أخبار عاجلةمنوعات

3 علماء في “المناعة” يحرزون نوبل في الطب

أعلنت جمعية نوبل في معهد كارولينسكا في السويد، أسماء الفائزين بجائزة نوبل للطب لعام 2025، التي ذهبت لثلاثة علماء؛ أميركيان وياباني، وهُم: ماري إي. برانكو من معهد سيستمز بيولوجي في سياتل، وفريد رامسديل من سونوما للعلاجات الحيوية في سان فرانسيسكو، والياباني شيمون ساكاغوتشي من جامعة أوساكا اليابانية.

واكتشف العلماء آلية تحمي الجسم من هجوم جهازه المناعي على نفسه، إذ حدّدوا نوعاً خاصاً من الخلايا يسمى “الخلايا التائية التنظيمية”، التي تعمل كـ”حراس أمن” داخل الجهاز المناعي. مهمتها هي كبح جماح الخلايا المناعية الأخرى ومنعها من مهاجمة أعضاء وأنسجة الجسم السليمة، ما يمنع حدوث أمراض المناعة الذاتية. وتساهم جهود العلماء الثلاثة في فهم آلية تنظيم الجهاز المناعي، وفتح الباب لتطوير علاجات جديدة لأمراض المناعة الذاتية والسرطان وزراعة الأعضاء.

ويُعد الجهاز المناعي سلاحاً ذا حدين، فهو يحمينا من الميكروبات الغازية، لكنّه قد يتحول ضد أنسجتنا الخاصة مسبباً أمراض المناعة الذاتية المدمرة. اعتقد العلماء طويلاً أن الغدة الزعترية وحدها تتولى تدريب الخلايا المناعية على تمييز العدو من الصديق، لكن اكتشافات الفائزين الثلاثة أثبتت وجود نظام رقابة إضافي أكثر تطوراً.

وفي منتصف الثمانينيات، سبح الباحث الياباني شيمون ساكاغوتشي ضد التيار العلمي السائد، إذ لاحظ في تجاربه على الفئران أن إزالة الغدة الزعترية بعد الولادة بثلاثة أيام لا تضعف المناعة كما كان متوقعاً، بل تطلق العنان لجهاز مناعي جامح يهاجم أعضاء الجسم، هذه المفارقة قادته إلى فرضية جريئة مضمونها أنه لا بدّ من وجود “حراس أمن” خلويين يكبحون جماح الخلايا المناعية مفرطة النشاط.

استغرق الأمر أكثر من عقد من البحث الدؤوب قبل أن يتمكن ساكاغوتشي عام 1995 من تحديد هوية هؤلاء الحراس، إذ اكتشف فئة جديدة من الخلايا التائية تحمل على سطحها بروتيني CD4 وCD25، وأطلق عليها “الخلايا التائية التنظيمية”، لكن المجتمع العلمي ظل متشككاً، مطالباً بأدلة جزيئية أقوى.

وجاء الدليل الحاسم من الباحثين الأميركيين ماري برانكو وفريد رامسديل في مطلع الألفية. إذ عمل الثنائي في شركة تكنولوجيا حيوية وركّزا على دراسة سلالة فئران مريضة تسمى “scurfy” ظهرت عرضياً خلال تجارب مشروع مانهاتن النووي في الأربعينيات. كانت هذه الفئران الذكور تعاني من أمراض مناعية ذاتية قاتلة وتموت خلال أسابيع.

بعد سنوات من البحث الشاق في متاهات الحمض النووي، نجحت برانكو ورامسديل عام 2001 في تحديد الجين المسؤول عن المرض، وأطلقا عليه اسم Foxp3. والأهم من ذلك، اكتشفا أن طفرات هذا الجين نفسه تسبب مرضاً نادراً ومميتاً لدى البشر يُعرف باسم IPEX.

سرعان ما تمكّن ساكاغوتشي وباحثون آخرون من ربط الخيوط: أثبتوا أن جين Foxp3 هو المايسترو الذي يقود تطور الخلايا التائية التنظيمية. هذه الخلايا تعمل بوصفها قوة شرطة داخلية، تهدئ الخلايا المناعية المتحمسة وتمنعها من مهاجمة أنسجة الجسم، كما تضمن عودة الجهاز المناعي إلى حالة الهدوء بعد القضاء على الميكروبات الغازية.

فتحت هذه الاكتشافات آفاقاً علاجية واعدة. تبين أن الأورام السرطانية تحيط نفسها بدرع من الخلايا التائية التنظيمية لتفلت من المراقبة المناعية، ما يفسح المجال لتطوير علاجات تعطل هذا الدرع. على الجانب الآخر، يستكشف الباحثون تعزيز هذه الخلايا لعلاج أمراض المناعة الذاتية ومنع رفض الأعضاء المزروعة.

وتجري حالياً تجارب سريرية تختبر حقن المرضى بمادة إنترلوكين-2 لتحفيز الخلايا التنظيمية، أو عزل هذه الخلايا من المريض وإكثارها مخبرياً قبل إعادتها إلى جسمه، وفي بعض الحالات تعديلها وراثياً لتوجيهها نحو أعضاء محددة.

وتؤكد لجنة نوبل أن هذه الاكتشافات “أرست أساساً لمجال بحثي جديد بالكامل وقدمت أعظم فائدة للبشرية”، متوقعة أن تُحدث تقدماً في علاج أمراض كانت مستعصية.

تعرف على الفائزين بجائزة نوبل للطب 2025
ماري إي. برانكو (63 عاماً) حاصلة على الدكتوراه من جامعة برينستون، وتعمل حالياً مديرة برامج أولى في معهد بيولوجيا الأنظمة في سياتل.
فريد رامسديل (65 عاماً) نال الدكتوراه عام 1987 من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، ويشغل منصب مستشار علمي في شركة Sonoma Biotherapeutics بسان فرانسيسكو.
شيمون ساكاغوتشي (74 عاماً) حصل على شهادة الطب 1976 والدكتوراه 1983 من جامعة كيوتو، وهو أستاذ متميّز في مركز أبحاث حدود المناعة بجامعة أوساكا اليابانية.

وفي العام الماضي، ذهبت الجائزة إلى الباحثين الأميركيَين فيكتور أمبروس وجاري روفكون لاكتشافهما الحمض النووي الريبوزي الميكرو ودوره في تنظيم الجينات.

وتفتتح جائزة علم وظائف الأعضاء أو الطب تقليدياً الأسبوع السنوي لإعلانات جوائز نوبل. وفي الأيام التالية، سيجري الكشف عن الفائزين بجوائز الفيزياء، والكيمياء، والآداب، والسلام، والاقتصاد. وسيجري تقديم جوائز نوبل رسمياً في 10 ديسمبر/كانون الأول، الذكرى السنوية لوفاة ألفريد نوبل (1833-1896)، مخترع الديناميت ومؤسّس الجوائز، وتحمل كل جائزة هذا العام قيمة نقدية قدرها 11 مليون كرونة سويدية (1.1 مليون دولار أميركي).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى