أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

اغتيال الظواهري.. “حرب على الإرهاب” أم “دعاية انتخابية”؟

أعلنت الولايات المتحدة مساء الأثنين الثاني من آب/ أغسطس، عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عقب استهداف منزله في العاصمة الأفغانية كابول، بطائرة مسيرة.

ويأتي هذا الاغتيال في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عددا من الأزمات، منها ما هو اقتصادي كالتضخم وارتفاع أسعار البنزين والغاز، إضافة إلى عدم رضا شعبي عن موقف واشنطن من حرب أوكرانيا واعتباره ضعيفا.

ومنذ أحداث أيلول/ سبتمبر 2001، أطلقت واشنطن حربا على “الإرهاب”، تعهدت من خلالها بملاحقة القاعدة وقادتها، وسعى الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون بعد الأحداث لاغتيال زعماء المنظمة.

كما أن اغتيال خليفة أسامة بن لادن، قد أتى بعد توقيع واشنطن اتفاقا مع حركة طالبان في الدوحة، وكان من ضمن شروطه عدم احتضان الحركة للقاعدة ولقادتها.

 

الفرصة تحدد التوقيت

ويثير اغتيال أيمن الظواهري تساؤلات حول توقيته وما إذا كان فعلا جزءا من سلسلة حرب واشنطن على الإرهاب، أم إنه كان لأهداف انتخابية، خاصة أن القاعدة لم تقم بهجوم قوي ضد واشنطن منذ فترة طويلة، فهي فقط نشطة في بعض دول شمال أفريقيا واليمن، ومنذ مدة بعيدة لم تهاجم مصالح واشنطن، وفي ذات الوقت بدأت الآن في واشنطن انتخابات حزبية تمهيدية، واقترب موعد الانتخابات النصفية التي ستتم في تشرين ثاني/ نوفمبر، إذ يسعى الديمقراطيون للفوز بها.

ووفقا لمحللين أمريكيين، فإن الاغتيال هو أحد جولات معركة واشنطن مع الإرهاب، حيث إنهم شككوا في أن يكون توقيت الاغتيال مرتبطا بالسياسة الداخلية الأمريكية، أو أن يكون محاولة من بايدن لجذب نظر الناخب الأمريكي.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز، البروفيسور دانيال سيروار، أن “الأمريكيين في ما يخص الحرب على الإرهاب يتصرفون كلما أمكنهم ذلك، وبالتالي فالفرصة للوصول إلى الهدف هي التي تحدد توقيت الاغتيال”.

وشكك سيروار، في أن “يكون الاغتيال تم لأهداف انتخابية”، قائلا: “أنا أشك في أن يكون هناك علاقة بين السياسة الداخلية وتوقيت الاغتيال، فمعظم الأمريكيين لا يعرفون من كان الظواهري، وأعتقد أن وفاته ستكون مجرد لمحة صغيرة في شريط الأخبار”.

وتماهى مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون في واشنطن، ريتشارد ويتز، مع رأي سيروار حول أن “الاغتيال لا علاقة له بالسياسة الأمريكية الداخلية”.

وقال ويتز، “هناك سياسية دائما تتبعها واشنطن لسنوات وهي قتل كبار الإرهابيين، ولا أعتقد أن الاغتيال سيكون له تأثير كبير على القاعدة، فالظواهري لم يكن “قائدا جيدا”.

 

حرب انتقامية

 
وقال رئيس معهد كوينسي، في واشنطن، أندرو باسيفيتش، إن “بعض المراقبين يقولون إن الحرب على الإرهاب انتهت بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، لكن الحقيقة أن الحرب لم تنته، بل سوف تستمر إلى ما لا نهاية، وعلى الرغم من أن هدفها الكبير -بعيدا عن الانتقام- غير واضح، فمن المستبعد أن يحمل قتل قيادي من وقت لآخر، تأثيرا حاسما”.

وحول ما إذا كان الاغتيال يعني أن أمريكا ما زالت نشطة استخباريا في أفغانستان على الرغم من انسحاب قواتها من هناك، قال باسيفيتش، “يذكرنا اغتيال الظواهري بأنه بالنسبة لأجهزة وكيانات الأمن القومي الأمريكية، لا توجد أماكن تعتبرها الولايات المتحدة محظورة عندما يتعلق الأمر باستهداف الخصوم”.

فرصة سانحة

 
وفي السياق، أشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والباحث بالمركز العربي في واشنطن، خليل العناني، إلى أنه “لا توجد دلالة معينة لتوقيت اغتيال الظواهري، فالحرب الأمريكية على الإرهاب خاصة ضد تنظيم القاعدة هي عملية مستمرة ومتواصلة، وهي تعتبر مسألة إجماع داخلي أمريكي، ولذلك فإن اغتيال الظواهري يعد بمثابة انتصار أمريكي ضد التنظيم”.

وحول ما إذا كان هناك أهداف داخلية للاغتيال سواء انتخابية أو لزيادة شعبية بايدن، قال العناني، إنه “ربما هناك علاقة ما بين الاغتيال والسياسة الأمريكية الداخلية، ولكنها علاقة ضعيفة”.

واستدرك بالقول: “ولكن من الواضح أن عملية اغتيال الظواهري جاءت قبل أيام من الذكرى الأولى للانسحاب الأمريكي من أفغانستان والذي تم بشكل فوضوي وأثر بشكل سلبي على صورة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبالتالي فإن هذه العملية قد تحسن جزءاً من صورته ولو قليلا ولكن بشكل مؤقت”.

واستبعد العناني أن “يكون هناك تأثير لاغتيال الظواهري على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس”، موضحا أن “المواطن الأمريكي مشغول أكثر بمشاكله اليومية خاصة أسعار النفط والغذاء والتضخم ومكافحة كورونا”.

وتوقع الأكاديمي أن “يتلاشى تأثير خبر اغتيال الظواهري بعد أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر من النقاش العام الأمريكي حوله، ما لم تقع عمليات انتقامية ضد مصالح الولايات المتحدة رداً على عملية الاغتيال”.

إنقاذ بايدن

وخلافا لرأي المحللين، فإن الباحث المتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية، خالد الترعاني، رأى أن “اغتيال الظواهري مرتبط بالسياسة الداخلية الأمريكية”.

وأوضح الترعاني، أن “الوضع المترهل للرئيس الأمريكي جو بايدن ضمن الحزب الديمقراطي من جهة مع تصاعد الدعوات لعدم ترشيحه لولاية ثانية، ومن جهة أخرى عدم رضا عموم الشعب الأمريكي عنه، كل هذا يؤكد لنا أن اغتيال الظواهري مرتبط بشكل عضوي وأساسي بالسياسة الداخلية الأمريكية”.

وأضاف، “مع اقتراب الانتخابات النصفية، وفي ظل الفشل المتزايد لسياسة بايدن الاقتصادية بسبب التضخم وأسعار المحروقات والتي نعم بدأت تنخفض ولكنها ما زالت أعلى مما كانت عليه سابقا، فإن الحزب الديمقراطي بشكل عام وبايدن بشكل خاص بحاجة لأي إنجاز، ولذلك كان هذا الاغتيال”.

ونبه إلى أن “الاغتيال جاء في ذات الوقت الذي وجهت فيه انتقادات لترامب بسبب تنظيمه مسابقة غولف ممولة سعوديا في مكان قريب جدا من برجي التجارة العالمية اللذين تم تفجيرهما في أحداث أيلول/ سبتمبر”.

وتابع، “لا أقول إن الاغتيال تم لضرب ترامب ولكن التمايز بين الحدثين سيخلق بالتأكيد في ذهن الكثيرين نوعا من التمايز والمقارنة بين الاثنين”.

ورأى الترعاني، أن “الأمريكيين وخاصة المحللين منهم، سينكرون أن الاغتيال له علاقة بالانتخابات لأن ذلك سيظهر أنهم غير صادقين، ومن البديهي جدا أن لا يعترفوا بأن هذا الاغتيال له علاقة بالانتخابات، ولكن الحقيقة الساطعة أن الأمرين مرتبطان ببعضهما البعض”.

وحول حديث سيروار عن أن الشعب الأمريكي لا يعرف الظواهري، قال الترعاني: “نعم قد لا يعرفونه ولكنهم يعرفون ما هي أحداث 11 أيلول/ سبتمبر.. ولذلك فإن هذا الكلام برأيي هو تسطيح للأمور وهو نوع من استغباء الناس”.

اتفاق الدوحة

ويعتبر بند “عدم اعتداء طرف على آخر”، أحد شروط اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان، وبالمقابل كان هناك بند يؤكد على ضرورة عدم احتضان طالبان للقاعدة وغيرها من المنظمات المشابهة.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده بايدن الاثنين أكد أن العملية تمت بعد عمليات ونشاطات استخبارية، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هناك استمرار للعمل الاستخباري لواشنطن في أفغانستان رغم الانسحاب منها.. كذلك، كيف يمكن أن يؤثر هذا الاغتيال على اتفاق الدوحة؟

وقال الزميل في معهد واشنطن ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات، ماثيو ليفيت، إن “تنظيم القاعدة لا يزال يشكل تهديدات إرهابية كبيرة، لذلك فإن هذا العمل لا يزال مهمًا من الناحية العملياتية”.

وتابع ليفيت، “حتى بعد الانسحاب من أفغانستان، فلا تزال الولايات المتحدة تركز على التهديد الإرهابي هناك وتحتفظ بقدرات استخباراتية من النوع الذي يبدو أنه حدد موقع الظواهري”.

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز، دانيال سيروار، أن “الاغتيال يعني أن الولايات المتحدة لديها مصادر وأساليب لا تناقشها، حيث إنه تم تنفيذ هذا الهجوم بدقة بالغة”.

وأكد أن “التفاهمات بين طالبان وواشنطن تجاوزتها الأحداث إلى حد كبير”، لكنه لم يستبعد تعاون طالبان في مقتل الظواهري، معتقدا أنه “لن يحدث توتر بين الجانبين على أثر الاغتيال”.

ومن جانبه، أكد الأكاديمي ريتشارد ويتز، أنه “يجب أن يكون لدى الولايات المتحدة مصادر جيدة في الدولة أو وسائل جيدة لمراقبة البلاد من الفضاء أو على الأرض”.

وحول تأثير الاغتيال على علاقة واشنطن بطالبان، أكد ويتز أن “العملية لن تؤثر على العلاقات بين البلدين، خاصة منذ أن انتهكت طالبان بالفعل التفاهمات من خلال الاستيلاء على السلطة بالقوة، وقمع النساء الأفغانيات، وغيرها من الأفعال”.

ومن جهته، أفاد الترعاني بأن “الولايات المتحدة نشطة استخباراتيا في جميع أنحاء العالم وليس فقط في أفغانستان”، مضيفا أنه “من ضمن الأمور في التفاهم مع طالبان هو أن يكون هناك وجود لنشاطات استخباراتية بل حتى أن يكون هناك تعاون أمني بين واشنطن وطالبان كجزء من اتفاق في الدوحة”.

وأوضح أن “النشاط الاستخباري تمارسه كل الدول ولا تخجل منه، ولكن أن تقوم واشنطن بعملية اغتيال في كابول فإن هذا برأيي قد يكون له تبعات.. فقد يؤدي الاغتيال إلى نوع من التوتر المؤقت بينهما ولكن لا أظن أنه سيطول كثيرا”.

أما الباحث السياسي خليل العناني فقد “جزم قطعا بأن الولايات المتحدة الأمريكية لديها نشاطات استخبارية في أفغانستان”، مضيفا أنه “يبدو أن واشنطن كانت ترصد تحركات الظواهري وعودته لأفغانستان منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي على الأقل، ولكنها انتظرت حتى يتم تجميع أكبر قدر من المعلومات عن تحركاته وعاداته وهو ما ساهم في نجاح العملية، وواضح أن هناك تعاونا استخباراتيا بين أمريكا وباكستان في هذا الصدد”.

وحول التأثير على اتفاق الدوحة بين طالبان وواشنطن، قال العناني: “لن يؤثر كثيراً، فحسب الرؤية الأمريكية فإن طالبان انتهكت البندين الثاني والثالث في الجزء الثاني من اتفاق الدوحة وهما ينصان على عدم استضافة أي شخص أو منظمة تمثل تهديداً للأمن القومي أو المصالح الأمريكية وكذلك عدم تقديم الدعم والعون لها”.

وتابع: “لذلك فإن استضافة طالبان للظواهري تعد انتهاكاً للاتفاق، ولا أعتقد أن حركة طالبان سوف ترد على عملية الاغتيال أكثر من البيان الذي أصدرته وأدانت فيه الغارة الجوية، فالحركة في حاجة ماسة للاعتراف الخارجي خاصة الأمريكي والدولي، كما أنها بحاجة للمساعدات المالية والاقتصادية من أجل القدرة على إدارة شؤون الحكم، بل إنه يمكن الذهاب أبعد من ذلك بالقول إن اغتيال الظواهري قد أراح طالبان من عبء استضافته وحمايته، وبالتالي فإنها تخففت من ذلك في علاقاتها بالعالم الخارجي خاصة أمريكا”.

ومن ناحيته عبر الكاتب والصحفي أحمد موفق زيدان، عن اعتقاد، عن أن “طالبان لن ترد على الاغتيال بأي شكل آخر، غير البيان الذي أصدرته”، متوقعا أن “لا يؤثر الاغتيال على اتفاق الدوحة”، ومعتبرا أن “التصعيد ليس من مصلحة الطرفين”.

وحول تلميحات بعض المراقبين إلى أن طالبان قد تكون ساعدت في الاغتيال ولو على الأقل عبر إبلاغ واشنطن عن مكان الظواهري، فقد استبعد زيدان ذلك قائلا: “من المرجح أنه لم يحدث ذلك”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى