أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودولي

“تكلفة التقاعس”.. ظواهر مناخية متطرفة تهدد الإنسان والاقتصاد

من الصين شرقا إلى الولايات المتحدة غربا، يقع العالم في ظل موجات حارقة من الحر وظواهر الطقس القاسية الكارثية.

وتعود جذور الكوارث التي تتكشف في الوقت الحالي إلى عدة أسباب، بينها التأثير المتزايد لارتفاع درجات الحرارة العالمية، بمقدار حوالي 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل بداية الثورة الصناعية.

وفي مايو/ أيار الماضي، أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة تحذيرا صارخا من أن درجة حرارة الكوكب ستتجاوز العتبة الرئيسية للاحترار العالمي وهي 1.5 درجة مئوية، للمرة الأولى خلال السنوات الخمس المقبلة.

ورأى روبرت واتسون عالم المناخ البريطاني البارز أن استمرار “تقاعس” الحكومات والفشل في الوفاء بالتعهدات المناخية، يدفعا العالم صوب ارتفاع درجة الحرارة بنحو 2.5 درجة مئوية، متجاوزا الهدف المناخي المحدد بدرجة واحدة.

واعتبر في مقابلة مع وكالة الأناضول، أنه مع استمرار البلدان في ضخ غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ستستمر درجة حرارة العالم في الارتفاع.

وأضاف أن السلوك العالمي المتقاعس تجاه التغيرات المناخية “سيؤدي إلى مزيد من الظواهر الجوية المتطرفة، وفي مقدمتها موجات الحر والفيضانات والجفاف وحرائق الغابات”.

وقال إن الوضع سيكون “تماما كما نشهد اليوم في أنحاء أوروبا، وأمريكا الشمالية، وأجزاء أخرى من العالم”.

وشدد العالم البريطاني على ضرورة التوقف عن تزويد الغلاف الجوي بالغازات الدفيئة، وإلا “سيستمر العالم في الازدياد دفئا، مع مزيد من العواقب السلبية على رفاهية الإنسان والطبيعة”.

 أهداف بعيدة المنال

وفقا لواتسون، الذي شغل سابقا مناصب رئيسية في الأمم المتحدة ووكالة ناسا والبيت الأبيض، فإن الحكومات في أنحاء العالم ليست “قريبة حتى من تحقيق أهدافها المناخية”.

وأردف: “قد يكون من الممكن تقنيا الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية، إلا أنني لا أرى شخصيا أن حكومات العالم مستعدة للالتزام بخفض الانبعاثات، أو حتى أصبحت قريبة من تحقيق أهداف اتفاقية باريس”.

وكانت 195 دولة وقعت عام 2015 على اتفاقية باريس لاحتواء الاحتباس الحراري “نهائيا” بما لا يزيد عن 2 درجة مئوية حتى عام 2100، وإذا أمكن 1.5 درجة، مقارنة بتلك المسجلة في عصر ما قبل الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.

وفي هذا السياق، انتقد العالم البريطاني “الإرادة السياسية” اللازمة لخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.

ومؤكدا أن “الحكومات لا تفعل ما هو مطلوب منها في هذا المجال”، طالب البلدان بإدراك حقيقة أن معالجة تغير المناخ من شأنها أن تخدم مصالحها الاقتصادية على أفضل وجه.

وشدد على أن العالم “بحاجة إلى أن تتعاون الحكومات مع القطاع الخاص والشعوب لإجراء التغييرات المطلوبة”، داعيا إلى بذل جهود شاملة لسياسات التخفيف واستراتيجيات التكيف.

كما أشار واتسون أن مزاعم الحكومات بأن الحد من ارتفاع درجات الحرارة يكلف أموالا، أوضح أن تلك الأموال “لا ترتقي لتكلفة التقاعس، التي تعد أكبر بكثير من تكلفة العمل على خفض درجات الحرارة”.

درجات حرارة قياسية

وكان يونيو/ حزيران الماضي، الشهر السادس الأكثر دفئا على الإطلاق في أنحاء العالم، بتسجيل 0.5 درجة مئوية فوق متوسط درجات الحرارة التي سجلت خلال شهور يونيو في الأعوام بين 1991-2020.

وحطم يونيو 2023، الرقم القياسي السابق لدرجات الحرارة التي سجلت في يونيو 2019، حين صنف بأنه أشد شهور يونيو حرارة منذ 140 عاما، وفقا لمرصد “كوبرنيكوس” لتغير المناخ بالاتحاد الأوروبي.

واستمر الطقس الحار في يوليو/ تموز الجاري، مسجلا المزيد من الأرقام القياسية.

وواجه جنوب أوروبا وأجزاء من الولايات المتحدة والصين والمكسيك درجات حرارة شديدة وصلت إلى ما فوق 45 درجة مئوية، ما أدى إلى إطلاق تحذيرات من خطورة درجات بالحرارة وحرائق الغابات.

وبشكل عام، كان متوسط درجات الحرارة على الكوكب، على مدار العشرين يوما الماضية، أعلى من أي رقم قياسي سابق تم تسجيله.

تكلفة باهظة لتقاعس الحكومات

وفقا لتحليل حديث نشرته مبادرة “WWA” المعنية بحالة الطقس العالمية، “كان من المستحيل تسجيل موجات الحر التي حدثت في شهر يوليو في أوروبا وأمريكا الشمالية، لولا تغير المناخ”.

وأظهر التحليل أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري جعلت موجات الحرارة أكثر سخونة مما كانت عليه سابقا.

وشارك في إعداد التحليل 7 باحثين، بينهم علماء من الجامعات ووكالات الأرصاد الجوية في هولندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وحذر التحليل من أن تغير المناخ جعل موجة الحرارة الأوروبية أكثر سخونة بمقدار 2.5 درجة مئوية، وفي أمريكا الشمالية بمقدار 2 درجة مئوية، وفي الصين بمقدار 1 درجة مئوية.

ورجح التحليل أن مثل هذه الأحداث المناخية المتطرفة “ستصبح أكثر تواترا، إذا ارتفعت درجة الحرارة العالمية إلى 2 درجة مئوية، وهو الواقع المحتمل حدوثه في غضون 3 عقود تقريبا، إذا فشل الموقعون على اتفاقية باريس في الوفاء بتعهداتهم بشأن الانبعاثات”.​​​​​​​

 

 

المصدر: الأناضول 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى