أخبار عاجلةمقالاتومضات

هل مدح الطفل له مردود سلبي؟

سندس نعيم- مستشارة تربوية وموجهة مجموعات لشباب في ضائقة

أنت بطل، أنت شجاع، أنت مميز، أنت أشطر طفل، أنت أجمل وأروع طفل بكل العالم.

عبارات يُسمعها الكبار للصغار، لتغرس في عقولهم، فينمو حب الذات، حب التسلط، القوة والجبروت، فيترعرع أطفال مع قدرات عالية وهمم منخفضة، يجتهد الآباء، ولكن الحصاد أبناء مع تقدير ذاتي منخفض، وثقه في النفس ضعيفة، لا نتوقف عن المحاولة لكن وبين ثنايا الأيام نشعر بأن جزء من بوصلتنا قد فقدناه.

بدايةً المدح والثناء من الأمور التي تُسَر بها النفوس غالبًا، وتحفزها على زيادة العطاء والمحافظة عليه، فيحتاجه الأب في بيته، والمربي مع طلابه، والمدير مع زملائه ومن يعمل في شركات ومؤسسات وحتى أي مجموعة كانت، فيُثني على من يستحق الثناء، ويُشيد بعمله تحفيزًا له على زيادة العطاء والاستمرار فيه، وحثًّا لغيره لينافسه في البذل وحسن العمل، ولذا تجد البعض يفتُر بعد جد ونشاط، وإذا بحثت عن سبب هذا الفتور وجدت السبب عدم تقدير هذا الجهد.

فكيف ذلك في عالم الاطفال؟؟

الطفل ينجح في إتمام المهمة خلال اللعب أو أي نشاط آخر على أكمل وجهة، يفوز، يكون الأسرع والعديد العديد من الاحتمالات، نفرح لهذه الانجازات ويبدأ البالغ إن كان كلا الوالدين أو من المقربين بالمديح المطول للطفل، أبدعت، بطل وكل ما ذكرنا سابقا، وغيرها مما لم نذكر في سياق الحديث.

إن هذه العبارات هي أقسى ما تكون على أطفالنا، لأننا بذلك نسلط الضوء على المنتوج الأخير، ننظر فقط للقشور، عند مدح الطفل على النجاح أو القوة أو أي مدح كان نحن نهمش سيرورة العمل، المجهود الذي بذله الطفل، المحاولات العديدة خلال النشاط أو اللعب، التخطيط، حتى دقة الملاحظة إذا كان يتميز بهذه الصفة أو أي صفة إيجابية يتحلى بها الطفل، فبدورنا كأشخاص بالغين ندعم ونواكب اللحظات مع الأطفال أن نسلط الضوء على المجهود الذي بذله الطفل خلال العمل، اللعب، الرسم أو أي نشاط قام به، أن نركز على الأعمال والأفعال التي يقوم بها خلال النشاط ويكون المدح موجها للمجهود الذي بذله الطفل، سيرورة العمل، التخطيط، علامات الفرح والبهجة التي تبدو عليه أو أي صفة إيجابية كما تحدثنا سابقا، كنت مميزا خلال النشاط، أن نوجه المدح للطفل نفسه مما يساعد على علو الهمة، المبادرة في المرات القادمة، والمحاولة وزيادة التقدير الذاتي والثقة بالنفس لدى الطفل مما يزيد الدافعية لديه للاستمرار بالنشاطات.

مثال على ذلك: طفل يلعب بالأسطوانات وعليه أن يرتبها من الأكبر للأصغر، مهمتي للطفل أن أتحدث اليه بصوت عال وعلى مسمعه وأقول له: أنا أرى أنك تحاول مرات عديدة، أنت طفل لا تتراجع بسهوله، تحاول وتحاول مرات كثيرة في ترتيب الأسطوانات، أرى أنك ترتب الأسطوانات بطرق مختلفة، لديك الكثير من الاحتمالات والطرق للترتيب النهائي، والعديد من الجمل في هذا السياق. ولا بأس أن نرافقها بأنك بطل وشجاع، ولكن لا يقتصر التعبير عن السعادة بهذه العبارات فقط.

مهم جدا أن نبدأ الحديث مع الطفل في: “أنا أرى أنك، لاحظت أنك، لفت نظري”، هذه الجمل تشعر الطفل بأن الشخص البالغ وبالذات الوالدين معه، كلهما آذان صاغية لمشاعره وأفعاله بصرهما معه في عالمه الخاص، وأنه محور اهتمامهما، مما أثبتت الأبحاث أن صيغة الحديث هذه تعزز الثقة بالنفس والتقدير الذاتي لدى الأطفال.

على العكس من المدح التقليدي الذي يرتكز فقط لا غير على: “أنك بطل، شجاع، ذكي جدا…”. العديد من الأبحاث أثبتت أن هذا النوع من هذا المدح يعود بمردود سلبي على نفسية الطفل، ففي كثير من الأحيان يخفق الطفل ويفشل أو تكون النتيجة النهائية غير مرضية فيشعر الطفل أنه غير قادر ولا يستطيع، ونبدأ نرى علامات قلة الثقة بالنفس متزعزعة وغير متينة، يقلل من المحاولة وروح المبادرة ويشعر أن كل ما مدحوه فيه غير حقيقي، فتطغى على تفكيره الصفات السلبية، فلا يؤمن بنفسه ولا في قدراته والتقدير الذاتي يبدأ في الانخفاض.

وصايا للوالدين:

– أم توماس أيدسون آمنت بقدراته رغم أنهم طردوه من المدرسة وأصبح أكبر مخترع.

– اللعب له دور كبير في التواصل بين الطفل والأهل.

– للعب دور في اكتساب استقلالية الذات عند الطفل.

– اجعلي نصف ساعة أسبوعية للعب الحر مع الطفل، ويكون هو القائد للعب، يختار ما يحب ويرغب من دون قوانين، نسمح لخياله، مردود هذا ثقة في النفس، تقدير ذاتي عال جدا، الشعور بكيانه والاستقلال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى