أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

استجداءات عجوز رام الله و”رفسة” الغزاله

ساهر غزاوي

من الواضح أن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بقيادة زعيم الحزب اليميني الديني المتشدد، نفتالي بينيت، وهو أشدّ المعارضين لقيام دولة فلسطينية مهما كان شكلها، والذي له تصريحات سابقة قال فيها: “إن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال، لأنه لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا، وإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله”. من الواضح أن هذا الائتلاف الحكومي قد حدّد موقفه من “سلطة أوسلو” التي يقف على رأسها ذاك العجوز القابع في مقاطعة رام الله، الذي بلغ من الكِبر عتيّا وصار في منتصف العقد التاسع من العمر، لكن مشوار حياته الطويل في الحياة السياسية والتفاوض العبثي لم يُكسبه الخبرة والتجربة ليحفظ-على الأقل- ماء وجهه أمام شعبه الفلسطيني بدل أن يستمر بالتوسل للاحتلال ويستجديه لعقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين ضمن مساعيه الرامية لاستئناف المفاوضات. تلك المفاوضات التي لم تحقق للشعب الفلسطيني سوى الخذلان وضياع الأرض وإدخال القضية الفلسطينية في طريق مسدود ونفق مظلم، لا بل حتى إن هذه المفاوضات أدّت إلى تكريس واقع سلطة وهمية وظيفتها حماية الاحتلال، لكن من شَبَّ على شيء شابَ عليه، كيف لا وهو- محمود عباس- يعتبر مهندس اتفاقية أوسلو وكبير الحالمين بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السيادة.

استجداءات وتسول عجوز مقاطعة رام الله لاستئناف المفاوضات قوبل من الطرف الإسرائيلي بسياسة “إدارة الظهر” وقوبل بسلسلة من الإهانات والصفعات لرفض لقائه من غالبية وزراء حكومة الائتلاف، حتى أنهم لا يرون أي سبب لعقد لقاء بين الجانبين في الوقت الحالي، كما جاء على لسان وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لابيد “الوسطي” الذي يؤيد الانفصال عن الفلسطينيين، دون الموافقة على قيام دولة فلسطينية على حدود 1967. وهذا ما يشير بوضوح إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية “متعددة الرؤوس” لا تضع المسألة الفلسطينية ضمن اعتباراتها، عدا الحفاظ على الوضع القائم الذي يضمن تماسك الحكومة، ولن تدخل في مفاوضات تؤدي إلى حل الدولتين أو إلى أي حلول أخرى. لذلك فإن أقصى ما يمكن لهذه الحكومة القيام به سواء بالمفاوضات مع الجانب الفلسطيني مباشرة أو بطريق غير مباشر، هو اللجوء إلى المناورات السياسية بتخفيف الإجراءات الإسرائيلية المشددة المقتصرة على تسهيلات اقتصادية وحياتية.

رغم وضوح الصورة بشكل جلي، لم يتوقف محمود عباس- الذي أمضى حياته مفاوضًا مع الجانب الإسرائيلي ولم يجنِ من وراء ذلك إلا الأوهام والسراب ومضيعة للوقت والحق الفلسطيني- لم يتوقف عن مواصلة الاستجداء والتوسل للقاء وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد (غزاله اللوزي- الترجمة الحرفية للاسم)، كرسالة يعبر فيها أنه على استعداد ليقابل أكثر الشخصيات تطرفًا في الحكومة الإسرائيلية وعلى استعداد أن يلتقي حتى مع من يلغي ويشطب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وعلى استعداد أن يلتقي بمن تعتقد أن “الدولة الفلسطينية أمر خطير بالنسبة لدولة إسرائيل ولن نسمح بالتأكيد بحدوث ذلك” كما تقول شاكيد. فخلال استقباله لوفد من حزب “ميرتس” الصهيوني بمقر المقاطعة في رام الله، طلب عباس من الوفد أن يبلغوا أيليت شاكيد بأنه يريد مقابلتها ناطقا بهذه الكلمات: “لماذا يخافون من الحديث معي؟ فلتأت (شاكيد) ولتقل كل ما تريد وكلي آذان صاغية. أعلم أن لديها آراء متصلبة للغاية، ولكن، حتى لو اتفقنا على 1% فسيكون ذلك بمثابة تقدم”.. استجداء لا حدود له!!

الصفعة المهينة والرفسة القوية التي تلقاها عجوز مقاطعة رام الله على وجهه من الوزيرة شاكيد (غزاله) لم تتأخر ولم تُبيتها حتى لصباح اليوم التالي، فقد جاء الرد سريعا عبر تغريدة على حسابها على “تويتر” كتبت فيها “لن يحدث، لن ألتقي أحد منكري المحرقة -في إشارة إلى محمود عباس- الذي يقاضي جنود الجيش الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ويدفع لقتلة اليهود. ليلة سعيدة” (وأحلام جميلة). غير أن الصفعة الأشد إيلامًا والرفسة الأشد إهانة التي وجهتها شاكيد إلى وجه محمود عباس وإلى وجه كل مفاوض لا يزال يؤمن بأوهام وسراب ما يسمى “عملية السلام” جاءت بعد يومين من “أبو ظبي” خلال زيارتها للإمارات عندما صرّحت في مقابلة مع صحيفة “ذا ناشيونال”: “إسرائيل يمكن أن تتعلم الإدارة الذكية من الإمارات.. والدولة الفلسطينية لن تقام أبدا”!!

إن استمرار عجوز مقاطعة رام الله في محاولات التوسل والتسول والاستجداء من أجل استئناف المفاوضات العبثية بدون أي مقابل وعلى حساب حقوق الشعب الفلسطيني والتي قوبلت بالرفض والصفعات المهينة، هي تأكيد أن أيام السلطة الفلسطينية “سلطة أوسلو” باتت معدودة لأنها تعيش في أحلام عقيمة، إذ وصلت لأقصى درجات الإحباط، الأمر الذي يدفعها للكذب على الشعب الفلسطيني الذي لم يعد لها تأثير كبير عليه، غير أنها لا تمتلك القوة لفرض الوقائع ولا تستطيع تغيير أي شيء، وتتهرب من الأمور الجدية التي تخدم الشعب الفلسطيني، وتلجأ إلى الاحتلال وتقدم له خدمات مجانية عبر استمرار التنسيق الأمني معه لتبقى على قيد الحياة وهذا أسمى أمانيها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى