أخبار عاجلةمقالاتومضات

تجارة الغزاة بحقوق المرأة

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

كما هو متعارف عليه تاريخيًا وعبر الأزمان، أن الأسباب وراء غزو البلاد المستعمرة للبلاد الأخرى، تتمحور في أسباب اقتصادية (السيطرة على خيرات ومقدرات الدول الضعيفة المُستَعمرة) أو سببا جغرافيا للسيطرة على مساحات حيوية من أرض تلك البلاد، أو سببا عسكريا ودعما لإحدى التحالفات العسكرية المشتركة، لكن أن تَدَّعي الدولة المُستَعمِرة أن سبب غزوها واستعمارها لدولة ما، هو حقوق المرأة المهضومة المنتهكة، كما ادّعى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، حينما قال في خطابه بعد عمليات الإنزال الأمريكي: اليوم باتت نساء أفغانستان أحرارا!

وقد تناولت العديد من الدراسات كيف ساهمت شعارات حقوق المرأة في تبرير مشاريع الهيمنة والسيطرة والاحتلال، فكانت مسألة حقوق النساء في الجبهة الأمامية لغزو أفغانستان، ومكونا رئيسيا في احتلال العراق، وهذا ما أكدت عليه لورا بوش من خلال دورها البارز في الحملة الدعائية لغزو أفغانستان تحت عنوان حقوق النساء الأفغانيات، حيث قالت في خطاب لها: إن الحرب ضد الإرهاب هي أيضا من أجل كرامة وحقوق المرأة، ويبدو أن اسطوانة حقوق المرأة نالت رواجا عند الغرب الذي يتبنى الفكرة النمطية عن الإسلام، وأنه مجحف بحق المرأة ويأكل حقوقها كما نالت هذه الاسطوانة كذلك رواجا عند المتأسلمين ممن ترّبوا على عيني مفكرين الغرب والماسونية، وأصبحوا أبواقا تهتف بما يتماشى مع إستراتيجية الغرب دون أن يفكروا أو يُراجعوا معلوماتهم الدينية البسيطة، التي تثبت مدى الإنصاف والتقدير الذي حازت عليه المرأة المسلمة في شريعتنا الإسلامية، لكنهم أبوا إلا أن يكونوا أدوات لطعن الإسلام من خلال بث الشبهات حوله. وقد وجدوا الفرصة مواتية لهم بعد هزيمة أمريكا عسكريا ونزوحها عن أفغانستان، فأصبحوا يروّجون التقارير الكاذبة عن موقف طالبان من المرأة الأفغانية وأن الحرية التي استطاعت المرأة الأفغانية الحصول عليها إبان حكم الأمريكان لا بد أنها ستخسرها مجددا، وذلك عبر تقارير نشرتها “السي آي إيه” بشأن تخوفها على مصير المرأة الأفغانية وحقوقها!! وكأنها (أميركا) هي المنقذ والمخلص الذي يريد تحرر المرأة الأفغانية، وخروجها للعمل والتعليم في الجامعات، والتخلص من سطوة الرجل واضطهاده الذكوري.  وهذه الإستراتيجية (المطالبة بحقوق المرأة المسلمة) ما هي إلا خدعة طالما استعملها الاستعمار البريطاني والفرنسي والأمريكي ضد المسلمين، لتبرير الحرب والسيطرة على بلاد المسلمين!! وهم بذات الوقت يُرغِمون المسلمات في الغرب على خلع الحجاب، فها هي فرنسا التي تدّعي أنها بلد الحريات تسنّ قانونا يمنع المرأة من الذهاب إلى المدرسة أو الخروج للعمل إذا لم تحترم قوانين اللباس لديهم، وإلا سينتهي بها الأمر إلى الاعتقال!! فعن أية حرية تتحدثون؟!! وعن أية سطوة وتحكم بالمرأة تعيبون علينا؟! أوليست الحرية أن تقرر المرأة حسب مفهومكم ما تريد أن تلبس إذا كانت هي من قررت من دون ضغط أو إجبار؟! أم أن الحرية لديكم تعني فقط العري والفجور؟! وما هذا التناقض في مفهوم الحرية والازدواجية بالمعايير؟!                                           وحتى أثبت لكم صدق كلامي فإنني أضع بين أيديكم بعض المعطيات التي تظهر مدى الإجحاف الواقع بحق المرأة في الغرب وفي كل المجالات، فعلى سبيل الحصر لا القصر:

  1. إن راتب المرأة في الغرب حتى يومنا هذا، أقل بكثير من راتب الرجل، حتى لو حصلت على أعلى الشهادات، فأي إجحاف هذا وهدر لحقوق المرأة.
  2. نسبة 79% من النساء في أمريكا تتعرض للضرب من قبل أزواجهن أو أصحابهن الذين يعيشون معهن خارج إطار الزواج.
  3. %84 من 1500 ممرضة بولندية تتعرض للتحرش الجنسي من قبل الأطباء والمرضى في بولندا.
  4. حتى سنة 1804 كان يحق للزوج في بريطانيا بيع زوجته بشرط أن لا يقل ثمنها عن شلن (وفق القانون العرفي السائد آنذاك أي لم يُسن بدستور).

هذه بعض البعض من الانتهاكات التي تمارس ضد المرأة الغربية، وبعدها يأتي علينا الغرب الاستعماري ليتاجر بحقوق المرأة المسلمة المسلوبة!! ونسي ذلك الغرب أنه تعلم من الإسلام كيفية التعامل مع المرأة وتقديرها بعد أن خالط مفكروه وعلماؤه الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، كما ذكر ذلك المؤرخ والفيلسوف غوستاف لوبون حيث قال: إن الإسلام حسّن حال المرأة كثيرا، وأنه أول دين رفع شأنها، وإن المرأة في الشرق أكثر احتراما وثقافة وسعادة منها في أوروبا على العموم تقريبا. إذن فلا داعي لمزاوداتكم أيها الغربيون على المرأة الأفغانية المسلمة والادّعاء أنكم تريدون دعمها ومصلحتها وتحصيل حقوقها المستباحة وتخوفكم من حكومة طالبان الإسلامية!! فإن كان ما تدّعونه صحيحا فأين أنتم من اغتصاب النساء وسحلهن في الشوارع في كشمير؟! أين أنتم مما يحدث للنساء الحرائر في سوريا ومصر؟! أين أنتم مما تعانيه الأسيرات في السجون الإسرائيلية والسورية والمصرية و…..؟! أين أنتم من ملاحقة المرابطات في المسجد الأقصى وإبعادهن لمدة أشهر ومنعهن من القيام بالتعبد والصلاة في مسجدنا الأقصى؟! أم أن هؤلاء النسوة لا بواكي لهن لأنهن يمثلن المرأة المسلمة التي تعتز بدينها وحجابها وتريد تحرير وطنها! وأخيرا وليس آخرا نقول، خسرت تجارتكم أيها الغزاة وخابت مساعيكم الضالة المضلة، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام إن ابتغينا عزا بغيره أذلّنا الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى