أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةشؤون إسرائيلية

نتنياهو يفضل انتقادات منافسيه على حرب بغزة لا يضمن نتائجها

في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، استقالته من منصبه، والانسحاب من الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب رفض الأخير شن حرب على قطاع غزة.
رفض رئيس الحكومة، جاء رغم تصعيد تمثل في إطلاق الفصائل الفلسطينية في يومين أكثر من 400 صاروخ باتجاه المناطق الإسرائيلية، معظمها بتاريخ 12 نوفمبر.
فيما جاءت استقالة ليبرمان، على خلفية اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابنيت” لبحث التصعيد، والذي تعمد نتنياهو أن يطيل مدة الاجتماع إلى سبع ساعات متواصلة.
وخلال الاجتماع أطلع كل من رئيس الأركان آنذاك غادي آيزنكوت، ورئيس جهاز المخابرات الداخلي “الشاباك” ناداف أرغمان، ورئيس المخابرات الخارجية “الموساد” يوسي كوهين، أعضاء الكابنيت على توصياتهم بالامتناع عن التصعيد في غزة وقبول التهدئة.
ورغم تحفظ ليبرمان، والوزراء نفتالي بينيت (التعليم)، وأييليت شاكيد (العدل)، وزئيف الكين (شؤون القدس)، على التوصيات، إلا أن نتنياهو كان قد توصل إلى اتفاق للتهدئة أثناء انشغال وزرائه في اجتماع الكابنيت.
وكانت الضغوط على نتنياهو لخوض مواجهة شاملة في القطاع، قد بدأت مع انطلاق “مسيرات العودة” التي بدأ ينظمها الفلسطينيون على السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
لكنه وبسبب خشيته حينها من إمكانية تبكير الانتخابات في حالة تقديم لائحة اتهام ضده في قضايا فساد متورط فيها، لم يستجب نتنياهو لتلك الضغوط بسبب قلقه من أن يشن حربا تأتي بنتائج سلبية ضده في صناديق الاقتراع.
** مبررات قائمة
وبعد مرور أكثر من عام، ظلت مبررات نتنياهو بعدم التصعيد قائمة، حتى بعد سقوط صاروخ أطلق من غزة الإثنين، أدى إلى تدمير منزل وإصابة سبعة أشخاص بجروح، شمالي إسرائيل.
ورغم الانتقادات التي يواصل حلفاؤه في الائتلاف الحكومي توجيهها له بسبب امتناعه (بصفته حاليا وزيرا للدفاع)، عن شن حرب على قطاع غزة، إلا أنه فضل اللجوء إلى لغة التهديد بشن حرب “إذا لزم الأمر”، لكن بعد استنفاد كافة الخيارات الأخرى، حسب تصريحات أدلى بها الخميس.
وكان السيناريو نفسه قد تكرر قبل ثلاث سنوات، عندما رصد الجيش الإسرائيلي في 19 من يناير/كانون الثاني 2015، موكبا في القنيطرة جنوبي سوريا، توقع أن يكون فيه مسلحون في طريقهم لتنفيذ هجوم ضد أهداف إسرائيلية.
ولكن بعد قصف الموكب، تبين أنه كان يضم قادة في “حزب الله” اللبناني، بينهم جهاد، نجل القائد العسكري السابق للحزب، عماد مغنية، الذي اغتالته إسرائيل في 12 فبراير 2008 في سوريا.
كان نتنياهو آنذاك يخوض حملة انتخابية مقررة بعد ذلك الحدث بشهرين، وأصبح لحظتها في موقف محرج، في حال شن “حزب الله” هجوما انتقاميا لمقتل أحد قيادييه.
بالمقابل، كان “حزب الله” في وضع صعب هو الآخر؛ لانخراطه في القتال إلى جانب النظام السوري، وعدم قدرته على فتح جبهة أخرى في الجنوب ضد إسرائيل.
لكن إسرائيل لجأت حينها، إلى الإعلان عن قصف موكب لخلية عسكرية دون علمها بوجود جهاد مغنية ضمنها، في محاولة منها للقول، إنها “لم تقصد اغتياله”.
هذا الإعلان قصد منه نتنياهو تجنب رد “حزب الله” على قتل مغنية الابن، أما “حزب الله” الذي لم يكن معنيا بمواجهة، فقرر بدوره، أن يكون الرد “محدودا”، بحيث لا يجبر تل أبيب على شن حرب ضد لبنان، فقام بعد عشرة أيام بقصف مركبتين عسكريتين إسرائيليتين قتل فيه جنديان.
ورغم أن نتنياهو توعد بالرد على هجوم “حزب الله”، إلا أنه لم يفعل شيئا، وامتص ضربة الحزب، كون مصلحته كانت تقتضي تجنب المواجهة التي قد يدفع ثمنها في الانتخابات لاحقًا.
** موازنة بين خيارين
لكن نتنياهو يوازن حاليًا بين أمرين، الأول قبول استمرار انتقادات منافسيه له بسبب رفضه شن حرب ضد حركة “حماس”، وهي انتقادات لم تنعكس آثارها على نسبة التصويت له حسبما تظهر استطلاعات الرأي.
والثاني، الانصياع لرغبات أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت، بشن حرب على القطاع، لا يضمن نتنياهو نتائجها، وفي حالة فشله في تحقيق أهدافها كما حدث في حروب سابقة، سيجد من دفعوه لخوض المغامرة فرصة أخرى للانقضاض عليه لسحب أصوات الناخبين.
بنيت، وزير التعليم زعيم حزب “اليمين الجديد”، اتهم دولة إسرائيل -قاصدا نتنياهو -بالتخلي عن مستوطني الجنوب (في المستوطنات المتاخمة للقطاع)، حسب وصفه.
وفي مقطع مصور نشره عبر حسابه على تويتر، قال بنيت: “إنه عندما يصبح وزيرا للدفاع، لن يتم التعامل مع سكان الجنوب (المستوطنين) على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية”.
كما طالب بينيت، نتنياهو، بعقد اجتماع للكابنيت لإصدار قرار بالقضاء على حركة حماس في القطاع.
أما ليبرمان، فهاجم نتنياهو أيضا، ووصف وقف إطلاق النار (غير المتفق عليه رسميا، لكنه تحقق عمليا إثر التصعيد الأخير مع الفصائل الفلسطينية في غزة) بأنه “ليس إلا تدميرا تاما لقدرات الردع الإسرائيلية، واستسلاما للإرهاب”، حسب مقطع فيديو دعائي نشره على حسابه بموقع تويتر.
الانتقادات لنتنياهو لم تنحصر في منافسيه فقط، فمستوطنو محيط غزة قالوا لهيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء: “إن صاروخا واحدا أصاب وسط إسرائيل جعل الكثيرين يثورون.. لكن الهجمات اليومية وإطلاق البالونات من غزة (على مستوطني الجنوب) لا تحرك أحدا”.
** محاولة تخفيف
صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية المقربة من نتنياهو، وسعيا للتخفيف من الانتقادات ضده بسبب تجنبه المواجهة الشاملة في غزة، قالت، إن التقديرات الأمنية تشير أن “المعركة في غزة قريبة وقد تندلع بسرعة”.
ونقلت الصحيفة، الخميس، عمن وصفتهم بمسؤولين أمنيين قولهم، إن التظاهرات المقررة في ذكرى “يوم الأرض” والذكرى السنوية لـ”مسيرات العودة” قد تفاقم الأوضاع وتتدحرج بشكل سريع إلى حرب، ولذلك عزز الجيش قواته هناك بالمزيد من الفرق العسكرية ومئات القناصين.
و”يوم الأرض”، تسمية تُطلق على أحداث جرت في 30 مارس/ آذار 1976، استشهد فيها 6 فلسطينيين، خلال احتجاجات على مصادرة سلطات الاحتلال مساحات واسعة من أراضيهم.
المحلل في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، قال للأناضول: “إن نتنياهو يفضل التعرض لانتقادات منافسيه، التي تظهر استطلاعات عدم تأثيرها عليه بشكل سلبي، على المخاطرة بخوض حرب في غزة، لا يعلم نتائجها”.
“منصور” أردف أن التعزيزات العسكرية الحالية مرتبطة بالمسيرات الفلسطينية المخطط لها، السبت، لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق مسيرات العودة في غزة، والذكرى الثالثة والأربعين لـ”يوم الأرض”.
“وتحسبا لأي تطور على خلفية المواجهات، يُبقي نتنياهو احتمالية التصعيد الذي قد يتحول إلى مواجهة عسكرية قائما، ويستعد له، لكنه في الوقت نفسه، يبذل جهده من أجل تجنبه”، بحسب المحلل الفلسطيني.
وسبق أن أظهرت تحليلات إسرائيلية أن نتنياهو يسعى لضمان فوزه في الانتخابات، كي يتمكن بالأغلبية التي سيحصل عليها في الكنيست من إقرار قانون يسمى “القانون الفرنسي”، يمنع محاكمة رئيس وزراء إسرائيل في فترة توليه الحكم.
وحسب تلك التحليلات، فإن ذلك أبرز أهداف نتنياهو حاليا للنجاة بنفسه من السجن؛ بسبب قضايا الفساد التي يواجه فيها لائحة اتهام تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، كما يقول المحلل “تسفي زارحيا” في مقال له في صحيفة “الاقتصاد” الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى