أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

تبرعات شعبية لشرائها.. ندرة الأجهزة الطبية شمالي سوريا تضاعف معاناة المنكوبين

وصل أحمد أبو حسان (65 عاما) في الصباح الباكر إلى مدينة إدلب شمال غربي سوريا بهدف الحصول على دور متقدم لالتقاط صورة أشعة على جهاز التصوير الطبقي المحوري في مركز التشخيص المتقدم التابع لمشفى إدلب الوطني.

أبو حسان -الذي يعاني مرض السرطان منذ عدة سنوات- يحتاج بشكل دوري إلى صور أشعة، ولكن ضيق الحال -في الوقت ذاته- يمنعه من الذهاب إلى المستشفيات الخاصة التي توفر الصور.

ويقول أبو حسان إن “أجهزة الطبقي المحوري في المستشفيات المجانية تخدم الأهالي، ولكن لا تتحمل كل هذا الإقبال عليها، والمستشفيات الخاصة تريد عن كل صورة ما يقارب 100 دولار، وهو رقم لا يتحمله معظم الأهالي في الشمال السوري”.

وأضاف أبو حسان أنه “عندما يكون هناك عطل في هذه الأجهزة التي تصور بشكل مجاني، فإنه أحيانا نضطر للبقاء لأيام طويلة، حتى نحصل على دور لتصوير الأشعة”.

يعاني آلاف المدنيين شمال غربي سوريا نقصا كبيرا في المعدات الطبية، خصوصا أجهزة الرنين المغناطيسي، والتصوير الطبقي المحوري، وقد فاقمت تلك المعاناة أزمة الزلزال الذي تسببت في إصابة الآلاف.

سعر يفوق القدرة

ويصل سعر الأشعة الواحدة في بعض المستشفيات الخاصة لأكثر من 100 دولار، وهو ما يفوق قدرة المدنيين المنكوبين بسبب الزلزال.

ومركز التشخيص المتقدم الذي يقدم خدمات الصور الشعاعية مجانا لكل المدنيين هو عبارة عن مركز يتضمن قسما شعاعيا تشخيصيا يحتوي على جهاز تصوير أشعة بسيط، وجهاز بانوراما، وجهاز تصوير طبقي محوري، بالإضافة إلى جهاز “إيكو”.

ويقدم المركز للمرضى خدمة التصوير الشعاعي البسيط والبانوراما والطبقي المحوري والإيكو بشكل مجاني، باستثناء الصور التي تحتاج إلى مواد تباين، فإن المريض يشتري تلك المواد على نفقته الخاصة من الصيدليات المنتشرة في المدينة.

 

تدني المستوى

يقول طبيب الأشعة ومدير المركز الطبي في مركز التشخيص المتقدم في إدلب الدكتور سامر العلوان إنه “نظرا لظروف الحرب، فإن الخدمات عموما تدنى مستواها، ولكن القطاع الطبي كان له النصيب الأكبر، وذلك بسبب غياب التيار الكهربائي وتدمير الأماكن والمراكز الطبية، ونقص المواد والأجهزة الطبية وارتفاع أسعارها وكلف التشغيل الباهظة، ومن تلك الأجهزة جهاز الطبقي المحوري الذي كان شبه نادر منذ 4 سنوات تقريبا”.

وأضاف العلوان أن “عدد أجهزة الطبقي المحوري المتوفرة بالمنطقة لا يتناسب مع عدد السكان. أما جهاز الرنين المغناطيسي فهو نادر الوجود إلى الآن، بل المريض الذي يحتاج هذه الخدمة قد يضطر إلى الانتظار لمدة تزيد على 4 أشهر على الأقل”.

ولفت في حديثه كذلك إلى أن “أجهزة الفلور سكوبي المستخدمة في التصوير الظليل للطرق الصحية غير متوفرة بالمنطقة بتاتا، مما يجبرنا للجوء إلى الأفكار البدائية في التصوير، ومعالجة هذه الحالة وهذا النقص في التجهيزات الطبية ينعكس بدوره سلبا على سير العملية الطبية وعلى حالة المريض الصحية، لأن المريض سينتظر زمنا طويلا نسبيا حتى يحصل على الخدمة”.

ويشير العلوان إلى أنه بالنسبة لخدمة التصوير الطبقي المحوري، في منطقة إدلب المدينة تحديدا التي تحتوي على 600 ألف شخص تقريبا، فإننا سنجد أن الجهاز المجاني الموجود في مركز التشخيص المتقدم يستقبل نحو 70 حالة تصوير طبقي محوري بشكل يومي، مع وجود جهازين آخرين، أحدهما لا يستقبل إلا حالات مشفى الجامعة حصرا والآخر بمشفى إدلب المركزي (المحافظة).

وينبه إلى أن مرضى الأورام أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الانتظار أو الذهاب إلى القطاع الخاص المكلف جدا، إذ إن المسح الشعاعي للمريض على الجهاز الطبقي المحوري يكلف 100 دولار، وهذا المبلغ -وإن كان في نظر كثير من الدول قليلا- إلا أنه في منطقتنا كبير جدا.

وأشار إلى أن مثل هذه الأجهزة يجب أن يوجد بديل لها والحرص الشديد على بقائها لتخدم المرضى، خاصة المرضى الذين لا يملكون تكاليف العلاج بالقطاع الخاص.

 

اقتراحات وتبرعات

واقترح بعض العاملين في مركز التشخيص المتقدم في إدلب ضرورة توفير جهاز أشعة بسيط، إذ إن الجهاز الحالي قديم وإمكاناته قليلة، فلا بد من توفير جهاز جديد.

وبحسب العاملين في المركز الطبي، فإن سعر جهاز الطبقي الواحد الحديث يبلغ 200 ألف دولار، أما الأجهزة القديمة الموجودة شمالي سوريا، فيبلغ سعرها 85 ألف دولار وتحتاج إلى صيانة مستمرة بشكل شهري بتقدير يتراوح بين 1200 و6 آلاف دولار.

وبهدف تأمين جهاز مجاني، بدأت حملة تبرعات شعبية لشراء جهاز طبقي محوري لمستشفيات كفرتخاريم، حيث يسعى القائمون على الحملة لتأمين المبلغ المطلوب الذي يقدر بنحو 85 ألف دولار.

أكد أبو وليد السلمو -وهو عامل في المجال الطبي وقائم على حملة التبرعات الشعبية- أن الحملة التي قاموا بها عند حدوث الزلزال كانت ضرورية، لأن هناك كارثة كبرى وكانت المنطقة تفتقر إلى جهاز الطبقي المحوري.

وأضاف السلمو أنه “عند حدوث الزلزال كانت هناك إصابات كثيرة بحاجة لجهاز طبقي محوري وأشعة، وحدث ارتباك في النقل من حارم وسلقين شمال إدلب من أجل التصوير على جهاز الطبقي المحوري”.

ولفت في حديثه إلى أنهم حاولوا “استغلال الفرصة وكسب تعاطف الناس، وقمنا بحملة شعبية سريعة لجمع ثمن جهاز طبقي محوري لهذه المنطقة، وتأمّن معنا حتى الآن مبلغ جيد، وسوف نشتري الجهاز بهذا المبلغ”.

وحول حاجة الشمال السوري للأجهزة، أوضح السلمو أن “المنطقة بحاجة لمراكز أشعة لكثير من الأشياء الرئيسية في المنطقة، وهي أجهزة تفتيت الحصوات وغسيل كلى نتيجة انتشار المرض بين السكان بنسبة عالية، فضلا عن إصابات الكسور بسبب الزلزال، كما زاد عدد حالات غسيل الكلية أضعافا مضاعفة في ظل قلة مصادر مياه الشرب النظيفة”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى