أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

مكافحة “الشاباك” للعنف.. أصوات إسرائيلية تحذر وعربية ترحب!!

ساهر غزاوي

لم يعد غريبًا ولا مستهجنًا علينا أن نسمع تصريحًا من الدكتور منصور عباس رئيس القائمة الموحدة، الذراع السياسي للحركة الإسلامية الجنوبية، “ميكافيلية” النهج والسلوك السياسي، والمشاركة في ائتلاف حكومي صهيوني بقيادة زعيم الحزب اليميني الديني المتشدد، نفتالي بينيت، يرحب فيه ويدعم بقوة قرار الحكومة الإسرائيلية إشراك جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، في مكافحة “العنف والجريمة” في المناطق العربية بالداخل الفلسطيني، جنبا إلى جنب مع أعضاء عرب آخرين من حزب “ميرتس” الصهيوني وأصوات عربية أخرى، في وقتٍ تعالت فيه أصوات إسرائيلية عدة تحذر فيه من تداعيات مثل هذه الخطوة، لا سيّما وأن جهاز “الشاباك” والجيش الإسرائيلي متورطان باستفحال الجريمة، لا بل إن عصابات الاجرام تحظى بحصانة من “الشاباك” نفسه لأن غالبية رؤوس الاجرام يعملون كمتعاونين معه!! هذا كله إلى جانب حقيقة أن حوالي 90% من السلاح المنتشر في مجتمعنا العربي مصدره عمليات تهريب من الجيش الاسرائيلي، والحديث يدور عن مئات آلاف قطع السلاح، بحسب تقارير إسرائيلية رسمية. وزيادة على ذلك، فإنه حتى رئيس جهاز الأمن العام، ناداف أرغمان يعارض مثل هذه الخطوة، لذلك تسعى أجهزة إنفاذ القانون إلى بحث الموضوع مع رئيس الجهاز القادم والذي سيبدأ عمله في شهر تشرين أول الحالي. وفق ما أورته صحيفة “هآرتس”.

لنتعرف على بعض هذه التحذيرات الإسرائيلية من تداعيات مثل هذه الخطوة، مهم جدًا أن نقف عند تحذيرات بروفيسور إسرائيلي، يدعى بوعز سنجيرو، وهو مؤسس موقع “مراقبة جهاز القضاء الجنائي”، في مقال له بصحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية عن تداعيات إشراك “الشاباك”، في مكافحة “العنف والجريمة” في المناطق العربية بالداخل الفلسطيني، حيث أكد أن هذه “فكرة سيئة جدا”، لأسباب مهمة عدّ منها ثمانية وأهم ما جاء فيها أنه شدّد على الفصل بين التصدي للعمليات بواسطة الشاباك وبين التصدي للجريمة بواسطة الشرطة، وهو أمر ضروري ومحظور طمسه، بحسبه، وقال: “نحن لا نريد أن نودع لدى الشاباك مسؤولية التحقيق في الجريمة، الأمر الذي من المتوقع أن يصل لكل بيت في إسرائيل، وهذا سيحطم حقوق الإسرائيلي، بل إنه سيصرف الجهاز الأمني عن مهمته الضرورية.. ومن غير المعقول تعريف نشاط الشاباك، بحيث يتجه لأقلية معينة (فلسطينيو الداخل/ الكاتب)، فهذا أمر شاذ من ناحية أخلاقية، قانونية ودستورية وديمقراطية أيضًا، وفي وقت قريب من مثل هذا النشاط، من المتوقع أن ينتشر لكل بيت في إسرائيل، فدوما سيوجد نوع آخر من الجريمة، سيرغبون بأن يعلنوا ضده الحرب”.

ومهم أيضًا أن نقف عند أقوال المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، الذي أكّد فيها أن التعامل مع مخالفات جنائية وبضمنها الجريمة والسلاح غير القانوني في المجتمع العربي ليس ضمن الصلاحيات التي يمنحها القانون لجهاز الأمن العام “الشاباك”. وقال: “الشاباك سيعمل ضد مخالفات أمنية فقط بموجب قانون الإرهاب، مثلما عمل خلال عملية “حارس الأسوار” العسكرية بين السكان المدنيين” في إشارة إلى الهبة في القدس المحتلة والمدن المختلطة، في أيار/مايو الماضي.

وهذا المحامي أفيغدور فيلدمان، يضم صوته إلى هذه الأصوات ويكتب مقالا في صحيفة “هآرتس” بعنوان (الشاباك سيتعامل مع الجريمة في المجتمع العربي، لو لم يكن حزينا لكان الأمر مضحكا). فبعد أن أبدى استغرابه من بعض الأصوات العربية التي ترحب بإشراك “الشاباك”، في مكافحة “العنف والجريمة” بالمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، ردّ على هذه الأصوات بالقول: “دع جهاز الأمن العام يعتني بهذا” لا ينبغي استدعاء جهاز “الشاباك” لأنه بجميع أذرعه موجود بالفعل بكثافة حتى يومنا هذا بين السكان العرب. ومنذ الغاء الحكم العسكري في العام 1966 والمجتمع العربي لم يفلت من قبضة جهاز الأمن العام “الشاباك”، ففي تلك الأيام وبدرجة أقل اليوم، يسيطر الجهاز على السكان العرب كما تسيطر أي شرطة سرية على الناس قبل الأقمار الصناعية والبرامج المتطورة من خلال شبكة كثيفة من المخبرين والمتعاونين. و”الشاباك” هو المسؤول على كل تعينات المسؤولين في كل القطاعات وكان يعمل في وزارة التربية والتعليم، في قسم تعليم “الأقليات”، ممثلًا دائمًا لجهاز الأمن العام، وبدون موافقته لم يكن من الممكن تعيين مدير أو مدرس في مدرسة عربية. فلماذا لم توجه هذه الإمكانيات لصالح تقليص جرائم القتل في المجتمع العربي طوال هذه الفترة؟”.

أمام كل هذه التحذيرات الإسرائيلية من مختلف المستويات من هذه الخطوة وحتى من رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك”، ناداف أرغمان نفسه، لتداعياتها السلبية على الكيان الإسرائيلي وعلى أمن المواطن اليهودي قبل أي شيء كما بيّنا آنفا، وأمام اعتراف قيادات في الشرطة الإسرائيلية بأن “الشاباك” يحمي عصابات الاجرام!! لنا أن نتساءل: ماذا وراء الترحيب الكبير لبعض الأصوات العربية بإدخال “الشاباك” لبلداتنا العربية، بذريعة مكافحة الجريمة، علما أن المتهم بالجريمة مستحيل أن يقضي عليها؟ وما هي المخططات والأجندات التي ستمرر عبر بوابة ادخال “الشاباك” والجيش لبلداتنا العربية بزعم مكافحة الجريمة؟ نتساءل لأن من الحزم في السياسة سوء الظن بالناس، فكيف يكون التعامل مع مؤسسة اعتبرتنا غرباء في أرضنا وبيوتنا ولم تتغير سياستها العنصرية التمييزية تجاهنا منذ أكثر من 70 سنة ولن تتغير؟ وكيف نحسن الظن بمن أصبح لديهم مبدأ “الميكافيلية” (الغاية تبرر الوسيلة) قاعدة ينطلق منها فكرهم ونهجهم وسلوكهم السياسي وليس حالة استثنائية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى