أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

حول توصية (القائمة المشتركة)

د. أنس سليمان أحمد
قدّر الله أن يكون لي أخوة من أبناء المشروع الإسلامي قد اختاروا لأنفسهم المشاركة في انتخابات لعاعة الكنيست إما مصوتين أو مرشحين، وأصبح البعض منهم عضو كنيست، وحالهم من هذه اللعاعة أرفضه ويؤلمني، ومع ذلك فإن عقد الإخوة الأبدي الذي يجمع بيني وبينهم يلزمني أن أنصحهم رغم اختيارهم المرفوض سلفاً، ولذلك أقول لهم: أما وقد اخترتم لأنفسكم هذا الموقف، وعلى أثر ما صدر من بيان من القائمة المشتركة، إن القائمة قد أوصت بالعسكري غانتس رئيساً للحكومة لدى رئيس الدولة، فأرى من الواجب أن أقدم هذه النصيحة المفصّلة:
1) أنا على يقين أنكم تدركون سواء كنتم مصوتين أو مرشحين أو أعضاء كنيست أن التوصية بالعسكري غانتس رئيساً للحكومة ليست مجرد كلمة تقال، بل هي كلمة لها وزنها عند الله تعالى، ولها تبعاتها، وستكونون مسؤولين عن تبعات هذه التوصية ديناً ودنيا وآخرة!!.
2) أنا أعلم وأنتم تعلمون أن توصيتكم إذا ساهمت بتولي غانتس منصب رئيس الحكومة، فستتحملون تبعة سلوكيات الحكومة التي سيشكلها غانتس، وسلوكيات كل وزرائها، وقرارات كل هؤلاء الوزراء بعامة، وقرارات وزير الدفاع ووزير الأمن الداخلي بخاصة، ولا ندري ماذا تخبئ لنا الأيام، ولكن الواقع سيشهد تواصل الحصار على قطاع غزة، وسيتواصل اجتياحها وقصفها، وسيتواصل اقتحام المسجد الأقصى وتهويد القدس والضفة الغربية، وستتحملون تبعة ذلك عند الله تعالى، وتبعة ما قد يُقدّم شعبنا الفلسطيني من شهداء وجرحى وأسرى…
3) أنصحكم أن تتدبروا جيداً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عزّ وجّل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله”!! ومعنى “شطر كلمة” أي نصف كلمة (اقتل) فمن قال: (إقـ) وترتب على ذلك قتل مؤمن، فقد أعان على قتله، فاحذروا تبعة هذه التوصية لغانتس، لأنها قد تجر صاحب هذه التوصية إلى مخاطر هذا الحديث الشريف ومخطئ من يظن أن هذه التوصية هي مجرد كلمة عابرة وسيتبعها الأرباح الدافقة.
4) أنصحكم أخواني أن تتدبروا جيداً هذا الحديث الشريف: قال صلى الله عليه وسلم: “إن الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار إلى أخيه بحديدة، وإن كان أخاه لأبيه وأمه” فإذا كانت عقوبة اللعن لمن أشار مجرد إشارة بحديدة إلى أخيه، فما هو الحال من يقدم توصية قد يترتب عليها ولو بعد حين شن حروب وسفك دماء وإزهاق أرواح.
5) عن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت من ضمن حديث نبوي شريف طويل: “يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث”!! قال بعض الشارحين لهذا الحديث: إذا لم يأمر الصالحون بالمعروف ويكرهوا ما صنع المفسدون هلك الصالحون!! فإذا كانت هذه عقوبة الصالحين إذا لم يكرهوا عمل المفسدين، فكيف سيكون حالهم إذا أوصوا بالمفسدين لرئاسة حكومة.
6) قال بعض الصحابة: “إن الرجل إذا رأى منكراً لا يستطيع النكير عليه فليقل ثلاث مرات: اللهم إن هذا منكر لا أرضاه، فإذا قال ذلك فقد أدّى ما عليه، فأما إذا سكت عليه فكلهم عاص”!! فإذا كان هذا حكم من سكت عن إنكار المنكر وهو قادر على ذلك، فما هو حال من تقدم بتوصية قد يترتب عليها استفحال المنكرات.
7) قال صلى الله عليه وسلم: “إذا عُملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها – وقال مرة فأنكرها-كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها، كان كمن شهدها” فإذا كان هذا حكم من رضي بالخطيئة حتى لو وقعت في شرق الأرض، وكان هو في غربها، فما هو حال من تقدم بتوصية قد تكون إلى اندلاع الخطايا المختلفة.
8) حسّن رجل عند الشعبيّ قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال الشعبيّ: قد شرَكَت في دمه؟! فإذا كان الشعبيّ وهو من سادات علماء المسلمين قد حكم على ذاك الرجل أنه شارك في قتل عثمان رضي الله عنه لأنه حسّن قتل عثمان رضي الله عنه، فما هو حال من تقدم بتوصية قد تقود إلى قتل المئات والألاف.
9) روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا… تعني قصيرةـ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد قُلتِ كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته”، فإذا كان هذا تعقيب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قول زوجه عائشة رضي الله عنها: ” حسبك من صفية كذا وكذا..” فما هو حال من يقدم – صراحة لا غمزاً-توصية بغانتس لرئاسة الحكومة الإسرائيلية!! تكاد السماوات يتفطرن وتنشق الأرض وتُهد الجبال هدا لهذه التوصية التي نسفت كل ثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية.
10) قال الله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) ومعنى الركون إلى الظالمين الميل إليهم ومحبتهم، أليس غانتس من الذين ظلموا وسجله الأسود يؤكد ذلك؟! ثم أليست التوصية به لرئاسة الحكومة هي ميل إليه، والميل إليه هو ركون إليه، فأين ذهبت هذه الآية عمّن قدّم هذه التوصية إلى رئيس الدولة؟!
11) جاء رجل خياط إلى سفيان الثوري فقال: إني رجل أخيط ثياب السلطان، فهل أنا من أعوان الظلمة؟ قال سفيان: بل أنت من الظلمة ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط.
12) هي أدلة شرعية وأقوال صحابة أو تابعين أضعها بين يديّ كل أبناء المشروع الإسلامي سواء كان مع أو ضد لعاعة الكنيست، وأقول لهم ناصحاً: كم نحن مطالبون أن نحاسب أنفسنا فوراً ونفر من لعاعة الكنيست نجاةً بديننا ودنيانا وآخرتنا، قبل أن تجر هذه اللعاعة البعض منا إلى طريق هلاك لا رجعة فيه، وكم أتمنى أن يُنبه تقديم القائمة المشتركة توصية إلى رئيس الدولة تطالب برئاسة الجنرال غانتس للحكومة الإسرائيلية، أتمنى أن ينبه ذلك الجميع منا على المخاطر المهلكة التي تحملها لعاعة الكنيست، وما هذه التوصية إلا عينة منها، ويبدو أن القادم أخطر، فهلاّ سارعنا وربحنا ديننا ومشروعنا الإسلامي وثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية قبل أن نخسر ديننا ودنيانا؟! اللهم إني بلغت اللهم فأشهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى