أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

المطلوب.. رأس خطاب الثوابت

ساهر غزاوي

لا شك أن حملة التحريض الإسرائيلية الممنهجة التي ازداد سُعارها في الأيام الأخيرة في الفضاء الإعلامي العبري، عبر موجة تصريحات تنضح بالعنصرية المباشرة والمكشوفة على مختلف الصُعد والمستويات السياسية والأكاديمية والإعلامية، تحمل عدة أوجه ودلالات، غير أن المستهدف المباشر فيها هي المواقف الصلبة وخطاب الثوابت الذي يحمل أبعادًا إسلامية وعُروبية وفلسطينية، والذي ما يزال ملازمًا لقضية القدس والمسجد الأقصى المبارك وحاضرًا بقوة في الساحة السياسية والميدانية والإعلامية.

لم تكن أبواق المؤسسة الإسرائيلية التحريضية بحاجة إلى عملية الاشتباك المسلح التي نفذها الشيخ المقدسي؛ فادي أبو شخيدم قرب باب السلسلة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، صباح الأحد الماضي، لتبثّ سمومها التحريضية على عناوين خطاب الثوابت في هذه المرحلة وتدعو لإعادة اعتقالهم وزجهم في السجون الإسرائيلية، كما دعت الوزيرة الإسرائيلية السابقة وعضو الكنيست الحالية، ميري ريغف من حزب الليكود، إلى اعتقال الشيخ كمال خطيب بزعم استمراره بالتحريض العلني والدعوة إلى العنف. لا أبدًا، إنما هي الفرصة المواتية التي وجدت لتقوية أنفاسهم الخبيثة ولتعزيز هيمنتهم الاحتلالية وبسط سيطرتهم على المسجد الأقصى المبارك عبر مشاريع ومخططات لا يرون ظروفًا مُهيئة أفضل من ظروف واقعنا المحلي والإقليمي.

وحتى لا نذهب بعيدًا، فإن التحريض الإسرائيلي الممنهج على عناوين خطاب الثوابت في هذه المرحلة المفصلية التي يعيشها حاضرنا الإسلامي والعربي والفلسطيني، قد تصاعد في الآونة الأخيرة وارتفع منسوبه بشكل ملحوظ وتحديدًا بعد تصريحات د. منصور عباس رئيس القائمة الموحدة، الذراع السياسي للحركة الجنوبية، التي قال فيها للقناة 12 العبرية، إنه يسعى لتثبيت شيء أصبح مبدئيا في المسجد الأقصى وهو: المسجد الأقصى لصلاة المسلمين، وحائط البراق “هكوتل همعرفي” لصلاة اليهود، معترفا بالرواية الصهيونية لهذا المكان الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك.

لذلك، بعد هذا “التصريح المشؤوم” رأينا كيف أن أبواق التحريض الإسرائيلي الممنهج، استهدفت الشيخ كمال خطيب أحد أبرز عناوين خطاب الثوابت في هذه المرحلة، في أكثر من مناسبة، وأيضًا قبل أن تحدث عملية الاشتباك المسلح قرب المسجد الأقصى بأيام وأسابيع. هذه الأبواق التحريضية زعمت أن الشيخ خطيب “يواصل التحريض بشكل علني”. لو سألنا مثلًا؛ ما هو نوع هذا التحريض العلني الذي تقصده الأبواق الممنهجة هذه؟ لما وجدنا غير تأكيد الشيخ كمال في خطابه وتصريحاته على ثابت وحدانية حق المسلمين في المسجد الأقصى المبارك، الذي لم ولن يكون يومًا محل مساومة ولا استرضاء لأي من البشر، كما يصرّح دائما.

في هذا السياق، لا بدّ من الإشارة أيضًا إلى أن أبواق التحريض الإسرائيلي الممنهج، استهدفت عنوانًا آخر من عناوين خطاب الثوابت البارزة في هذه المرحلة، هو فضيلة الشيخ د. عبد الرحيم خليل، أُستهدف بعد أيام قليلة من تصريح منصور المشؤوم، من قِبل القناة السابعة العبرية التابعة لمدرسة يهودية دينية ومتحدثة باسم المستوطنين والمقتحمين للأقصى، التي أبرزت في خبر مقتضب تحت عنوان: (قيادي في الحركة الإسلامية لليهود: لا يوجد لكم أي حق إطلاقا في المسجد الأقصى) تصريح سابق للشيخ عبد الرحيم من إحدى دروسه المسجلة على قناة اليوتيوب الذي يؤكد فيه حق المسلمين الخالص والوحيد في المسجد الأقصى المبارك ولا حق لليهود فيه.

تعالوا لنتوقف قليلًا عند هذا الخبر. ما هو الجديد في تسليط الضوء على تصريح الشيخ عبد الرحيم خليل في هذا التوقيت تحديدًا، خاصة وأنه تصريح سابق وليس جديدًا من جانب، ومن جانب آخر هو موقف واضح كانوا قد سمعوه في الماضي وفي الحاضر وهم على يقين أنهم سيسمعونه أيضًا في المستقبل إلى أن يأذن الله بزوالهم القريب عن القدس والمسجد الأقصى. ما هو الجديد إذن؟ الجديد هو باعتقادي إبراز التمايز والفرق في المواقف والتصريحات بين موقف عناوين خطاب الثوابت التي ترفض قطعيًا الاعتراف لليهود بأية ذرة تراب، وبين عناوين خطاب التنازل الذي يقبل المساومة والمقايضة ويعترف بأحقية اليهود في حائط البراق الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك.

بناء على ما ذُكر، فإن أبواق التحريض الإسرائيلية الممنهجة على مختلف الصُعد والمستويات السياسية والأكاديمية والإعلامية، جنّ جنونها لا سيّما وأن هذا التحريض يتزامن مع الذكرى السادسة لحظر الحركة الإسلامية وإخراجها عن قانونها الإسرائيلي، جنّ جنونها لأنها ظنّت واهمة أن ضرب العمل التنظيمي للحركة الإسلامية وإغلاق جمعياتها ومؤسساتها سيُغير من خطاب الثوابت وخاصة ثابت قضية القدس والأقصى الذي رسخته الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح في وعي وقلوب الناس، ليس على مستوى الشعب الفلسطيني فحسب، بل والأمة العربية والإسلامية. وهذا ما أثبتته الهبّات الشعبية في الداخل والقدس في معركة صراع الإرادات والعزيمة والتحديات والإصرار على الحق الإسلامي الأوحد في المسجد الأقصى بجميع مبانيه وباحاته فوق الأرض أو تحتها ومنطقة حائط البراق جزء لا يتجزأ منه.

ختاما، فإن أبواق التحريض الإسرائيلية الممنهجة تستهدف بشكل مباشر عبر بثّ الأكاذيب والافتراءات، عناوين خطاب الثوابت الذي ما زال ملازمًا لقضية القدس والمسجد الأقصى المبارك ولسائر قضايا شعبنا الفلسطيني، هذه الثوابت التي تؤكد على الرفض القطعي للتفريط في ثوابتهم وتدعو للحفاظ على هويتهم الدينية والوطنية والقومية. ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد، فإن الأدهى والأمر أن هناك من أبناء جلدتنا من بات يعتبر خطاب الثوابت وعناوينه البارزة في هذا الزمان، خطابا صداميا وشعبويا ومجرد شعارات، كما يدّعون، ويطالبون بملاطفة المخرز الإسرائيلي لا بملاطمته، وحتى لو كانت “الملاطفة” تتمثل بالاعتراف لغير المسلمين بجزء من المسجد الأقصى في سوق المقايضة والمساومة على الثوابت والحق الإسلامي الخالص!!.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى