكرات ونجاح هؤلاء الشباب والفتية بالخروج من فك الفقر عبر بوابات المنكرات والجريمة على اختلاف انواعها ادى الى اللحاق بهم وتقليدهم لتحقيق كسب مالي سريع سرعان ما ظهر على هذه العوائل وهو ما دفع لمزيد من التماثل معها لنصبح اليوم أمم كرة ثلج تكبر باستمرار.
نظرة أخرى إلى شباب هذه العائلات المفككة سيلاحظ أن القوي منهم ومن مَلَكَ ناصية القيادة يستطيع بسرعة كبيرة تجميع عدد كبير حوله من امثاله المحرومين وحتى من أسر طبيعية حاضنة لتتحول هذه المجموعات في ظل تفكك مجتمعي تنازل عن منظوماته القيمية الاساسية الى رأس حربة تقود حركة المجتمع بشكل سلبي.
ثمة عوامل اخرى لتآكل رأسمالنا الاجتماعي تتمثل بالشللية الرأسمالية المنفلتة التي غاب عنها الرادع القيمي والديني والاخلاقي وهذه الشللية الرأسمالية الكاسب للمال الحرام ومعها مجموعة من الشللية الجامعة للمال بأسلوب يعتمد استغلال صغار الكسبة والعمال والعمل عندهم بأثمان بخس لا تتوافق اخلاقيا والتعب الذي يبذل وهذه لمجموعة مثلا سطرت حالة جديدة في الداخل الفلسطيني خاصة في المكون السني للداخل الفلسطيني يتعلق بارتفاع مضطرد لأسعار اراضي البناء حالت دون استطاعة الطبقة الوسطى فضلا عمن دونهم من شراء ارض لبناء بيت فلجأوا الى المشكنتا والديون البنكية ليعيشوا أعمارهم تحت ذل الدين السلطوي أذ تشير بعض الدراسات الى ان 75% من العاملين في القطاع الرسمي ” الحكومي\العام” متورطون بديون بعيدة للأمد للبنوك والمؤسسات المالية ولم تكتف هذه المجموعة بالسيطرة على الأرض وتسليعها بشكل فاحش بل دخل بعضهم الى عالم الديون الربوية لتظهر أمام ناظرينا مجموعة ” بشرية ” فاقدة للصلة الأخلاقية والاجتماعية بمجتمعها تترسمل باستمرار عبر استغلال فسحات النيوليبرالية المتوحشة لتتحول الى أعيان في مجتمع مريض بعد أذ بات الالاف من العائلات يرزح تحت وطأة المديونيات الربوية الفاحشة وهو ما دفع البعض الى بيع الأعراض والممتلكات بل والهروب خارج البلاد، ويضاف الى ذلك ان هؤلاء السماسرة قاموا بتأسيس منظمات الجريمة المنظمة للإتجار بالسموم والمخدرات والرقيق الأبيض وها نحن اليوم نعيش حالات من الإغراق بالسموم والديون ليصبح رجال العالم السفلي هم المثل الحي لأبنائنا كما الممثلات والفنانات لبناتنا وبتبدل القدوات نكون قد دخلنا عمليا عملية تفكك داخلي في ظل متغيرات باتت حتمية في مجتمعنا في الداخل الفلسطيني تستوجب وقفات سياسية واجتماعية وشرعية. في ظل ما ذكرت ازدادت معالم الفردانية والشخصانية واللأدرية وبدا واضحا الابتعاد عن القضايا الوطنية والدينية-الشرعية وتعززت اللامبالاة السياسية والاجتماعية وبات مجتمعنا اليوم امام خطر حقيقي لم يكن من قبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى