ضغوط أميركية وانتقادات إسرائيلية مع تصاعد الجدل حول الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

تواجه حكومة الاحتلال ضغوطًا متزايدة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق الخاص بإنهاء الحرب في غزة، وسط اتهامات لنتنياهو بالتهرّب من تنفيذها لدواعٍ سياسية داخلية.
وتطالب أوساط إسرائيلية الحكومة بالتعامل بواقعية بعيدًا عن الشعارات مثل “النصر المطلق”، محذّرة من أن إسرائيل ستظل عالقة دون معالجة القضية الفلسطينية، التي يعتبرها محللون أكبر وأعمق من ملف غزة.
وبحسب مراسل القناة 12 في واشنطن براك رافيد، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم الإعلان قريبًا عن بدء المرحلة الثانية قبل عيد الميلاد، بما يشمل تشكيل هيئة حكم جديدة لإدارة القطاع، باعتبار ذلك إنجازه السياسي الأبرز.
وتشير تحليلات إسرائيلية إلى أن ظِلّ ترامب بات يفرض نفسه على القرار الإسرائيلي في ملفات غزة ولبنان وسوريا.
وتبدي حكومة الاحتلال قلقًا من التوجه الأميركي الذي يشمل دورًا لتركيا وقطر في ترتيبات المرحلة الثانية، إضافة إلى موقع للسلطة الفلسطينية في مستقبل غزة.
وذكرت الإذاعة العبرية أن توني بلير زار نتنياهو سرًا الأسبوع الماضي لدفعه نحو قبول الخطة، وأن الأخير طلب مهلة للرد.
في المقابل، يحاول نتنياهو – وفق تقديرات إسرائيلية – تجنّب الالتزام بالخطة الأميركية رغم مصادقة الأمم المتحدة عليها، خاصة أنها تتضمّن بندًا حساسًا يتعلق بالمسار نحو إقامة دولة فلسطينية.
تصعيد ميداني واستهداف لسوريا ولبنان
ويربط محللون استمرار القصف في غزة ولبنان وسوريا بمحاولة نتنياهو خلق واقع ميداني يعيق الانتقال إلى المرحلة الثانية. وانتقد البروفيسور أيال زيسر من جامعة تل أبيب ما وصفه بـ“الحركات الزائدة” للجيش في سوريا، محذّرًا من احتمال نشوء مقاومة جهادية جديدة قد تجر إسرائيل لجبهة إضافية. كما اعتبر أن إسرائيل تُظهر “قلّة حيلة” في التعامل مع لبنان، وأن عملياتها هناك تفتقر لرؤية استراتيجية واضحة.
وأشار زيسر إلى أن ترامب يمنح إسرائيل ضوءًا أخضر للتحرك في لبنان، في ظل غضبه من عدم استجابة الحكومة اللبنانية لمطالبه بنزع سلاح حزب الله وإجراء إصلاحات، محذّرًا من أن هذا الدعم قد ينقلب سريعًا.
كما دعا زيسر إلى الانخراط في تفاهمات برعاية أميركية مع القيادة السورية الحالية، معتبرًا ذلك أقل ضررًا لإسرائيل من الانزلاق نحو صراع جديد في الجبهة السورية.
اقتراب نفاد الصبر في الجبهة الشمالية
ورأى المحلل العسكري في “يسرائيل هيوم” يوآف ليمور أن إسرائيل تقترب من نقطة فقدان الصبر تجاه لبنان، وأن تسريبات إسرائيلية للإعلام الغربي تهدف إلى تهيئة الرأي العام الدولي لاحتمال عملية برية هناك. وأضاف أن ترامب يدفع نتنياهو للإسراع في تنفيذ المرحلة الثانية بغزة، لكن الأخير يوظف علاقاته مع ترامب لخدمة ملف العفو الشخصي عنه، ما يعدّ “خلطًا خطيرًا” بين مصالحه الخاصة ومصالح الدولة.
واقعية في غزة… وحلّ جذري للقضية الفلسطينية
بدوره، دعا المحاضر في جامعة تل أبيب والجنرال الاحتياط ميخائيل ميليشتاين إلى تبنّي نهج واقعي في غزة، مؤكدًا أنه لا وجود لـ“نصر مطلق”، وأن على إسرائيل التركيز على ثلاث أولويات: الحفاظ على قدرة التدخل العسكري، مراقبة محور صلاح الدين ومعبر رفح بإشراف أميركي، وامتلاك حق النقض على تركيبة حكومة التكنوقراط.
أما المحلل رون بن يشاي فأشار إلى أن ترامب يضغط باتجاه المسار الدبلوماسي، فيما يتمسك نتنياهو بخطاب “الحسم العسكري”، رغم أن الجيش نفسه يهيّئ لمرحلة سياسية موازية للعمليات الميدانية.
ويذهب شيمعون شيفر أبعد من ذلك، معتبرًا أن جوهر الأزمة يكمن في استمرار تجاهل القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن اختبار أي حكومة بعد نتنياهو سيكون “كيفية إزالة الجدران بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وليس مواصلة التمترس خلفها، فكل جدار مصيره السقوط”.



