أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةالقدس والأقصىمقالات

تقدير موقف حول الدعوة لزيارة القدس والمسجد الأقصى المباركين

المحامي خالد زبارقة
في ظل الدعوات المحمومة الى زيارة القدس والمسجد الاقصى التي بتنا نسمعها في الآونة الأخيرة؛ نرى لزاماً علينا أن نؤكد المؤكد ونوضح الواضح ونذكر بالموقف من هذه الدعوات.
لا أحد يختلف على أن الوجود الإسرائيلي في القدس والمسجد الأقصى المباركين هو وجود احتلالي، فالقدس المباركة محتلة والمسجد الأقصى المبارك محتل، ولأن الوجود الإسرائيلي فيهما هو وجود احتلالي، فهو وجود باطل بلا سيادة ولا شرعية، وبالتالي هو ليس صاحب حق التصرف فيهما، ومصير هذا الوجود الاحتلالي الى زوال، طال الزمان او قصر.
ما دام الوجود والتصرف الإسرائيلي في القدس والأقصى المباركين هو على أساس قوة وسلطة الاحتلال، وهو يستند إلى لغة القوة فقط، وليس الى لغة الحق؛ وبواسطة لغة القوة والسلاح يقوم بتهويد القدس ويستبيح مقدساتها ويواصل حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى ويواصل فرض هيمنته على كل أبواب المسجد الأقصى، ويواصل حماية اقتحامات المجتمع الإسرائيلي للمسجد الأقصى، ويواصل حماية السياحة الدينية المهينة إلى المسجد الأقصى، ويواصل تعطيل معظم مشاريع إعمار هيئة الأوقاف في المسجد الأقصى، ويواصل قمع الرباط العبادي في المسجد الأقصى؛ وكل ذلك لن يعطيه أي شرعية او أي حق، لأنه يتصرف بإسم لغة القوة فقط، ولذلك فهو إلى زوال قريب بإذن الله تعالى.
وفي المقابل نحن المسلمين العرب الفلسطينيين أصحاب الحق الشرعي الوحيد في القدس والمسجد الأقصى المباركين، ونحن أصحاب الوجود الشرعي، وأصحاب السيادة الشرعية الوحيدة، وأصحاب حق التصرف الشرعيين الوحيدين في القدس والمسجد الأقصى المباركين.
ومن جانب آخر فإن حقيقة الصراع في القدس والمسجد الأقصى المباركين هو صراع بين الوجود والسلوك الإسرائيلي الاحتلالي الباطل، فاقد السيادة والشرعية، وبين الوجود والسلوك الإسلامي العربي الفلسطيني صاحب الحق الشرعي الوحيد، وصاحب السيادة الشرعية الوحيدة فيهما؛ على ضوء هذا الفهم فإن نتيجة هذا الصراع محسومة سلفا، وهي انتصار صاحب الحق على صاحب الباطل ولو بعد حين.
في ظل هذا المفهوم، فالمطلوب منا، نحن أصحاب الحق، أن نحافظ على وضوح وحقيقة هذا الصراع، وألا نميّعه، والويل لنا إذا ميّعناه وحوّلناه إلى صراع هامشي، وكأنه صراع على حقنا بزيارة المسجد الأقصى أو على حقنا بأداء الصلاة في المسجد الأقصى، أو على حقنا بإعمار وصيانة المسجد الأقصى، لأننا إذا غضضنا الطرف عن حقيقة هذا الصراع وبتنا نتصرف وكأننا أسقطنا من حساباتنا مبدأ السيادة فحينئذٍ نكون قد خسرنا معركة القدس والمسجد الأقصى المباركين، وقدّمناها مجانا-ربما بحسن نية وبدون قصد-إلى الاحتلال الإسرائيلي.
إن فهم طبيعة هذا الصراع على حقيقته والإدراك الدائم أنه صراع دائم بين سيادتنا الشرعية وسيادة الاحتلال الإسرائيلي الباطلة، هي البوصلة التي يجب ان تضبط علاقتنا مع القدس والمسجد الأقصى المباركين، وكيفية نصرتهما، وهي البوصلة التي يجب أن تضبط علاقتنا مع الاحتلال الاسرائيلي ومع وجوده وسلوكه الباطل فيهما.
وهي البوصلة التي يجب أن تضبط أقوالنا وأعمالنا ومواقفنا وفقهنا في طريق نصرة القدس والمسجد الأقصى المباركين، وبذلك نضمن ألا نقوم بأي عمل أو نصرّح أي تصريح أو نفتي أية فتوى، أو نتبنى أي موقف أو نقدّم أي عطاء إلا بما هو منضبط مع هذه البوصلة، وبما يؤكد دائما حقيقة الصراع في القدس والمسجد الأقصى المباركين.
وعلى هذا الأساس ولأنه لا يمكن في هذه الأيام لأي مسلم أو عربي في كل أرجاء الأرض سواء كان حاكما أو عالما أو من سائر الرعية أن يقوم بزيارة المسجد الأقصى، من الناحية الفعلية، إلا بموافقة الاحتلال الإسرائيلي؛ وهذا يعني أن كل من يزور المسجد الأقصى يقر سلفا، ولو على المستوى النفسي، بسيادة الاحتلال الإسرائيلي فيه.
ولذلك فإن أخشى ما نخشاه أن يؤدي تكرار زيارات المسلمين والعرب للمسجد الأقصى إلى إقرارهم-من حيث لا يقصدون-بقبول سيادة الاحتلال الإسرائيلي وشرعية وجوده فيهما برسم الوضع القائم؛ وهذا القبول النفسي يعتبر كارثة وحرف لإتجاه البوصلة التي يجب أن تضبط علاقتنا مع القدس والمسجد الأقصى المباركين من جهة، ومع الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى.
الحقيقة المرّة تقول: إن أكثر من يتمنى حصول مثل هذه الزيارات هو الاحتلال الإسرائيلي، فيوم أن قام بعض المسلمين والعرب بهذه الزيارة قبل بضع سنوات رحّب بهم وقام بتجنيد قواته المحتلة لحمايتهم، طامعاً من وراء هذه الزيارات وباسم هؤلاء الزائرين أن يدّعي امام العالم أنه الحامي للمسجد الأقصى بصفته صاحب الشرعية والسيادة.
ولذلك فإننا نخشى أن يؤدي تكرار هذه الزيارات-من حيث لا يقصد الزائرون-إلى تجميل الوجه القبيح للاحتلال الإسرائيلي وكأنه عنوان التسامح الديني وحرية العبادة للجميع، ومن خلال حرية العبادة للجميع سيواصل الاحتلال الإسرائيلي تكثيف وحماية مقتحمي المسجد الأقصى من المجتمع الإسرائيلي وحماية أداء طقوسهم التلمودية وتعزيز وجوده فيه على اعتبار أنهم من الجميع وفق حساباته الباطلة.
ان تكرار هذه الزيارات-من حيث لا يقصد الزائرون-إلى إسقاط مناعة الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني الرافضة لمبدأ وجود الاحتلال الإسرائيلي في القدس والمسجد الأقصى المباركين، ثم الميل مع الأيام إلى قابلية التطبيع وقبول الاحتلال.
ان تكرار هذه الزيارات قد يؤدي-من حيث لا يقصد الزائرون-إلى تمييع معركة القدس والمسجد الأقصى المباركين، ونقلها من مسارها الصحيح الساعي إلى زوال الاحتلال الإسرائيلي عنهما وارجاع الحق الى اصحابه إلى مجرد مسار ساذج يطمع بزيارة المسجد الأقصى وأداء الصلاة وقراءة القرآن وإلقاء المواعظ فيه، وإلى مجرد مسار إغاثي يطمع بدعم المقدسيين دعما إنسانيا إغاثيا، كأنه ضربهم زلزال أو أصابهم وباء ليس إلا.
إذا تم استدراجنا إلى هذا المربع، فإن الخطر كل الخطر أن يتحول الاحتلال، في شعورنا، من حالة مرفوضة إلى حالة متقبلة أو مسكوت عنها في أضعف الأحوال.
ثم ما معنى أن يرحّب الاحتلال الإسرائيلي بزيارات من العالم الإسلامي والعربي ويمنع في نفس الوقت كل الأهل في غزة العزة والضفة الغربية وبعض الأهل في الداخل الفلسطيني من زيارة المسجد الأقصى منذ عام 2000 فصاعدا على أقل تقدير.
الاحتلال الإسرائيلي يرحّب بهذه الزيارات في الحدود التي تتوافق مع مصلحته وتخدم سياساته، بدليل أنه في الوقت الذي يسمح لهؤلاء الزائرين الى زيارة المسجد الأقصى، فإن يمنعهم من زيارة غزة العزة والضفة الغربية، بل يمنعهم من زيارة بعض المواقع في القدس المباركة مثل سلوان والعيسوية وسور باهر وشعفاط.
لقد طرح الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة إعطاء إدارة دينية للمسلمين في المسجد الأقصى بشرط أن تكون تحت السيادة الإسرائيلية، وطرح إقامة شرطة مشتركة إسرائيلية مسلمة لحراسة المسجد الأقصى، بشرط أن تكون تحت السيادة الإسرائيلية، وطرح رفع علم باسم الجامعة العربية في المسجد الأقصى بشرط أن يكون تحت السيادة الإسرائيلية، ومن أراد تفصيلات أكثر فأنصحه بقراءة مذكرة زاموش التي كانت قد ترجمتها مؤسسة الأقصى قبل حظرها إسرائيليا من العبرية إلى العربية، فهل من مدّكر.
وكلمة أخيرة في هذا السياق، عندما نتحدث عن القدس والمسجد الأقصى المباركين علينا أن نستحضر دائماً الهدف النهائي للمشروع الصهيوني العالمي في القدس والمسجد الأقصى، فهو يسعى الى خلق الأجواء والظروف التي تمكنه من السيطرة الكاملة عليهما من أجل هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلاً مزعوماً مكانه؛ هل تنازل الاحتلال الإسرائيلي عن مخططاته؟ طبعاً لا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى