أخبار رئيسيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةومضات

محللون إسرائيليون: جيشان إسرائيليان يسعيان لتغيير التوازن الاستراتيجي مقابل الفلسطينيين وإيران

اعتبر محللون إسرائيليون في الصحف الصادرة اليوم، الجمعة، أن إسرائيل لا تتجه إلى حسم أي قضية أمنية تواجهها، ليس مقابل الفلسطينيين ولا مقابل إيران وحلفاءها. ورغم ذلك، فإنها تتجه إلى مواجهة في كلتا هاتين الجبهتين، وربما حرب واسعة.

يوجد في إسرائيل جيشان، لا جيش واحد يعملان في موازاة بعضهما. “الأول ذكي، لامع، زيّه مرتب ومكلف. وهذا الجيش منشغل بالاستعداد لحرب لم نشهد مثلها، وثمة شك كبير إذا كانت ستنشب مرة. والجيش الآخر يتعارك يوميا مع الفلسطينيين واليهود في حواجز الضفة. ويتنافس الجيشان على مكانهما في الأجندة الإسرائيلية وعلى الاهتمام بهما وعلى المال. وتوجد نقاط تقاطع بينهما، لكن لا يوجد تطابق مصالح. الجيش الأول يحلق إلى السماء، والآخر يغوص في مستنقع المناطق (المحتلة”، وفقا للمحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع.

وأضاف أن سياسة الحكومة الجديدة، التي يعكف على تشكيلها رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، مع أحزاب اليمين المتطرف، “تهدد بتحويل الجيش الإسرائيلي من جيش إلى ميليشيا، ومن جهاز رسمي إلى جهاز سياسي”.

وبحسب برنياع، فإن الخليل هي “نقطة هامشية جدا في خارطة الجيش الإسرائيلي الآخر، الذي يستعد ضد إيران. ويخرج قوس كبير، أحمر، من إيران إلى سورية ولبنان، ويُغرق غزة واليمن باللون الأحمر، ويصبغ العراق وقطر وحاليا تركيا أيضا باللون الزهري؛ قوس أزرق يخرج من إسرائيل ويصبغ الأردن ومصر والسودان والمغرب والسعودية والإمارات بلون أرجواني. وفي طرف الخارطة الأعلى تظهر أذربيجان والأقاليم الكردية، وهي أماكن هامة للأنشطة العسكرية الإسرائيلية الإقليمية”.

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي يصف المواجهة بين إسرائيل وإيران بأنها “منافسة إقليمية” على كسب تأييد دول المنطقة. وخلال السنة الأخيرة، اتخذت إسرائيل قرارا إستراتيجيا، يتمثل بأن “يستعد الجيش الإسرائيلي لحرب مباشرة، متعددة الجبهات، مع إيران. والمقصود هو تطوير قدرات تسمح للجيش الإسرائيلي باستهداف شديد للبنية التحتية ومواقع الحكم في إيران، وفي موازاة ذلك تسريع تطوير أنظمة دفاعية لصد آلاف الصواريخ التي ستطلق على إسرائيل من سورية ولبنان والعراق وإيران”.

طائرات حربية إسرائيلية خلال مناورة مشتركة مع سلاح الجو الأميركي تحاكي مهاجمة إيران

وشدد على أن “ليس الحسم هو الهدف. الهدف، بالتعبير العسكري الإسرائيلي، هو توازن إستراتيجي مُحسّن. ولن يتم القضاء على البرنامج النووي الإيراني، فلا توجد طريقة لتنفيذ ذلك، لكن واضعي الخطة يأملون باستهداف محفزات النظام بالاستثمار فيه”.

ولفت برنياع إلى أن الولايات المتحدة لا تريد حربا مع إيران. “هذا هو موقف الرئيس الحالي، وهذا سيكون موقف الرئيس القادم، وليس مهما من يكون. أميركا تعبت من الحروب. وفي جميع الأحوال، يدور الحديث عن استعدادات لسنوات طويلة”.

ووصف أقوال نتنياهو أنه عائد إلى مكتب رئيس الحكومة من أجل “منع إيران من القضاء علينا”، بأنها “مبالغة كبيرة وغطرسة بلا رصيد”. وأشار إلى إقامة “الشعبة الإستراتيجية” في الجيش الإسرائيلي، قبل سنتين، ومهمتها الانشغال في مواجهة إيران وحسب. “ولا توجد علاقة بين العمل الجاري في هذه الشعبة وبين الجدول الزمني للحكومة الجديدة. من السابق لأوانه الدخول إلى حالة تأهب”.

 

اليمين في الجيش

تطرق نتنياهو خلال مقابلة بودكاست مع الصحافية الأميركية اليمينية، باري فايس، هذا الأسبوع، إلى رفضه تعيين رئيس حزب الصهيونية الدينية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، وزيرا للأمن، وقال إن “هذا خط أحمر”. وأضاف أن “حقيبة الأمن ليست دفاعا من الصواريخ فقط، وإنما اتخاذ قرار حول سياسة قد تؤدي إلى اشتعال. وأن أحاول الامتناع عن ذلك”.

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن نتنياهو يلمح بذلك إلى أنه سيحافظ على استمرار سياسة حكوماته السابقة، حيث كانت هناك فجوة بين الخطاب المنفلت وبين ارتداعه عن شن عمليات عسكرية يمكن أن تتسع إلى حرب كبرى، في قطاع غزة ولبنان.

إلا أن “الظروف تبدو مختلفة الآن”، وفقا للمحلل العسكري، “ومجرد الحلف الذي أبرمه نتنياهو مع بن غفير وسموتريتش، وموافقته على منحهما حقائب وزارية مركزية ذات تأثير نظري في الكابينيت (الحكومة الأمنية المصغرة)، يرمز إلى أن حكومة نتنياهو المقبلة قد تبدو مختلفة قليلا”.

دار سجال، خلال الأسبوع الحالي، بين بن غفير ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في أعقاب اعتداء جنود الاحتلال في الخليل، يوم الجمعة الماضي، على ناشطين يساريين إسرائيليين حضروا للتضامن مع سكان المدينة الفلسطينيين بعد تعرضهم لاعتداء واسع من جانب المستوطنين، قبل ذلك بأسبوع. وقرر قائد كتيبة سجن أحد الجنود لعشرة أيام، ما أثار غضب بن غفير، فيما طالب كوخافي بعدم إدخال الخلافات السياسية إلى صفوف الجيش، دون التنديد باعتداء الجنود على الناشطين.

وأشار هرئيل إلى أن “تدخل كوخافي جاء متأخرا جدا. ومنذ فترة طويلة تقلل القيادة العليا للجيش تعاملها حيال أخلاقيات القتال في المناطق (المحتلة) وحتى أن ترتدع من ذلك. وميدانيا، تتواصل عملية تدهور بطيء في المعايير والسلوك الفعلي (للجنود الإسرائيليين). ويبدو أنه في هذه المرحلة لم يعد بالإمكان إخراج السياسة (اليمينية) من الجيش الإسرائيلي”.

في هذه الأثناء، وفقا لهرئيل، تفجرت احتجاجات الفلسطينيين والاشتباكات المسلحة مع القوات الإسرائيلية “في وجه هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، منذ آذار/مارس الماضي، بعد سنوات من الغليان البطيء. ونشر الجيش، من دون إنذار واستعدادات، قوات نظامية كبيرة في الضفة وعند خط التماس. وانضمت إليهم لاحقا كتائب كثيرة في قوات الاحتياط، وسيتزايد عددها في السنة المقبلة”.

ولفت المحلل العسكري إلى “التغير الحاصل لدى الجنود. فالانزياح الأيديولوجي نحو اليمين لدى الجمهور والجيش تُرجم بتطرف مواقف في مسائل أخلاقيات القتال. وتضاف إلى ذلك الفجوة في الأفكار وبين الضباط برتبة لواء في سن 50 عاما وقادة الألوية العسكرية أبناء أربعين عاما تقريبا وبين الجنود في سن 18 – 19 عاما. ويعتبر الكثيرون من الجنود أن الضباط الكبار منشغلون بأقوال كبيرة حول الأخلاق ولكنهم معزولون عن الواقع والمصاعب اليومية. وهذا ينطبق بقدر معين على الجمهور أيضا”.

وأضاف أن “المؤشرات على تغير الأجواء السياسية، في أعقاب فوز اليمين في الانتخابات، تم الشعور بها ميدانيا على الفور. والحادثة في الخليل (الاعتداء على الناشطين) كانت تعبير أولي على التحولات المتوقعة لاحقا. وصمت نتنياهو طوال خمسة أيام لا يمكن اعتباره صدفة. وأحد التفسيرات أنه رهينة بأيدي بن غفير، لكن برأيي هو يلمح للقيادة الأمنية بأن يتبنوا خطّه وألا يحاولوا اتباع سياسة مستقلة في المناطق (المحتلة)”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى