الصين تطلق مناورات عسكرية واسعة حول تايوان وتحذر “القوى الخارجية” من الاقتراب

أعلنت الصين، اليوم الاثنين، إطلاق مناورات عسكرية واسعة النطاق في محيط تايوان، بمشاركة وحدات متنوعة من القوات البرية والبحرية والجوية وقوات الصواريخ، في خطوة وصفتها بكين بأنها “تحذير شديد اللهجة” و”رادع قوي” لما تسميه النزعات الانفصالية في الجزيرة، وسط تصاعد التوتر مع تايبيه وواشنطن على خلفية صفقات تسليح أمريكية جديدة.
وقال الناطق باسم قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني، شي يي، في بيان رسمي، إن المناورات التي انطلقت اعتبارا من الاثنين تشارك فيها قوات من الجيش والبحرية وسلاح الجو وقوات الصواريخ، مؤكدا أنها تهدف إلى “حماية سيادة الصين ووحدتها الوطنية”، وواصفا إياها بأنها “إجراء مشروع وضروري”.
وأضاف شي يي أن التدريبات العسكرية المشتركة، التي تحمل الاسم الرمزي “مهمة العدالة 2025”، ستجري في خمس مناطق بحرية وجوية قرب تايوان، وتشمل أنشطة إطلاق ذخيرة حية تمتد من ساعات الصباح وحتى المساء.
وأظهرت خريطة مرفقة ببيان منفصل خمس مناطق واسعة تحيط بالجزيرة، حيث ستنظم تدريبات بالذخيرة الحية، فيما أوصت السلطات الصينية “بعدم دخول أي سفينة أو طائرة غير ذات صلة إلى المياه والمجال الجوي المحددين، لأسباب تتعلق بالسلامة”.
تايوان ترد بـ“مناورات عاجلة”
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية أنها أطلقت “مناورات الرد العاجل” ردا على التحركات العسكرية الصينية. وقالت الوزارة، في تدوينة عبر حسابها على منصة “إكس”، إن القوات المسلحة التايوانية “نشرت قوات مناسبة” وأقامت “مركز استجابة”، مؤكدة أنها نفذت “تمرين استجابة سريعة” تحسبا لأي تطورات.
ونددت الوزارة بما وصفته بـ“الاستفزازات غير المنطقية” لبكين، معتبرة أن هذه الأنشطة “تضر بالسلام والاستقرار الإقليميين”.
من جهتها، قالت الناطقة باسم مكتب الرئاسة التايوانية، كارين كو، في بيان، إن تايوان “تدين بشدة تجاهل السلطات الصينية للمعايير الدولية، واستخدامها الترهيب العسكري لتهديد الدول المجاورة”.
تحذيرات صينية للقوى الخارجية
وفي تصعيد لافت، وجهت الصين تحذيرا مباشرا إلى “القوى الخارجية” الداعمة لتايوان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، خلال مؤتمر صحفي دوري، إن أي محاولة لمنع الصين من “إعادة توحيد” تايوان مع البر الرئيسي “ستبوء بالفشل”.
وأضاف لين أن “القوى الخارجية التي تسعى إلى استغلال تايوان لاحتواء الصين وتسليحها، لن تفعل سوى تعزيز الغطرسة المؤيدة للاستقلال، ودفع مضيق تايوان إلى وضع خطير ينذر بحرب وشيكة”. وأكد أن “أي خطة مشؤومة لعرقلة إعادة التوحيد محكوم عليها بالفشل”.
خلفية التصعيد.. صفقة أسلحة أمريكية
وتأتي هذه المناورات العسكرية الواسعة عقب موافقة الولايات المتحدة، في 17 كانون الأول/ديسمبر الجاري، على بيع أسلحة لتايوان بقيمة تقارب 11.1 مليار دولار، في أكبر صفقة تسليح تبرمها واشنطن مع تايبيه حتى الآن٬ والثانية منذ عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة.
وتعتبر بكين هذه الصفقات “تدخلا سافرا” في شؤونها الداخلية، وانتهاكا لمبدأ “الصين الواحدة”، في حين تؤكد واشنطن أن مبيعات الأسلحة لتايوان تهدف إلى “تعزيز قدراتها الدفاعية”.
وتعود جذور التوتر بين الصين وتايوان إلى عام 1949، عندما لجأ القوميون الصينيون إلى الجزيرة عقب هزيمتهم أمام القوات الشيوعية في الحرب الأهلية. ومنذ ذلك الحين، تعمل تايوان بحكومة خاصة بها، بينما تصر بكين على أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها، ولم تستبعد يوما استخدام القوة لفرض سيادتها عليها.
وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين وجودها العسكري حول الجزيرة عبر تحركات بحرية وجوية متواصلة، ومناورات تحاكي سيناريوهات قتالية مختلفة.
ويرى خبراء أن بكين قد تكون أكثر ميلا إلى فرض حصار بحري وجوي على تايوان بدلا من شن غزو شامل، نظرا للمخاطر العسكرية والاقتصادية الهائلة التي قد ينطوي عليها هجوم مباشر.



