أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

الاعتقال الإداري يسلب الحاجة عالية وزوجها المُسن الفرح مرتين

تراود الحاجة عالية صالح الأحلام يوميًا بأن تزف ابنها عريسًا، وتعد الأيام والليالي لذلك اليوم الذي ستخطب له فيه، لكن لم يدر بخلدها أبداً أنها “ستزفه” لسجون الاحتلال التي يقبع فيها قيد الاعتقال الإداري.

ومرت الحاجة عالية في بداية زواجها بالعديد من الصعوبات التي جعلتها تتعلق بأمل أن ترزق بطفل ذكر يسندها في كبرها كحال كل الأمهات.

تقول: “أنجبت محمد بعد سبع فتيات، لم تسعني الدنيا من الفرح، كنتُ أريد للأيام أن تمر بسرعة كي أصل لليوم الذي أزوجه فيه وأرى أحفادي”.

ورغم أنها رُزقت بعد “محمد” بشاب آخر يستعد لتقديم امتحان الثانوية العامة هذا العام، فإن آمالها ظلت معقودة على البكر بين الذكور، كما تقول، “لكن الاحتلال حرمني الفرح مرتيْن، الأولى فرحة تخرج محمد إذ اعتقله بعد إنهائه للفصل الأول في الجامعة لمدة عامين ونصف”.

وبعد أن خرج محمد من المعتقل اضطر للعمل في الداخل الفلسطيني المحتل إذ تأخر في التخرج من الجامعة، ولم تتح له فرصة للعمل في تخصصه الجامعي، “تسلّمنا شهادته في تخصص الأشعة وهو في المعتقل منذ شهر فقط ولم نعش فرحة التخرج”.

أما المرة الثانية التي حرم فيها الاحتلال الحاجة عالية الفرح، فكانت بعد أن ضغطت عليه ليتزوج، وما إن وافق على طلبها ووجدت عروسة فُوجئت بقوات الاحتلال تعتقله في أثناء عودته من عمله في الداخل المحتل لتقتل فرحتها في مهدها.

 

الملف السري

تضيف الحاجة عالية: “اعتقدتُ في البداية أنهم سيعتقلونه شهراً فقط لكونهم لم يحققوا معه أساساً فهو ليس لديه أي نشاط سياسي لكنني تفاجأت باعتقاله ست شهور إدارياً ولم يكتفوا بذلك بل جددوا له ثانية وثالثة وهو الآن قضى شهرين من الاعتقال الإداري الثالث”.

وكعادة تعامل الاحتلال مع المعتقلين إدارياً فإن مدد اعتقالهم تخضع لمزاج محاكم الاحتلال، التي قد تمدد للمعتقل عدة مرات بحجة وجود “ملف سري” لا يُطلعون عليه أحدًا حتى المحامين، ما يجعل توقع الإفراج عن أي معتقل أمرًا ليس بالممكن أبداً.

تتابع عالية: “خطبت بنتي لابنها يحيى مع خاله محمد وهو يرفض حتى الآن أن يقيم حفل زفافه قبل خاله، لقد عكروا فرحتنا وحرمونا من اللحظة التي كنا ننتظرها”.

وتتهم “أم محمد” السلطة الفلسطينية بتقديم تقارير كيدية للاحتلال ضد ابنها، “لكونه بيتنا ومحمد لديه ميول لحركة حماس لكنه لا يرتبط بأي علاقات تنظيمية معهم”.

ولا تتمكن عالية من زيارة “محمد” بانتظام لكونها مريضة بالقلب ولا تحتمل المسافة من جنين إلى سجن النقب، “كما أن الوضع المادي للعائلة سيئ للغاية، لم أكد أصدق أنّ محمدًا بدأ يعمل وسيعينني في مصروف البيت حتى اختطفوه لأمد لا يعلمه إلا الله”.

 

توقع الحرية غير ممكن

والحال ذاته يعانيه والد محمد الحاج راشد صالح الذي لكبر سنه لا يستطيع زيارة ابنه، ما يجعله يشعر بالقلق على حاله رغم طمأنة بناته اللاتي يزرنه بأنه بخير.

ويشعر الحاج راشد بالأسى لأنه تسلم شهادة محمد الجامعية وهو غير موجود، “هذه اللحظة التي انتظرناها طويلاً بعد أن عطّل الاحتلال تخرجه لسنوات، لكن قدر الله أنْ نتسلمها وهو في السجن أيضاً”.

وليس هذا الشيء الوحيد الذي ينغص على الحاج راشد، بل إنّ حرمان الأسرة من الفرح بزفاف محمد الذي اعتقل بعد خطوبته بأيام يثير الحزن والأسى في نفسه.

ويتابع بالقول: “المشكلة أنهم جددوا الاعتقال الإداري له للمرة الثانية، مع الاحتلال لا يمكنك توقع متى يمكن أن ترى ابنك وتفرح به؟ وهل ستكون على قيد الحياة أم لا؟!”.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت الشاب محمد راشد صالح من قرية البقعة قضاء جنين في الرابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي في أثناء عودته من عمله في الداخل المحتل، وحكمت عليه بالاعتقال الإداري لست شهور ثم جددت الاعتقال للمرة الثانية.

وطبقًا لمعطيات نشرها نادي الأسير الفلسطيني في مارس/ آذار الماضي، أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 8700 أمر اعتقال إداري بحق معتقلين فلسطينيين منذ عام 2015.

وشملت تلك الأوامر فئات المجتمع الفلسطيني كافة بما فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، “وساهمت المحاكم الإسرائيلية بشكلٍ مركزي في ترسيخ هذه الجريمة”، وفق النادي.

والاعتقال الإداري يصدر بأوامر عسكرية إسرائيلية لمدة 6 أشهر يمكن تجديده مرات غير محدودة بزعم وجود تهديد أمني، ودون توجيه لائحة اتهام.

والمعتقل الإداري لا يعلم تاريخ الإفراج عنه، وقد يَصدر أمر تجديد اعتقاله قبل أيام قليلة من موعد الإفراج عنه، أو في ذات اليوم المقرر فيه الإفراج عنه، وقد يفرج عنه ويعاد اعتقاله في الليلة ذاتها.

وبدأت سلطات الاحتلال استخدام الاعتقال الإداري، المحظور في القانون الدولي، منذ احتلالها شرقي القدس المحتلة عام 1967.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى