أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرومضات

الزوايا والتكايا في فلسطين شاهد على حضارتها

التكية هي الكلمة التركية المسايرة للخانقاه وللزاوية، و”لذلك فإن البحث عن التكايا في فلسطين يتناول الخوانق والزوايا التي أسسها العثمانيون فيه؛ وأطلق عليها إسم تكايا”، وكذلك الزوايا التي غلب عليها إسم تكايا في العصر العثماني مع أنها أنشئت قبل ذلك العصر.

ويعتقد المستشرق الفرنسي “كلمان هوار” أن كلمة تكية فارسية الأصل بمعنى جلد، ويعيد إلى الأذهان أن شيوخ الزوايا الصوفية كانوا يجعلون جلد الخروف أو غيره من الحيوانات شعارًا لهم. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن العثمانيين كانوا يطلقون كلمة تكايا على ثلاثة أشياء هي: أولًا: مزار أو مقام أحد الأولياء الصالحين. ثانيًا: زاوية أو خانقاه يقيم فيها أحد الدراويش الصوفية. ثالثًا: خان أو نزل لراحة الحجاج والمسافرين.

وكانت هذه المعاني جميعًا مستعملة في فلسطين “لكن المعنى الغالب هو التكية”، أي المكان الذي يقيم فيه الدراويش، حيث يأكلون مجانًا ويقضون أوقاتهم في العبادة وفي الذكر. وفي كثير من الأحيان تحدد معنى التكية في فلسطين بحيث أصبح منشأة لتقديم الوجبات الشعبية المجانية للفقراء والمجاورين، وبخاصة خدمة الأماكن المقدسة، من دون أن تكون لذلك علاقة مباشرة بالدراويش والصوفية.

وتشير الدراسات التاريخية والجغرافية إلى أن عدد التكايا في فلسطين كان كبيرًا. وأشار الرحالة التركي أوليا جلبي الذي زار فلسطين في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي إلى أن القدس كانت تستأثر بتكايا لسبعين طريقة منها الكيلانية والبدوية والسعدية والرفاعية والمولوية. وكانت تلك الطرق منتشرة في الوقت ذاته في المدن الفلسطينية الأخرى مثل نابلس والخليل وغيرهما من مدن فلسطين.

وازداد مجموع المتصوفين والدراويش، وبخاصة في نابلس والخليل والقدس. وابتداءً من القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي وحتى القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي كانت المناطق المجاورة للحرمين في القدس والخليل تعج برجال الطرق الصوفية.

وعلى الرغم من أن أكثر الأماكن التي كان يطلق عليها اسم تكايا أثناء زمن العثمانيين أو خوانق “أسست قبل العصر العثماني لم يمنع ذلك من ازدهار بناء التكايا” إذ شهدت الفترة العثمانية في فلسطين بناء تكايا كثيرة جديدة في القدس وجنين ونابلس وغيرها من مدن فلسطين في الجهات الأربع. ويمكن الإشارة إلى عدد من التكايا التي أنشئت إبان الفترة العثمانية في فلسطين” ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

التكية المولوية: تقع هذه التكية في حارة السعدية في القدس أنشأتها الدولة العثمانية لأتباع طريقة المولوية التي كان بنو عثمان يؤيدونها فانتشرت بسرعة. وبناها خداوند كاريك، وهو قومندان القدس عام 995 هـ الموافق 1586 ميلادية. وكان تعيين شيخ التكية يأتي من الشيخ الأعلى للطريقة في قونية الأناضول.

والتكية، الخانقاه، الزاوية مؤلفة من طبقتين الأولى كانت كنيسة للصليبيين تدعى كنيسة القديس أغنس، وقد حولها الأتراك إلى مسجد ثم بنوا فوقها طبقة ثانية، وبناؤها جميل متواضع له مدخل ضيق وجدران بيضاء. وكانت للتكية أوقاف وأملاك للإنفاق عليها، لكنها اندثرت كلها وتوفي قبل سنوات آخر شيخ من شيوخها، وهو الشيخ عادل المولوي الطرابلسي الأصل.

والطريقة المولوية أسسها جلال الدين الرومي 604 ـ 672هـ / 1207 ـ 1273 ميلادية وهو شاعر فارسي مشهور كان يقيم في بلاد الأناضول. والطريقة المذكورة هي طريقة دراويش. وكانت الطريقة موجودة في القدس قبل العهد العثماني. وكان في التكية المذكورة عدد كبير من أتباع الطريقة المولوية، وكان الواحد يتقاضى 500 أقجه. وزار التكية ووصفها وصفًا دقيقًا الشيخ عبد الغني النابلسي في عام 1101 هجرية 1689م، وهو متصوف مشهور.

تكية خاصكي سلطان: وأنشاتها خاصكي سلطان زوجة السلطان سليم القانوني عام 959 هجرية 1551م. وتقع التكية في مدينة القدس في عقبة التكية المعروفة باسم عقبة المفتي شرق دار الأيتام الإسلامية. وتم وقف أوقاف كبيرة للتكية منتشرة في سناجق القدس وغزة وصفد وصيدا. وأشرف على بناء التكية الأمير بايرام جاويش بن مصطفى الذي أشرف على عمارة سور القدس المعروف في التاريخ. وكانت التكية من أهم العمارات التي أنشأها العثمانيون لمساعدة الفقراء في فلسطين وكذلك مساعدة طلبة العلم في القدس” وظلت حتى الستينيات من القرن العشرين المنصرم تقدم الطعام للفقراء.

تكية فاطمة خاتون: وفاطمة بنت خاتون هي إبنة محمد بيك وحفيدة السلطان قانصوه الغوري آخر سلاطين المماليك وزوجة لالا مصطفى باشا، وهو من رجالات العثمانيين. وبنت فاطمة خاتون جامعًا كبيرًا في مدينة جنين في الضفة الغربية عام 974 هجرية، وحبست عليه أوقافًا كثيرة، كما أقامت تكية إلى جانب الجامع الكبير تقدم من خلالها الطعام والمأوى للأغراب والمسافرين.

وألحق بالتكية حمام وعشرون دكانًا يصرف من ريعها على التكية والجامع ووجوه البر والإحسان. كما وقفت من حصتها من أملاكها في صفد ودمشق وحمص وحماه وحلب. والثابت ان كلًا من تكية خاصكي سلطان وفاطمة خاتون لم تكونا للصوفية والدراويش فحسب” بل تعدتا ذلك لخدمة المحتاجين والمسافرين.

وتشير الدراسات التاريخية إلى أن المؤسسات من زوايا وخوانق ومقامات في فلسطين سابقة للفترة العثمانية بفلسطين واكتسبت اسم تكايا في تلك الفترة أو كان وصف تكية يطلق عليها بين أوصاف أخرى؛ وكان أشهرها تكية سيدنا الخليل وتكية النبي موسى عليه السلام وتكية المغربي التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي في قرية حطين في قضاء مدينة طبريا في منطقة الجليل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى