ليبيا تعيد مسار التطبيع لنقطة الصفر.. اعتراف إسرائيلي: الشعوب العربية لا تريدنا
أثارت ردود فعل الشارع العربي عامة والشعب الليبي خاصة على لقاء وزيرة الخارجية الليبية بنظيرها الإسرائيلي في روما، عاصفة من النقاشات المحتدمة في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، وفتحت الباب واسعاً لنقاش جدوى مسار التطبيع مع الدول العربية وحكوماتها الرسمية، في ظل استمرار اعتبار الشعوب العربية لدولة إسرائيل العدو الأول والأخطر للعرب.
رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بجامعة تل أبيب، مايكل ميلشتاين، ، كشف عن حالة القلق التي أظهرتها ردود الفعل الليبية بعد الكشف عن اللقاء السري التطبيعي.
ويرى، في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن ما حصل في ليبيا درس أعمق فيما يتعلق بطبيعة العلاقات الحالية والمستقبلية مع العالم العربي، خاصة مع الجمهور العربي في هذه البلدان.
وبين أن الإطاحة بالوزيرة الليبية المنقوش سبقتها مظاهرات عاصفة في ليبيا، تمّ فيها التعبير عن معارضة قوية للاتصالات مع تل أبيب، بما في ذلك حرق أعلامها، كما جرت العادة في مثل هذه الأحداث.
وعد الباحث الإسرائيلي ذلك “أمراً مثيراً للقلق”؛ لأنه يحدد السقوف التي تتوقعها المؤسسة الإسرائيلية بعلاقاتها مع العالم العربي في عهد اتفاقيات التطبيع.
وأكد أن ما حصل في ليبيا خلال الساعات الأخيرة يعيد للأذهان حالات الاغتراب التي عانى منها الإسرائيليون خلال كأس العالم في قطر، والبرود إلى حدّ العداء الذي يواجهونه وهم يسعون لتطوير العلاقة مع الشارعين المصري والأردني.
وأشار إلى أن ما حدث في ليبيا كشف عن حجم الفجوة بين الدفء الموجود بين النخب على أساس المصالح الاستراتيجية مع تل أبيب، والمشاعر المشحونة التي يحملها الكثيرون في الشارع العربي ضدها، وفق تعبيره.
ونوه الباحث الإسرائيلي إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت في السنوات الأخيرة في العالم العربي كشفت أن قسماً كبيراً من الجماهير العربية ما زالت تعتبر الكيان الإسرائيلي عدواً رئيسياً، بما في ذلك في بلدان بعيدة كالجزائر وتونس.
ويعتقد أن ما حصل في ليبيا يبدّد التقديرات الإسرائيلية بشأن إمكانية إرساء التطبيع مع السعودية بتجاوز العقبات الموجودة على الساحة السياسية الإسرائيلية والأمريكية.
ويرى أنَّ ما حدث في ليبيا إشارة لصناع القرار الإسرائيلي بضرورة العودة لطاولة التخطيط، وإعادة النظر في الافتراضات الاستراتيجية التي تعتمد عليها تحالفاتها الإقليمية.
وتشير المعطيات الإسرائيلية التي تراقب باهتمام تطورات الأحداث الليبية في الساعات الأخيرة أن استمرار التوترات مع الشعب الفلسطيني، خاصة إذا صاحبته مواجهات عنيفة، ومحاولة أحادية الجانب لتشكيل الواقع على الأرض، سيؤدي لتفاقم العداء الأساسي مع الدول العربية، وربما يسبب أزمات حادة في العلاقات معها، وإحباط إمكانية حدوث اختراقات مع دول المنطقة، وعرقلة مسار التطبيع الذي تسعى إليه تل أبيب.
والأحد الماضي، كشف وزير الخارجية الإسرائيلي عن لقاء جمعه في روما بوزيرة الخارجية الليبية لبحث إمكانات التعاون المشترك، من أجل الحفاظ على التراث اليهودي الليبي الذي يشمل ترميم كنس ومقابر يهودية، وفق زعمه.
وزعم أن اللقاء يأتي كخطوة أولى في إقامة علاقات رسمية بين الطرفين، وقال إن حجم ليبيا وموقعها الاستراتيجي، يمنح العلاقات معها أهمية عظيمة وإمكانات هائلة لدولة إسرائيل، وفق تعبيره.
وادعى كوهين أنه ناقش العلاقات التاريخية بين الطرفين، وسبل التعاون والمساعدات الإسرائيلية في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه وغيرها، على حد زعمه.
هذا التصريح أثار عاصفة من الردود الشعبية والحزبية والرسمية في ليبيا، ولاقى رفضاً واستنكاراً واسعاً، فقد طالب نواب وأحزاب ليبية بإقالة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، مؤكدين رفضهم وإدانتهم لهذا اللقاء الذي وصفوه بـ”المشبوه”، ودفع الليبيين إلى الخروج للشارع تعبيراً عن غضبهم ورفضهم لإقامة أي لقاءات أو علاقات مع الكيان الإسرائيلي.
ودفعت المواقف الشعبية والرسمية رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، إلى إقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عن العمل احتياطيا، وإحالتها للتحقيق.