أخبار رئيسيةالقدس والأقصىتقارير ومقابلاتومضات

عائلة القاق.. فقر ومرض يفاقمهما قرار إسرائيلي بهدم منزلها في سلوان

كـ”وحش مفترس” تضرب المعاناة بأساليبها الغليظة عائلة القاق المقدسية التي تعيش في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، بفعل الفقر والمرض اللذين فاقمهما جريمة سلطات الاحتلال الإسرائيلي بقرارها هدم المنزل الذي يأويها.

قبل 20 يومًا، تسلّمت العائلة الفقيرة والمكلومة قرارًا جائرًا من بلدية الاحتلال يقضي بهدم المنزل الواقع في منطقة عين اللوزة بحي سلوان، حيث تؤوي إحدى الغرف فيه ثلاثة من أبنائها الذين يعانون إعاقات مختلفة.

وقع خبر هدم المنزل كـ”الصاعقة” على عقل المقدسية أسماء قراعين زوجة صاحب المنزل، كونه جاء في وقت بالغ الصعوبة، إذ كانت ترقد إلى جانب ابنتها آلاء على سرير المرض وهي في حالة خطيرة جدًا، من جراء إصابتها بمرض القلب والتوحد (مرض نفسي لازمها منذ الولادة).

تلاطمت الأفكار في ذهن أسماء، فلا متسع للتفكير هنا، سوى الاهتمام بابنتها المريضة التي ترقد في “غرفة الإنعاش” وتتردى حالتها الصحية مع مرور كل ساعة، تقول في حديث معها: “جاء قرار الهدم وأنا في غرفة الإنعاش مع ابنتي، فكانت صدمة كبيرة لم أستطع استيعابها”.

راحت أسماء تصول وتجول بين أروقة المؤسسات الحقوقية وتنادي الضمائر الحية، علّ أحداً منها يسمع صرخات الألم، ليوقف هذا الظلم الذي تتعرض له عائلتها، لكن ما قسّم ظهرها وعائلتها في تلك اللحظات هو وفاة ابنتها آلاء.

بذريعة الإنسانية الواهية، أجلت بلدية الاحتلال قرار هدم المنزل أسبوعين فقط في إثر وفاة آلاء، ولم تلغه بالكامل، بل داست كل قوانين الرحمة التي نصّت عليها الاتفاقيات الدولية تحت أقدامها.

وبعد انتهاء الأسبوعين، أجبرت سلطات الاحتلال العائلة المكونة من 9 أفراد على إخلاء المنزل قسريًا، والبدء في الهدم الذاتي أمس، وكان المستهدف من القرار وفق ما تروي أسماء هي الغرفة التي تأخذ مساحة 40 مترًا من المنزل وتضم أبناءها ذوي الإعاقة، وبالفعل هدم سقف الغرفة.

تكظم أسماء غيظها وتحكي بصوت القهر: “هذه الغرفة هي مصدر الأمان لأطفالي ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحمل بين جدرانها الكثير من الذكريات الجميلة”، تصمت قليلًا وتتعالى على ألمها: “سنبقى ندافع عن حقنا وذكرياتنا الموجودة في البيت وهذه الغرفة تحديدًا”.

وما يزيد القهر وعذابات العائلة حسبما تقول أسماء، هي الأمراض التي اجتمعت على زوجها إياد القاق وجعلته قعيد الفراش، إذ يعاني مرضًا في قدميه يعيق حركته، وأجرى قبل أيام عملية “قلب مفتوح” عدا عن إصابته بمرض السكري و”دسك في الظهر”.

وتحكي أن العائلة تعاني أوضاعًا اقتصادية صعبة جدًا، إذ لا يوجد لها أي معيل، متسائلة وقلبها يعتصر ألمًا: “أين سيكون ملجؤنا إذا هدم منزلنا الذي يحمل كل أحلامنا منذ أكثر من 20 عامًا؟”، تأخذ نفساً عميقاً تبعته تنهيدة وتُجيب بنفسها “لن يكون لنا مأوى سوى الشارع”.

وكانت عائلة القاق بنت منزلها عام 2003، ويتكون من ثلاث غرف ومنافعها، ويقطن فيه الزوج والزوجة ووالدته و6 أبناء.

وتقول: إنها منذ اللحظات الأولى لبناء المنزل وهم يدفعون مخالفات وضرائب مالية باهظة لمحاكم الاحتلال، في سبيل وقف الهدم والحصول على رخصة بناء، رغم تردي الأوضاع الاقتصادية للعائلة.

وتختم حديثها بصرخة وجع من القلب لكل الضمائر الحية بالوقوف إلى جانب العائلة للضغط على الاحتلال بوقف هدم المنزل، خاصة أن غالبية أفراده مرضى، متسائلة: “أين حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التي تتغنى بها دولة الاحتلال والعالم أجمع؟”.

وتعد سياسة “الهدم الذاتي” من أخطر الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسيين، لما لها من آثار نفسية واجتماعية مدمرة، تزيد من مأساتهم وآلامهم، وتحرمهم من عيش حياة كريمة كفلتها لهم المواثيق والقرارات الدولية.

ويتهدد كابوس الهدم والتطهير العرقي ستة أحياء بكاملها في سلوان، بذريعة البناء دون ترخيص، أو إخلاء منازلها قسرًا لصالح الجمعيات الاستيطانية.

وتفرض بلدية الاحتلال شروطًا تعجيزية ومبالغ طائلة تُعيق حصول المقدسيين على تراخيص بناء، وفي حال الموافقة -نادرًا- فإن الإجراءات تمتد لسنوات.

وشهد النصف الأول من العام الجاري 96 جريمة هدم لمنازل ومنشآت في القدس المحتلة، من بينها 31 نُفذت بأيدي أصحابها، وفق مركز معلومات وادي حلوة.

ويلجأ المقدسيون إلى تنفيذ أوامر الهدم بأنفسهم (الهدم الذاتي)، في إثر تهديدهم بفرض غرامات باهظة عليهم، إضافة إلى إجبارهم على دفع أجرة الهدم لطواقم وآليات بلدية الاحتلال وقواته المرافقة لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى