أخبار رئيسيةأخبار عاجلةمقالات

قاقوا في قفص العرب وباضوا في سلة نتنياهو

نضال محمد وتد

فجر الخميس الماضي، سقطت كل مقولات اختراق المجتمع الإسرائيلي، عندما قاق “الحريديم” في قفص القائمة المشتركة وباضوا في سلة نتنياهو، وسقطت كل مقولات حجر الزاوية الذي رفضه البناؤون، عندما صرخ عضو الكنيست، مئير كوهين، في وجه النائب أيمن عودة: “أنت في دولتي”. وعندما قال للنواب العرب حتى “عندما نأتي لمساعدتكم لا تسكتون…”.

لا أحسد النواب العرب في القائمة المشتركة للأحزاب العربية والجبهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي، على تحطم رهانهم حتى على “التفاهمات مع الحريديم”، لكن من الواضح أن الأحزاب العربية بالذات، باتت أمام مفترق طرق خطير، وأمام مرحلة قرار مصيري.

كيف لنا أن نواصل الطريق اليوم، بأي طرق وبأي وسائل؟ لا يمكن الاستمرار من دون حساب مع النفس، نعم من الأحزاب نفسها، عليها أن تحاسب مندوبيها في الكنيست، على عام من المراوغة والحديث عن تفاهمات متينة، دفعت أكثر من مرة إلى التصويت بشكل غير مباشر أو الخروج من قاعة التصويت بشكل ساهم في تثبيت ائتلاف نتنياهو، من خلال تقديم حلول لأزماته مع الحريديم: الامتناع عن إفشال إعادة  يعقوف ليتسمان نائبا لوزير الصحة؛ الامتناع عن تأييد تبكير موعد الانتخابات لشهر حزيران/ يونيو بحجة أنها ستجري في رمضان؛ وأخيرا قبل أسبوعين، الامتناع عن التصويت ضد قانون التجنيد.

 

كل المبررات التي لا تقدم الحقيقة للناس لن تجدي نفعا. كان ولا يزال المطلوب من القائمة المشتركة، لضمان عملية حساب مع النفس، أن يوقف نوابها في الكنيست نهج غياب الشفافية في كل ما يتعلق بأدائهم خلال هذه الولاية من الكنيست: لماذا وافق رئيس القائمة، أيمن عودة، على لقاء نتنياهو مباشرة بعد الانتخابات رغم تحريضه على حق العرب بالتصويت؟ ثم لماذا بعد انتقادات خجولة وافق “رؤساء المشتركة” (وهي هيئة استحدثت لمناكفة النائب أيمن عودة شخصيا، بالاعتماد على دعم من رئيس المتابعة، محمد بركة) أيضا على لقاء نتنياهو دون أي مطالبة باعتذار حقيقي للعرب؟ ولماذا اصطحبوا في اللقاء رئيس اللجنة القطرية، السيد مازن غنايم، وغيبوا رئيس لجنة المتابعة؟ هل كان هذا شرط نتنياهو للقاء لأنه يرفض مبدئيا فكرة لجنة تمثيلية للعرب؟

هل يملك قادة المشتركة المسؤولية ليعترفوا بأخطاء الأداء البرلماني طيلة هذه الدورة؟ ما هي حقيقة الصفقة – التفاهمات في حينه، في أول لقاء مع نتنياهو، بشأن الخروج من التصويت عند طرح قانون الغاز، مقابل وعود من نتنياهو بسياسة إيجابية تجاه العرب؟ وهي صفقة – تفاهمات تراجع عنها نتنياهو ولم يف بالتزاماته فيها (باعتراف النائب أحمد طيبي) في مقال في موقع “العرب” بعد مسلسل الهدم في قلنسوة.

ما هي علاقة “وثيقة كامنيتس”، ولاحقا “قانون كامنيتس”، بخطة المليارات الموهومة التي اتضح أنها ليست أكثر من 2.5 مليار شيكل وليس 15 مليار، ومع ذلك لم تحول للبلدات العربية؟

 

لماذا تراجع أعضاء المشتركة والتزموا بمنع نتنياهو لهم بزيارة المسجد الأقصى منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، ثم ادعوا مؤخرا أنهم ليسوا بحاجة لتصريح من نتنياهو؟

لماذا وفق معطيات الكنيست نفسها، الرسمية، جاء تدريج القائمة المشتركة في الموقع قبل الأخير بين مجمل كتل الكنيست من حيث نشاط الكتلة الجماعي مع أنها تشكل الكتلة الثالثة من حيث حجمها؟ وكيف نفسر الفوضى في مواقف خلافية: مشاركات في مؤتمر هرتسليا وفي مؤتمرات مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي؟

إطار المشتركة مهم للغاية حتى بعد سن قانون القومية، ولكن ما يجب تغييره هو الدور المرجو من القائمة، والأداء البرلماني المطلوب من نواب القائمة، وأن لا يتحول إطار القائمة المشتركة إلى المرجعية العليا، وكأنه لا مرجعية حزبية للنواب، ولا مرجعية عليا متفق عليها هي لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب. لماذا نسي أقطاب المشتركة أن الأحزاب المشاركة في اللعبة البرلمانية لا تمثل في أحسن الحالات أكثر من 60% من العرب في إسرائيل، وأن هناك حياة كاملة خارج الكنيست؟

يجب تغليب الجمعي على الفردي وعلى الحزبي، وحتى الآن كانت المشتركة بفعل الأداء وليس الهدف المرجو منها، ساحة للمناكفات وتصفية الحسابات الداخلية لبعض أقطابها، أو فرصة للظهور الإعلامي المسرحي في بعض الأحيان بشكل مؤسف للغاية.

لم نسمع عن مطلب واحد من نواب المشتركة بالاعتراف بلجنة المتابعة العليا كهيئة تمثيلية لكافة العرب في إسرائيل، ولو مطلب واحد، ورأينا الممارسة النقيضة لذلك، في أول لقاء للنواب عن المشتركة مع نتنياهو، ربما للتغطية على وهج أول لقاء بين نتنياهو وأيمن عودة لا غير.

 

مؤسف كيف التزمت المشتركة بتعهداتها تجاه الحريديم، وحاولت إخفاء أمر هذه التفاهمات عند شرح أسباب خروجها من الهيئة العامة للكنيست، قبل أسبوعين، عند التصويت على قانون التجنيد (تجنيد الحريديم)، والبحث في مساهمات فكرية عن رفض العسكرة ومظاهرها، وكان موقف من حاولوا ذلك يدعو للشفقة لضحالة الموقف،  في ظل اعتراف صريح من النائب مسعود غنايم بأنه كانت تفاهمت مع الحريديم، وقبلها كان حديث عن تطمينات من وزير المالية موشيه كاحلون (من يذكرها؟) بشأن قانون الأذان وقانون القومية نفسه!

النائب أحمد الطيبي أقر بهذ الأمر، مفاخرا بالتفاهمات وليس “ديل”، لكنهم كما أسلفنا قاقوا في قفص العرب وباضوا في سلة نتنياهو. من سيحاسب النواب في المشتركة على هذه التفاهمات الساذجة؟ لماذا لم يتوقعوا أن “يغدر” بهم الحريديم، ولم يروا، وبعضهم مخضرم ويدعي الحنكة السياسية، كيف يتلاعب الحريديم بـ13 صوتا عربيا في لعبة الابتزاز التي يجيدونها قبالة نتنياهو.

حقا صفعة الحريديم للقائمة المشتركة مدوية، ليس لأنها كانت شديدة أو لأنهم انقلبوا على حقيقتهم، بل لأن النواب في المشتركة سمحوا لنفسهم الاعتقاد بوهم التزام الحريديم بها، وسكتوا حتى عندما أعلن الحريديم، أنهم سيرفعون صوتهم عاليا ضد بند اللغة العربية، كُرمال العرب لكنهم سيصوتون مع القانون. هل هناك استخفاف أكثر من هذا؟

 

مرة أخرى، لا أحسد النواب العرب على وضعهم، لكن أيضا نريد منهم أن يتوقفوا حتى في احتجاجهم ورفضهم للقانون، عن نسخ مظاهر وردود الفعل الإسرائيلية. فمنذ نسخ نوابنا قبل عامين أو ثلاثة عملية تمزيق حاييم هرتسوغ، والد يتسحاق هرتسوغ، قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العام 1976، بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، قائلا “إن هذا القرار مجرد ورقة ويجب التعامل معه على هذا الأساس”، ونوابنا يقومون بتمزيق مشاريع القوانين التي لا تعجبهم بحركة مسرحية باتت فعلا مبتذلة، لكنها تلزم رئيس الجلسة بفعل دستور وأنظمة العمل الداخلية في الكنيست، إبعادهم عن قاعة المداولات.

رجاءً ارحمونا من هذه الطقوس التي باتت مبتذلة ومسيئة لنا ولكم، وتمتهن كرامتكم وكرامتنا، عندما نرى حرس الكنيست وهم يصطحبونكم للخارج، فيما “تقاومون” ذلك وأنتم تعلمون أنكم ستخرجون لعدة دقائق لا غير، لكنها مقاومة لضمان لقطة الكاميرا.

ارحمونا من التمزيق للورق الفاخر، وارحمونا من مشاهدتهم وهم يجرونكم خارج القاعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى