أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

إسرائيل كحالة كولونيالية…. حقل “برير” لاستخراج الفوسفات في النقب كمثال

صالح لطفي : باحث ومحلل سياسي

يخوض أهالي النقب عموما وأهالي قرى: الزعرورة، وغزة، والفرعة، وقرى أخرى، تقع في منطقة تعمل المؤسسة الاسرائيلية على مصادرة 27 ألف دونم منها لأغراض اقامة منجم للفوسفات، وسكان هذه المنطقة بين خيارات في غاية الصعوبة والخطورة: خيار الترحيل القسري، وخيار البقاء وتحمل: النتائج الكارثية الصحية، والنفسية، والمعنوية، والبيئية، لهذا المشروع الذي تعلن فيه اسرائيل الدولة والمؤسسة موت الانسان ” الآخر” لصالح الانسان “الاله” العبراني الجديد.

السكان في النقب عموما وفيما يسمى حقل برير، حيث سيقام المنجم يقودون حربهم “الاخيرة على أرضهم” مع: المؤسسة الاسرائيلية: وكبار رجال المال، ومنظمات ومؤسسات صهيونية، مهمتها وفقا للنصوص القانونية تنفيذ القانون في النقب على اصحاب الارض الشرعيين الذين تتهمهم المؤسسة بأنهم “غزاة”، ويرافق هذه المنظومة القاهرة بعض من العملاء الذين لا يتورعون عن أن يكونوا عسس المستعمر يكشفون عورات مجتمعهم ونقاط ضعفه ويعملون على اقناع الناس ان ما يحدث خيرا لهم وان العاقبة لهم ماديا ووجوديا وهؤلاء الرغاليون – نسبة الى ابي رغال- موجودون في كل دورة استعمارية وفي كل مكان في العالم ويعتبرون الخاصرة الضعيفة التي يضرب من خلالها المستعمر أولئك الرافضون الصامدون الثابتون.

في هذه المقالة سأتناول ما يجري على ارض النقب  على اراضي اهالي القرى المذكورة آنفا والتي سمتها  المؤسسة الاسرائيلية حقل برير “שדה בריר” ولا أعلم لماذا أطلقت المؤسسة الاسرائيلية هذه التسمية متجاوزا في هذا التساؤل عقلها الاستعماري الكولونيالي الساعي لسرقة الارض وتهيئتها عبر وسائل قانونية وتجريم أصحابها ابتداء وإقناعهم للعمل فيها انتهاء، كما هو حال الكولونياليات المعاصرة، خاصة تلكم ذات الصلة مع الاستعمارات الامريكية والبريطانية والفرنسية، برسم انها اخر الاستعمارات، متجاوزا الاستعمار الروسي لسوريا والجاري هذه اللحظات، لتعلق الأمر بالسياسات  والعلاقات الدولية وترسيمات القوى الجديدة في عصر ما بعد سايكس بيكو.

حقل برير سياقات الايديولوجيا، السلطة والمال

أهالي النقب اليوم يحاربون على اكثر من صعيد وجهة مع مؤسسة اتخذت قرارها بالتسريع بفرض وجودها على اراضي النقب لأهداف استراتيجية، يضيق المقال بذكرها، لكن من اهمها انها “الارض البديل” وفقا للتصورات والعمق الاستراتيجي للدولة العبرية، يوم تكون الحال غير الحال التي هي عليه اليوم، ولذلك عمدت لإنشاء عدد كبير من اللجان والمؤسسات والقوى الشرطية مهمتها الاساس تشليح الناس من اراضيهم وتحقيق ذلك المتعلق بهدم البيوت ومصادرة الاراضي وقد  تناولت بعضا من هذه المأساة في مقالتي السابقة فإسرائيل تعمل على مصادرة 27 الف دونم من اراضي العشائر  القاطنة في هذه المنطقة لاستخراج الفوسفات ضاربة بعرض الحائط  صحة ووجود ومعيشة وكينونة هذه المجموعة السكانية، فهي في مخططاتها لا تعتبرهم، تتحسب لما سيجري في التجمعات اليهودية القريبة من تلكم الاراضي المصادرة والتي سيقام عليها هذا المنجم، ولا تعتبر مطلقا وجود سكان عرب بدو اقحاح على هذه الارض، فهم بالنسبة للمخطط الاسرائيلي المحمل بأيديولوجيا صهيونية تزعم ان الارض لها ورثتها بصك توراتي، مجموعة من الغزاة وتعاملها معهم وصبرها على وجودهم هو في حقيقته منا وكرما وتفضلا من ” السيد” الصهيوني [ الحاكم في هذه الحالة والعائد الى ارضه التي غاب عنها عدد قرون] ومن ثمَّ فهو إذ يسعى لإقامة هذا المنجم إنما يقدم خدمة – وفقا لعقله الاستعماري-  لأبناء شعبه [ شعب الله المختار القادم من تيه التاريخ] . ففي حين ستمتلئ جيوب الرأسماليين القادمين من خلف البحار، بحكم أنهم يسكنون خارج البلاد، بالأموال، فإن وظائف كثيرة ستتوفر لأبناء الجنوب، حيث قررت حكومات اسرائيل المتعاقبة منذ عام 2002 والى هذه اللحظات تطويره. والتطوير هنا هو تورية مغلظة لعملية التهويد: تهويد المكان عبر حدثنته -من الحداثة المصطنعة- ليكون محطة إعالة وإعاشة لأولئك الذين سيتم جلبهم من وسط البلاد، حيث دولة تل ابيب، ليسكنوا الجنوب الفارغ من البشر خاصة وان تعداد سكان العرب البدو في الجنوب في تصاعد مستمر مما يهدد سلامة المشروع الصهيوني في العشريات الثلاثة القادمة، ان استمرت وتيرة النمو السكاني البدوي على ما هي عليه رغم هبوطها في السنوات الاخيرة، فمسألة إقامة حقل للفوسفات على تلكم الاراضي يتداخل فيها الاقتصاد والمال والسياسة والايديولوجيا ومن يدفع ثمن هذه التقاطعات التي تكاد تكون متناقضة للوهلة الاولى، هم اصحاب الارض انفسهم.

الكايبوي الاسرائيلي

الكايبوي الجامح في الغرب الامريكي يقاربه كايبوي اسرائيلي جامح في الجنوب ففي حين استنقذ الكابوي الارض من البدو الهنود الحمر “المتخلفين” يقوم كابوي اسرائيلي بنفس العملية ولكن باشتقاقات عصرية اكثر تقنية ودبلوماسية وخشونة، وفي كلتا الحالتين يتم تأليه الانسان “الغربي/ الابيض” وتقزيم الانسان “الملون” وهو ما مضت به الليبرالية المتوحشة فقد شهدت ثمانينات القرن الماضي والى هذه اللحظات، بروز المدرسة التاتشرية -الريغنية التي تؤمن بتصنيم الانسان الغربي الابيض وتأليهه كعودة متجددة للحداثة والليبرالية الغربية بسياقاتها الاستعمارية-الاقتصادية الناهبة لخيرات البشر لصالح هذا العنصر، وهذه السياسات بدأت تعود مجددا مع عودة هذا التيار للحكم في الولايات المتحدة- عهد طرامب- ومع وجود نتنياهو كرئيس حكومة ليبرالي يؤمن بالخصخصة وعلاقات المال والاعمال والسياسة والأيديولوجيا ككل للفكرة الصهيونية في مراحل تخلقها الاخيرة فيما وصل اليه كل من جابوتنسكي كحالة للمدرسة العملية الصهيونية التي ربطت قيم تراثية بأخرى حداثية بثالثة ايديولوجية مدعومة بمال قادم من خلف البحار مع ما آل اليه الفكر البينغريوني الذي قارب في  خريف عمره المدرسة الجابوتنسكية بسياقاتها الحداثية الاستراتيجية الاقتصادية، ووفقا لهذا المنطق يكون “الاسرائيلي” إله على هذه الارض على غرار التأله الغربي في السياق التاتشري-الريغني  المعاصر الذي يتغول في قتل الانسان بشتى الاشكال من اجل جني الارباح لفئات محددة وتعزيز الوجود الكولونيالي الجديد بثوبه الما بعد حداثي “النيوليبرالي” المعولم المعروف بوحشيته وعنفه الدموي وقتله للإنسان” الضعيف: الانسان تعبير عن الفرد والمجموعة والامة والشعب.

النقب كحقل استعماري اسرائيلي متجدد

لا يمكننا فصل ما يجري في النقب عما اشرت اليه سابقا من علاقة الصهيونية كأيديولوجيا وسياسة ممثلة بالدولة برأس المال “اليهودي” القادم من خلف البحار، وحربها المستعرة مع اهالي النقب منذ قيامها الى هذه اللحظات عن جملة المتغيرات الجارية  هذه اللحظات في منطقتنا  فنحن امام إعادة تموضع للقوى الدولية-الاستعمارية في المنطقة، وبحكم أنَّ اسرائيل هي افراز طبيعي للكولونيالية العالمية فهي كذلك شريك أساس في اعادة ترسيم خارطة المنطقة وبالتالي فإن قضاياها الداخلية ذات العمقين السياسي-الاقتصادي والايديولوجي-الاستراتيجي ستحسمها بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك وحجم التداعيات المستقبلية ومن هنا سيكون عمل المؤسسة الاسرائيلية في حقل “برير” إنموذجا لتلكم العلاقات التي اشرت اليه آنفا وهو ما استدعى بطبيعة الحال، كقضية فطرية تدافعا مقابلا لتلكم الخطوات الاسرائيلية المقوننة والصادرة عن الحكومة ذاتها، وهو ما يجعل النقب في هذه الايام إنموذجا لاستعمار اسرائيلي للأرض التي استولت عليها بالقوة والقتل والدماء والتشريد بحمايات دولية وعربية عام 1948 وكأن المسألة الاستعمارية “الاسرائيلية ” لمَّا تتوقف بعد، وهو ما يعني أننا أمام حالة جديدة / متجددة من استعمار اسرائيلي  للحيز والمكان .

وبهذه المناسبة ثمة علاقة عضوية بين ما نتحدث عنه في النقب وما يدور على ارض المدينة المقدسة مع فارق طفيف، إذ يتولى كبر الإحالات الاستعمارية في القدس مجموعة من المهووسين دينيا والمدعومين ماليا من الحكومة ومن أطراف مسيحية مسيانية -خلاصية امريكية، تعيد هندسة المكان بسياق حداثي وفقا لمنطق ديني توراتي-مسيحياني، بينما في النقب يتم الاستعمار من خلال إقحام راس المال ودمجه بسياسات حكومية لتحقيق غايات محددة تمس الارض والمكان وتهوده كعنوان اخير لانتصار الصهيونية على القومية العربية والمشروع الفلسطيني. وبهذا المنطق تكون المؤسسة الاسرائيلية وهي تدخل عامها السبعين لمَّا تنهي بعد مسألة وجودها.

كمؤشر للوضعية الكولونيالية التي تتعامل بها المؤسسة الاسرائيلية مع موضوع النقب عموما والقضية التي نحن بصددها خصوصا، فقد تغافلت المؤسسات الحكومية ذات الصلة عن  حجم الكارثة الانسانية والبيئية والصحية والطبيعية التي ستنجم عن عمل منجم الفوسفات في هذه المنطقة، واضعة نصب عينيها ان  إقامة هذا المنجم هو السبيل الامثل للجمع بين ربحين ربح مادي\مالي\اقتصادي يعود الى رؤوس الاموال والحكومة والاسرائيليين، واخر ايديولوجي يتمثل بنزع الارض من أصحابها، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية فلا بأس من ان يموت العشرات او المئات ويمرض بعض الالاف بأمراض مزمنة كالقلب، والرئات من اصحاب الارض الشرعيين تمشيا مع النظرية  المالتوسية- نظرية مالتوس خلاصاتها تقليص عدد السكان، في حالتنا المقصود العرب عموما، بشتى الوسائل بما في ذلك التعقيم القسري والاختياري وحتى الابادة- .

النتائج الكارثية لإقامة المنجم

في تقرير صادر عن مركز ابحاث الكنيست في مايو/ ايار من عام 2013 يؤكد على ان اقامة هذا المنجم على هذه الارض سيؤدي الى نتائج صحية كارثية لسكان المنطقة القريبين من المنجم وفي هذه الحالة سكان المنطقة هم من العرب عموما ومن مدينة عراد. يبلغ تعداد السكان المتضررين مباشرة من هذه المناجم 57 ألف نسمة -انظر جدول رقم “1”

جدول رقم “1”.

السكان المتضررون مباشرة من إقامة مناجم “برير”

التجمع السكاني عدد السكان نوع الضرر الصحي الضرر البيئي
كسيفة 15000 امراض رئوية، امراض قلب مياه عادمة اصطناعية مشبعة بحبيبات مشعة تلحق ضررا كبيرا في البيئة والطبيعة الجغرافية للمنطقة فضلا عن التلوث الارض بتلكم الاشعاعات ” المصدر: دراسة مركز ابحاث الكنيست”
عراد 27000 امراض رئوية، امراض قلب
قرى غزة والزعرورة والفرعة وقرى اخرى 15000 ازعاجات ضخمة بسبب التفجيرات لاستخراج الفوسفات وهو ما سيلحق بهم أذى نفسي وصحي واجتماعي .. استنشاق مباشر لحبيبات مشعة ستؤدي الى امراض سرطانية وارتفاع كبير بنسبة الوفيات وامراض مزمنة كالقلب والرئات..

وكان المركز العربي للتخطيط البديل قد اكد على خطورة الاضرار البيئية والصحية اللاحقة بالسكان مبينا ذلك بخارطة تفصيلية، وجاء في بيان المركز “قرار المجلس القطري للتنظيم والبناء من الأسبوع الماضي بتوسيع مقلع الفوسفات المعرف بـ”حقل برير” يأتي أولا على حساب قريتي غزة والزعرورة غير المعترف بهما، وعلى قسم من أراضي الفرعة…. بالإضافة إلى الأضرار البيئية والصحية الكامنة من المخطط والتي كانت في صلب اعتراض وزارة الصحة وسكان البلدات المجاورة، ولما لهذا القرار من أضرار صحية قد تنجم لسكان المنطقة وفق الورقة التي قدمتها وزارة الصحة والتي أعدّها مختص دولي يحذر من المخاطر الصحية للمواطنين، إلى جانب هذا الادعاء المهم لمعارضة المخطط هنالك جانب لم ينظر إليه وهو أن التوسيع يأتي على أراضي وبيوت قريتي غزة والزعرورة، وهذا يعني اقتلاع هذه القرى لغرض ربحي وهو استخراج الفوسفات ” [ راجع موقع عرب48: توسيع مقلاع استخراج الفوسفات في النقب يهدد قرى عربية ].

كثيرة هي الابحاث الرسمية الصادرة عن مؤسسات حكومية كوزارة الصحة والبيئة ومركز ابحاث الكنيست والعديد من المواقف العلمية المهنية التي اصدرها عدد من الباحثين المختصين اشارت الى العلاقة بين الجسميات المشعة الصادرة عن الفوسفات حين استخراجه واستنشاق الناس القريبين من هذه المناجم وما يتبع ذلك من وفيات بسبب الامراض السرطانية ان كانوا جد قريبين من هذه المناجم او من سيصابون بمراض رئوية مزمنة وامراض قلب، ومع ذلك تصر الحكومة الاسرائيلية على استخراج الفوسفات من هذه المنطقة التي تعج بالمواطنين. علما ان الابحاث المتعلقة بالفوسفات واستخراجه من حقل برير تؤكد انها ضئيلة قياسا لمناجم اخرى وكلها في النقب….  ففي حين تقدر كمية الفوسفات في مناجم بقعات يردن وروتم واور تسيون بمئات ملايين الاطنان، وذلك وفقا لتقديرات المعهد الجيولوجي في اسرائيل والذي يشير الى وجود 200 مليون  طن من الفوسفات في العديد من المناجم، فان الاجمال الكلي المتوقع استخراجه من حقل برير لا يتجاوز 55 مليون طن – انظر جدول رقم 2-، وهو ما يؤكد ان هناك  أيديولوجيا تقاطعت مع المال لتحقيق سياسات تفريغ النقب من اهله وهو ما يدفع نحو الاشارة الى ان المؤسسة الاسرائيلية لا يهمها كثيرا صحة المواطنين ويمكنها أن تضحي بالعديد من مواطني عراد من اجل تحقيق مكسب استراتيجي يتمثل بالسيطرة على 27 الف دونم في الجولة الاولى وفي  ظلال الهجرة المتوقعة او حتى القسرية لآلاف المواطنين البدو من هذا الحقل الذي تصر حكومة نتنياهو على العمل به دون ان يهتز لهم جفن خاصة وان شركة روتم المسيطر الوحيد على صناعة الكيماويات في البلاد وعلى صناعة الفوسفات تخرج البيانات تلو الاخرى زاعمة ان لا علاقة بين استخراج الفوسفات من حقل برير حيث تشرف عليه وبين كافة استنتاجات المعاهد والمراكز الاسرائيلية التي بحثت الموضوع متشبثة  بما طرحه بروفيسور شابيرا القاضية بانه لا توجد علاقة مباشرة بين الاشعاعات الصادرة عن الحبيبات وبين الامراض متجاهلة كافة التحذيرات في تقريره. وهو ما يؤكد ان منطق المال والربح هو الذي يسير هذه الشركة العملاقة وليس الاخلاق والتقارير العلمية المؤكدة لنتائج تواترت تعارض انشاء هذا المنجم.

جدول رقم “2”.

مناجم الفوسفات والكميات المتوقعة فيها

المنجم الكمية المتوقعة بالآلاف الاطنان
بقعان هيردن 560
روتم 589
عرابا 172
نيجف مردخاي 420
اور تسيون 460
سديه برير 55

 

 

تقرير وزارة الصحة الاسرائيلية يناكف راس المال الكولونيالي ويغيب ابناء القرى المهجرة

الى جانب هذا الوضع فقد أكد تقرير صادر عن وزارة الصحة الاسرائيلية بعد بحث مطول وجاد ومهني عام 2011 ان اضرارا صحية وبيئية خطيرة ستلحق بسكان كسيفة وعراد في حالة اقامة هذا المنجم.  وفي عام 2010 كلف مكتب رئيس الحكومة من البروفيسور شابيرا لفحص تداعيات إنشاء منجم في جقل برير وعلى الرغم من ان توصيته تماشت مع سياسات مكتب رئيس الحكومة القاضية بأنشاء المنجم ألا أنه وضع عددا من الشروط تشي بصعوبة الوضع فقد اوصى شابيرا بفحص الحبيبات المشعة الصادرة عن الغبار الفوسفاتي قبيل الشروع بالعمل أي الحفر ومع بدايات الحفر وبعد ستة شهور وبعد سنة وهو ما يعني أنه غير متأكد من نتائجه بحسم انشاء المنجم الى جانب توصيته بالامتناع عن الحفر والتنجيم والتصنيع اثناء حدوث اجواء شاذة في المنطقة وهو ما يعني التحسب – وهذه طبيعة الصحراء- من تغييرات في الجو تلقي بتداعياتها الفورية على السكان. مناكفة التقرير لمكتب رئيس الحكومة يضفي طابعا أخلاقيا على “الكولونيالية الاسرائيلية ” ويجعلها أكثر رحمة وشفقة من مثيلاتها الاوروبية وهو ما ينسجم مع سياسات الدمقرطة وقيم الديموقراطية وكونها دولة يهودية ديموقراطية تجمع بين الحداثة والمعاصرة ويضاف اليها بعد الاخلاق؟

تشييء الانسان في النقب

الملفت في التقريرين انهما لم يتطرقا الى سكان القرى المهددة بالهدم وهو ما يؤكد السياسة العنصرية والمرضية المنتهجة التي تتجاهل سكان هذه الاراضي باعتبار انهم -وفقا لزعمهم-  يسكنون قرى غير معترف بها وبالتالي يصبح الانسان البدوي في النقب في هذه القرى “شفافا” “شيئا ما” لا تراه العين المستعمرة في مقارباتها الاستعمارية بل تراه يده الباطشة ممثلة بالقوى البوليسية والعسكرية والوحدات الخاصة وادوات التهجير والاقتلاع كالجرافات، والمؤسسة الاسرائيلية تستعمل هذه الجرافات وتوابعها للاقتلاع من خلال مناقصات تجريها أي انها تشغل القطاع الخاص في عملية الاقتلاع وهي بذلك تخصخص الاحتلال والاستعمار تماما  كما فعلت مع حواجز الضفة الغربية وتفعل ربيبتها الكبرى أمريكا؟.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى