أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

رسالة للمستقبل

أسماء علي كريم

لو رغبت الأم أن تكتب رسالة لأطفالها تدّخرها لهم عندما يكبرون فماذا تكتب!؟ سؤال يلح على خاطري ويشد من أواصر قلمي ليبدأ التحبير والنسيج.

ما عساه يكون ذلك الكلام الذي أرغب أن يقرأه اطفالي عندما يكبرون. في حين تكون الأم قد بلغت من العمر حدّ العجز في الدنيا أو في حدود خارجها من عالم الآخرة.

ماذا تكتب الأم لأولادها حتى يكون ذخيرة لهم وزاداً وعتاداً، فإذا ما اطلعوا عليه لاذوا بحصن ووضح لهم سبيل الخلاص أظن أنه الكلام عن الحفظ والمعية والثبات، وعن العيش في ظل الاصطفاء الرباني.

إن الحياة إذ تعصف بنا برياحٍ باردة وأعاصير مثلجة، ترتعش لها قلوب الأمهات وجلاً من فتنها وزمهريرها أن يصيب حبات روحها وفلذات كبدها.

أشد ما تخشاه الأم أن تتعب وتطعم وتنشئ أطفالها في حنايا عمرها ودقائق قلبها وثواني روحها حتى إذا ما بلغوا من العمر مرحلة الزهرة الناهضة والأقحوانة المنعشة والقوة الصاعدة، تلقّفتهم أيادي الدنيا الجارفة وتحكم بهم الهوى الحارق، وتلاعبت بهم فتون الشهوات.

إن قلب الأم حين يتصور وقوعهم في أحابيل الشرّ يزداد خوفه من ذلك المستقبل القاتم فتنسل من بين صراع خواطرها وضجيج أفكارها ومعمعة حياتها، إلى محراب دمعاتها فتناجي ربها بالحفظ والأمن والمعية لأبناء قلبها.

إنها لا ترجو النجاة لهم فقط، بل تطمع في الحصن الحصين، ولا تبغي السلامة بقدر ما تتمنى أن تزدهي السلامة بمعية ربانية تجلل رؤوس أطفالها وشبابهم وشيخوختهم وختام مسكهم.

إنها بقدر ما تخشى المخاوف والعقبات والمصائب، ترجو وتأمل برب كبير كريم لطيف بالعباد، رحيم بهم رحمة وسعت كل خشية ورأفة وانعطاف في قلب الأم الحنون، فصيرت حنانها ورحمتها أشباها وتخيلات.

الأم العاقلة هي التي ترمي بثقل أحمالها وأشجانها وعواطف أمومتها في كنف الإله الكريم، وحق على الكريم أن يجزل العطاء والمعية فلا يضيع وديعة استودعتها عنده.

تتملكنا كأمهات عواطف جياشة تبلغ في حجمها أن تصبح مخاوفك من الأوهام التي لم تقع، فلعلنا نخاف عليهم من سبعٍ ضارٍ، أو لهبٍ نارٍ، أو أفعى سَموم، أو سقوطٍ دامٍ، وكلها أوهام لم تقع تزيدنا همًّا وحزناً وتحيينا حياةً بائسةً قائدها الخوف وحارسها الذعر وذيلها الاضطراب وقلة التوازن.

لماذا لا نحيي حياتنا مع أطفالنا في ظل معية الله، وفي ظل الاستوداع عند الله، وهل يضيع الله وديعة أودعتها، بلهفةٍ خبأتها وبرفق أسلمتها له!

هذا المنهج الذي أحب أن يعرفه أطفالي حين يكبرون، أن يحذوا على منواله فتكون حياتهم وخطواتهم وأفكارهم لله وبالله ومع الله، حينها (لا تخاف دركاً ولا تخشى).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى