أخبار رئيسيةمحلياتومضات

العليا تبحث قانون فصل المعلمين بدعوى “دعم الإرهاب”

نظرت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الإثنين، في الالتماس الذي تقدّم به طاقم مركز “عدالة” الحقوقي، ضدّ القانون الذي يمنح المدير العام لوزارة التعليم صلاحية فصل العاملين في جهاز التعليم بإجراء إداري، على خلفية مزاعم “دعم الإرهاب”.

ونظر في الالتماس ثلاثة قضاة من المحكمة العليا، من بينهم رئيس المحكمة، القاضي يتسحاك عميت، والقاضية غيلا كنفي-شتاينيتس، والقاضي عوفر غروسكوبف. وتُعدّ هذه الجلسة الأولى التي تُعقد في هذا الملف، عقب إقرار القانون الذي يستهدف ملاحقة النشاط السياسي والمؤسسات التعليمية.

وترافع عن “عدالة” المحامية سلام إرشيد، مقدّمة الالتماس باسم المركز، وباسم لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي، واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، ولجنة أولياء الأمور القطرية في المجتمع العربي.

وشهدت المحكمة تواجد مجموعة من المتطرفين الإسرائيليين الذين مارسوا التحريض وحاولوا ملاحقة طاقم “عدالة” الحقوقي وإحداث استفزازات، وكان من بينهم ناشطون من منظمة “بتسلمو” اليمينية المتطرفة، المعروفة بملاحقة المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني.

وكان الكنيست قد أقرّ، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، قانونًا يتيح للمدير العام لوزارة التعليم إصدار أوامر بفصل معلمين ومعلمات، أو تعليق عملهم، أو سحب تراخيص مزاولتهم لمهنة التعليم، في حال اقتنع بأن موظفا “أبدى تعاطفًا مع عمل إرهابي أو مع منظمة إرهابية أو عبّر عن دعم لهما”.

كما يمنح القانون وزير التعليم صلاحية سحب الميزانيات من مؤسسات تعليمية، “إذا ثبت، حسب قناعته، أنّ في المؤسسة مظاهر تعاطف مع عمل إرهابي أو مع منظمة إرهابية أو دعم لهما، وكانت إدارة المؤسسة تعلم بوجودها أو كان ينبغي أن تعلم”.

وقالت المحامية إرشيد، في حديث معها، إن الجلسة تمحورت حول قانون يخول المدير العام لوزارة التعليم صلاحيات فصل أو عدم تعيين معلمين، بادعاء التحريض على الإرهاب، إضافة إلى سحب ميزانيات المدارس بشكل كامل أو جزئي، “حتى لو كان الحديث عن معلم واحد فقط”.

وأضافت أن القانون “متطرف ويمسّ بحرية التعبير عن الرأي، ويمسّ أيضًا بحق الطلاب في التعليم، إذ يتيح إغلاق مدارس في حال اتهام معلم، ما يحرم الطلاب من حقهم في التعليم بسبب قرارات يتخذها سياسيون، دون خبرة قانونية في كل ما يتعلق بالإرهاب”.

وتابعت أن “القانون فضفاض، وسيُستخدم لإسكات أي صوت مناوئ للحكومة وسياساتها، وهنا تكمن خطورته الحقيقية، كونه يمسّ بجوهر حرية التعبير”.

وفي ما يتعلق بتأثير القانون على المعلمين في المجتمع العربي والمؤسسات التعليمية، أوضحت إرشيد أن الصلاحيات الواسعة التي مُنحت للوزير تتيح فصل معلمين أو منع توظيفهم، وسحب ميزانيات، من خلال إجراء إداري سريع، استنادًا إلى ادعاءات فضفاضة.

وحول ما دار في الجلسة، أشارت إلى أن الدولة ادعت أن الوقت ما زال مبكرًا للبت في الالتماس، باعتبار أن القانون لم يُطبّق بعد، ولم يُفصل أي معلم أو يُمنع من التعيين بموجبه حتى الآن، “لكننا نرى العكس تمامًا، فالقانون يمسّ بالمعلمين والمؤسسات التعليمية حتى قبل تطبيقه فعليًا”.

وأضافت أن القانون “يفاقم حالة الخوف، ويشرعن فصل المعلمين كما حدث منذ بداية الحرب، بسبب تصريحات أو تعبيرات تندرج ضمن حرية التعبير عن الرأي، من خلال قرارات يتخذها أشخاص دون إلمام كافٍ بحرية التعبير أو بقضايا الإرهاب، ما يُلحق ضررًا بالغًا بالمجتمع والطواقم التعليمية”.

وفي بيان صدر أمس، قال مركز “عدالة” إن الالتماس يشير إلى أن النقاشات التي جرت في الكنيست، ومذكّرات الشرح المرافقة للقانون، إضافة إلى صيغته التشريعية، تكشف بوضوح أن غايته عنصرية وتمييزية، إذ ورد صراحة في مذكّرات الشرح أن القانون موجّه ضد المدارس العربية.

وأضاف المركز أن القانون لا يُعدّ تشريعًا تربويًا يهدف إلى مكافحة التحريض والعنف بصورة شاملة، كونه يتجاهل التحريض على العنصرية، والتحريض على الإبادة الجماعية، رغم كونهما مخالفين للقانون، كما لا يتطرّق إلى التحريض على العنف أو خطاب الكراهية، ما يعكس انتقائية واضحة في تطبيقه.

وأوضح “عدالة” أن القانون لا يتعلّق بفرض عقوبات عقب ارتكاب مخالفات جنائية أو صدور إدانات قضائية، بل يمنح صلاحيات إدارية واسعة لجهات سياسية، من بينها وزير التربية والتعليم أو المدير العام للوزارة، لتقدير ما إذا كانت تعبيرات معيّنة تُشكّل “دعمًا للإرهاب”، بما ينقل صلاحيات يُفترض أن تكون ضمن اختصاص الجهاز القضائي إلى الجهاز التنفيذي.

وأشار الالتماس إلى أن هذا النقل للصلاحيات يتيح اتخاذ قرارات تمسّ بمصير تشغيل المعلمين واستمرار عمل المؤسسات التعليمية استنادًا إلى اعتبارات سياسية، دون رقابة قضائية فعلية، وهو ما يشكّل مساسًا خطيرًا بمبدأ الفصل بين السلطات وبالحقوق الأساسية.

وفيما يتعلّق بالآثار التربوية، شدّد عدالة على أن القانون يؤدي إلى تقويض النقاش في القضايا القومية والسياسية داخل المدارس، ويدفع إلى الامتناع عن تناولها، ما يمسّ بحق الطلاب في التعليم، ويقوّض تنمية التفكير النقدي لديهم، فضلًا عن تكريس عقاب جماعي من خلال سحب الميزانيات من مؤسسات تعليمية، وتأثير ذلك المباشر على الطلاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى