أخبار رئيسية إضافيةمقالاتومضات

وسيزهر الربيع فينا..

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

 

حين تُترجم المشاعر الجياشة إلى شعر مقاوم وأدب لا يساوم، فتنبض الحروف بمعاني الحرية والإباء، عندها سيزهر الربيع. سيزهر الربيع، حتى لو لم يأن أوانه! وقد شهدنا ربيعا استثنائيا قبل عدة أيام، خلال إشهار ديوان فضيلة الشيخ رائد صلاح “الربيع النبوي”، حيث أسفر هذا الديوان عن أربعة وسبعين زهرة، شممنا عبيرها من خلال أبيات شعرية تحاكي قضايانا العقدية والوطنية، تزرع في القلوب حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم واليقين والثقة المطلقة بالله، وتشحذ الهمم العالية في نفوس القراء وتغرس أسس التضحية والثبات على هذه الأرض والدفاع عن مقدساتها. لمسنا هذه المعاني في قصائد شعرية متنوعة، أنشد من خلالها شاعرنا ما يجيش في صدره، وأخرجها لنا أشعارًا تحلق بنا ونسمو معها في عالم روحاني يرفرف في أرجائه حب الله والرسول والاشتياق للقائه، وقد أخترت هذه الأبيات الملائمة لهذا السياق:

كلما أنشدت شوقا للنبي   طرب القلب ونادى يا نبي

يا أحب الخلق عندي يا نبي   أنا أفديك بأمي وأبي

كلما أنشدت حبا للرسول     رفرفت روحي كعصفور جميل

وفي سياق آخر، تطرق شاعرنا السجين إلى معاناته الشخصية مع السجان وجبروته ومحاولة كسره وإحباطه داخل السجن أحيانا، ومساومته على مبادئه وثوابته، فعبر عن ذلك من خلال قصيدة تحت عنوان “هل جننتم؟!” وقد أخترت هذه الأبيات الرائعة:

هل جننتم كي تظنوا       أنني يوما أساوم

عارضا كنز الثوابت      في مزاد كالطماطم

ويحكم ما كنت جرذا      عاش من روث البهائم

أو غريبا في بلادي        عن بلادي يا أعاجم

إنني البحر بعكا           لم أخف أسطول ظالم

وحين أشرق شعاع الأمل مع انطلاقة الحراك الفحماوي الموحد الذي وُلِد من قلب الحدث- لمناهضة غول العنف المستشري في مجتمعنا والحد من فوضى السلاح – حيا شاعرنا الشيخ رائد هذا الحراك الذي يحاكي ضمير كل حر وشريف، في أبيات غاية في دقة الوصف، وكأني به قد تخطى جدران زنزانة العزل الانفرادي وحلّق كالصقر يرقب الأحداث، فرحا بوعي ونضج شباب هذا الحراك الفحماوي وما نتج عنه من حراكات أخرى على مستوى داخلنا الفلسطيني.

حيّوا الحراك شبابا فتية شهبا

قاموا كراما فقام الحق منتصبا

شم الأنوف كبنيان بوحدتهم

ثاروا أسودا ففر الشر مرتعبا

ما ضرهم كيد ظلم مفسد وقح

لن يخلد الظلم فينا لو طغى حقبا

وفي سياق متصل، تحدث شاعرنا عن آفة العنف وجرائم القتل التي تصيب مجتمعنا ككل بمقتل. وفي تساؤل حزين يتوجّه شاعرنا إلى جميع بلدان الداخل الفلسطيني في قصيدة “هل نصحوا”، ومما جاء فيها:

هل نصحو يا أم الفحم كي       نأكل من ذات الصحن

هل نصحو طرعان الخير       ونجفف مستنقع غبن

وكما عهدنا بر شيخنا بأمه وحبه لها إلا أن السجان الظالم قد منعه حتى من التواصل معها عبر الهاتف، وقد عبر شيخنا عن حزنه لذلك من خلال هذه الأبيات:

حرموني أن أنادي طبت أمي

يا روحي ويا قلبي ودمي

ويحهم كم أمعنوا في خنق عيشي

كالضواري أفحشوا في نهش لحمي

حجبوا عني جهاز الاتصال

عبر خط الحب والشوق لأمي

أتمنى لو أقبل كفتيك

علها تمسح عني كل غمي

كما كان لزوجه وأبنائه وأحفاده نصيب من مشاعره الجياشة المليئة بالحب والوفاء. إضافة إلى العديد من القصائد الرائعة التي تبث فينا روح الأمل بأن الله مع الصابرين، وأن الفوز حليف المجتهدين. جزاك الله عنا خير الجزاء يا شيخنا وشاعرنا يا من تجعل من نبض حروفك دواء وبلسما لتطبيب جراحاتنا النازفة. وقد نجحت أن تحلق بنا في ربيع نبوي لطالما اشتقنا إلى نسائمه وإني على يقين أن من استشعر الربيع النبوي حقا سيسكن هذا الربيع في قلبه وروحه ولن يبرحها بل سيزهر هذا الربيع فينا إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى