أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الوالدية وضرورات العصر (1): المسؤولية مشتركة بين الوالدين

مارية ماجد محاجنة (جمعية سند لصلاح الأسرة وبناء المجتمع)

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).

وبناء عليه وبادئ ذي بدء علينا أن نتفق أن: مسؤولية التربية والتوجيه مشتركة بين الآباء والأمهات على حد سواء، كما بينت الآية الكريمة في عموم خطابها وتفصيل الحديث الشريف؛ فكلاهما مطالبان بواجب التربية؛ ومن الإجحاف بحق الأم أن نكل إليها أمور التربية لوحدها بجانب وظائفها المختلفة من تنظيم شؤون البيت كونها في غالب الأحيان تكون موظفة أو عاملة خارج البيت؛ كما أنه من الإجحاف في حق الآباء أن نحصر دورهم في تأمين متطلبات الحياة وحصرها في الجانب المالي وكأن وظيفته: بنك مصرفي!

فالآباء يمتلكون قدرات غير تلك التي تمتلكها الأم فلا غنى عن دورهم تجاه أبنائهم، فالأب بدوره يبث أقوى ما يميزه من الصفات كالشجاعة والإقدام وحب التجربة والمغامرة ومنحهم الأمان والثقة مثلا؛ وهذا لا يقل أهمية عن الحنان والرقة واللطف التي من شأن الأم منحها لأبنائها بالإضافة الى أقوى ما يميزها من الصفات الأخرى، فينتج لدينا أبناء أسوياء نتاج عملية تربوية مشتركة ومتبادلة وموضوعة وفق أولويات الزوجين بعيدا عن الندية المقيتة وصراعات الأساليب التربوية واختلافها بينهما مما يسبب حالة من البلبلة والارباك في نفسية الأبناء.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم والدور المساند الذي تتلقاه الأم من والد أبنائها يمنحها الصلاحيات الكاملة في ضبط شؤون الأبناء وتوجيههم في حالة غياب والدهم عن البيت؛ وفي أحيان كثيرة تكفي الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة والثناء الجميل من الزوج لزوجته، بعيدا عن الانتقاص والتقليل من دورها داخل البيت بادعاء أن حمله أثقل من حملها خارج البيت وأنه يصارع تحديات الحياة ليس مثلها “تتسلى” لكفيلة أن ينطلق بها إلى مزيد من العطاء والطاقة تمد بها الأبناء وتغذيهم بأفضل القيم التربوية وأسماها.

ففي زماننا تعقدت العملية التربوية لأسباب عدة منها:

– الانفتاح غير المسبوق على الثقافات الأخرى والمختلفة.

– شيوع الشبهات والفتن التي تعصف بأبنائنا من كل حدب وصوب وانجرار الأبناء نحوها إلا من رحم ربي.

– وكوننا نحيا زمن ضعف العالم الاسلامي والعربي وحالة الهوان والانبطاح والتأخر عن الأمم الأخرى، تكون التربية وتكوين الأفراد السوية التي تحمل الراية وتتابع المسير نحو تقدم الأمة ورفعتها ومجدها وخلودها، هي الورقة الأخيرة المتبقية في جعبتنا؛ لذا لا يجوز التقصير في واجب ورعاية الأبناء فلذات أكبادنا.  أخيرا: (رَبَنَا هَبْ لَنا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرّياتِنَا قُرّةَ أعْيُنْ وَاجعَلْنا للمُتقِينَ إماماً). يتبع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى