استهداف معارضي سعيّد: تصاعد الانتهاكات الجسدية للترهيب

بعدما كان استخدام القضاء أبرز الوسائل في يد الرئيس التونسي قيس سعيّد لترسيخ انقلابه ومحاكمة كل من يتجرأ على معارضته، منذ إعلان تدابيره الانقلابية في 25 يوليو/تموز الماضي، يلاحظ في الفترة الأخيرة تصاعد وتيرة الانتهاكات والاعتداءات الجسدية التي تطاول معارضي الانقلاب.
وبدا لافتاً تحوّل حملات التشويه وتأليب الرأي العام التي انتهجها الرئيس التونسي وأنصاره إلى اعتداءات جسدية وانتهاكات تصاعدت وتيرتها، تم توظيف بعض أجهزة الدولة فيها.
وفيما يؤكد معارضو سعيّد أن ذلك يستهدف قمعهم بكل الوسائل بهدف ترهيبهم لفرض سياسة الأمر الواقع، فإن بعضهم يضع ذلك في إطار تكريس نظام استبدادي جديد بات يذكّر بنظام زين العابدين بن علي المخلوع.
اختطاف نور الديني البحيري
وكشفت حركة “النهضة”، أول من أمس الجمعة، أن نائب رئيسها، البرلماني نور الدين البحيري، تعرض للعنف الجسدي أثناء عملية “اختطافه” قبل أن يتم اقتياده إلى جهة غير معلومة.
وجاء في إعلان “النهضة”، أنه تم “تعنيف المحامية سعيّدة العكرمي، زوجة نور الدين البحيري”، كما تم افتكاك هاتفها وتعنيف عدد من الجيران الحاضرين ممن حاولوا التدخل، محذرين من “محاولات قتله” بحسب تصريحاتهم.
واعتبرت الحركة أن هذا دليل على “دخول البلاد في نفق الاستبداد وتصفية الخصوم السياسيين خارج إطار القانون من طرف منظومة الانقلاب”.
وقال عميد المحامين الأسبق، الرئيس السابق لهيئة شهداء الثورة وجرحاها، عبد الرزاق الكيلاني، في ندوة صحافية، يوم الجمعة، عقدتها مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”، إن مصالح الحرس الوطني اقتادت البحيري إلى مكان بمحافظة بنزرت وتم إيواؤه بمكان شبيه بثكنة.
وأفاد الكيلاني بأنه “تم إيداع شكوى لدى وكيل الجمهورية وإعلام رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان”، واصفاً العملية بـ”الاختطاف، وأن تونس اليوم تخضع لقانون الغاب وحكم العصابات والاختطاف، بعد ثورة شهد لها العالم”. وقال الكيلاني إن “مثل هذه الجرائم ستتم متابعتها ولا يسقط جرمها بالتقادم”.
ونقل الكيلاني عن شاهد عيان رفض الكشف عن هويته أن “البحيري رفض الأكل والشرب والخضوع لفحص طبي، باعتباره يعاني من أمراض مزمنة كما سبق له الخضوع إلى أكثر من تدخل جراحي وهو ما يعرض حياته للخطر”.
وفي اليوم نفسه، أعلن الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، عن تعرض شقيقه لاعتداء بالعنف الشديد في ضاحية العاصمة تونس، من دون أن تتضح ملابسات الاعتداء.
وكتب المرزوقي، على صفحته في “فيسبوك”، أنه “تمّ هذا الصباح الاعتداء بالعنف الشديد على شقيقي نجيب المرزوقي، أستاذ فيزياء متقاعد في ضاحية رادس”.
وأضاف: “تمّ سلب جواله الذي استعمل للاتصال بزوجته وإخبارها أنه نقل للمستشفى في حالة خطرة، الشيء الذي أجبر بقية أشقائي على البحث عنه في مستشفيات المدينة من دون نتيجة”.
وأوضح المرزوقي أن شقيقه “تمكن لحسن الحظ من العودة للبيت على الرغم من الرضوض والكدمات التي تعرض لها”.
كما أعلن المناضل اليساري عز الدين الحزقي، المتحدث باسم المضربين عن الطعام رفضاً للانقلاب، أنه تعرض للاعتداء بالعنف من قبل الوحدات الأمنية خلال تحرك 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وشدد على أن تم قمع المحتجين من الشباب والاعتداء على حقهم في الاعتصام والتجمهر والتعبير عن الرأي.
ونقلت صفحة “مواطنون ضد الانقلاب” على “فيسبوك” عن الحزقي قوله، إن “سلطة الانقلاب تستعمل اليوم الأداة الصلبة للدولة المتمثلة في البوليس والعسكر لقمع المعارضة وترهيبهم”، مشدداً على أن “هذا الأمن ليس جمهورياً، لأن دوره هو حماية حقوق المواطنين في التعبير والاحتجاج ضد من انقلب على القانون والدستور والجمهورية وليس العكس”.
ويذكر التونسيون الطريقة التي تم بها توقيف عدد من النواب الملاحقين في قضايا عسكرية، مثل الاعتداء بالعنف على البرلماني ياسين العياري أمام عائلته عند اقتياده للسجن من قبل فرق أمنية بالزي المدني، وكذلك ما تعرض له رئيس كتلة “ائتلاف الكرامة” سيف الدين مخلوف، عند توجهه لتسليم نفسه أمام مقر المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة في العاصمة.
ولطالما اشتكت عائلات البرلمانيين من نواب “الكرامة” من عمليات الترويع التي ترافق المداهمات الليلية التي نفذتها الفرق الأمنية، في محاولة لضبط عدد من النواب على غرار محمد العفاس وعبد اللطيف العلوي.



